3666 144 055
[email protected]
لم يكن إعلان التحالف لدعم الشرعية في اليمن هذا الأسبوع، التنبيه الأول لضرورة التعامل الصارم مع تصعيد ميليشيا الحوثي الارهابية. اعتقد الحوثيون ومن وراءهم أن هجماتهم العدائية التي استهدفت المنشآت الاقتصادية والأعيان المدنية على الأراضي السعودية، هي الرد المناسب على الدعوة الخليجية للسلام. كانت تلك الهجمات بمثابة رفض الجهود والمبادرات التي قدمها السعودية ودول مجلس التعاون والمجتمع الدولي لحل المعضلة اليمنية.
تمكنت قوات الدفاع الجوي السعودية من إسقاط 9 مسيرات إرهابية. كانت مسيرات الموت الإيرانية تستهدف 5 استهدافات لمنشآت من بينها محطة للغاز في خميس مشيط، ومحطة نقل الكهرباء بظهران الجنوب، ومحطة توزيع تابعة لأرامكو بجازان، ومحطة تحلية مياه بالشقيق.
اعتقد الحوثيون، ومن وراءهم، أنهم سيوقفون إمدادات الطاقة من السعودية. اعتقد هؤلاء أن بإمكانهم العبث بأمن الطاقة دون اتخاذ إجراءات ملائمة وصارمة ضدهم، وبذلك ربما يتمكنوا من تهديد استقرار نمو الاقتصاد العالمي.
إلا أن أمل الإرهابيين تلاشى، فسجل المملكة العربية السعودية في الوفاء بالتزاماتها تجاه الإمدادات البترولية لا تشوبه شائبة منذ انطلاق أول شحنة من بترولها إلى أسواق العالم عام 1939م. لن تتمكن الهجمات الإرهابية المتكررة التي تتعرض لها المنشآت السعودية البترولية، مهما كانت مدعومة تلك العصابات من إيران، من ثني الجهود السعودية عن التخلي عن مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية.
أن يصل استهتار ملالي إيران، وأذرعهم التخريبية الإرهابية في المنطقة، للتعرض لسلامة المملكة ومنشآتها وأعيانها المدنية، فهذه أضغاث أحلام. نحن نتحدث هنا عن تهديد وزعزعة أمن إمدادات الطاقة للعالم كله، وما يتبع ذلك من إضرار بالاقتصاد العالمي ككل، وليس فقط الإعتداء السافر على الأراضي السعودية.
الهجمات الأخيرة، هذا الأسبوع، والتي شنتها العصابات الحوثية الإرهابية على المنشآت البترولية السعودية بدعم وتمويل من إيران، تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية حول العالم. لذلك، فإن مثل هذه الأعمال التخريبية الجبانة تتطلب استجابة عاجلة وحازمةً من المجتمع الدولي كله.
هناك صِلة بين حدثين. الأول أن طهران هي الداعمةُ الأولى للمليشيات الحوثية الإرهابية، وموردة الأسلحة وأنظمة الدعم التي تسمح لهم بتنفيذ هجماتهم على الأراضي السعودية. الحدث الثاني أن المفاوضات مع إيران، بشأن خططها النووية، لم ولن تؤدي إلا لتشجيع إيران على تقديم المزيد من الدعم لهذه الأعمال التخريبية.
من هذا المنطلق، أكدت الرياض أن على المجتمع الدولي أن يعي خطورة استمرار إيران في تزويد المليشيات الحوثية الإرهابية بتقنيات الصواريخ البالستية والطائرات دون طيار المتطورة. الحوثي يستعمل هذه الأسلحة لاستهداف مواقع إنتاج البترول والغاز في المملكة، مما يعني نتائج سلبية على قطاعات الإنتاج والمعالجة والتكرير. التأثير على قدرة المملكة الإنتاجية، يعني عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه توفير إمداداتها البترولية للأسواق العالمية. وقد رأينا كيف تفاعلت اسعار النفط مع هذه الزعزعة، حيث قفزت الاسعار امس بنسبة قاربت 8% حتى اعداد هذا المقال، حيث بلغت الاسعار 16.71 دولار للبرميل.
الرياض أكدت على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في المحافظة على أمن واستمرار واستقرار إمدادات الطاقة، وضرورة وقوفه بحزم ضد المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن العالمي. المعطيات القانونية معروفة، فالمملكة التزمت، في إطار تحالف دعم الشرعية، بكل القوانين المرعية أثناء مواجهاتها مع المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، بل واحترمت جميع الأعراف والضوابط الدولية. إلا أن تهديدات هذه الميليشيا الإرهابية مازالت مستمرة.
هذا الوضع يجب أن يتغير، ليس من المنطق أن تتحمل السعودية وحدها تبعات هذه الاعتداءات السافرة على منشآتها النفطية. على العالم كله الوقوف صفّاً واحداً لردع المخربين الإرهابيين ومن يقفون وراءهم ويدعمونهم بالمال والعتاد.
من غير المنطقي أو المقبول أن تتحمل السعودية وحدها هذه الهجمات الإرهابية المتكررة، وخاصة تلك التي تعرضت لها المملكة خلال الأيام الماضية، فالعالم كله يعاني مشاكل اقتصادية وأمنية في إمدادات الطاقة.
كفانا وصفاً وتحليلاً وتمحيصاً، فالهجمات الحوثية الإرهابية الأخيرة على منشآت النفط السعودية، تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بشكل كبير في العالم؛ مما يتطلب استجابة مختلفة وعاجلة من المجتمع الدولي. حان الوقت، بل ربما تأخر العالم كثيراً في القيام بمسؤولياته تجاه هذا الخطر من إيران وأذرعها في المنطقة.
تعامل الرياض مع هذا الوضع وصدور الإعلان الحازم من وزارة الخارجية السعودية حول إمدادات الطاقة العالمي، رسالة واضحة أن على العالم كله تحمل مسؤولياته في التعامل الصارم مع العدوان على المنشآت السعودية النفطية. لا يمكن للمملكة العربية السعودية وحدها أن تتحمل المخاطر التي قد تنجم عن مثل هذه الهجمات الإرهابية على أمن الطاقة العالمي والاستقرار الاقتصادي. لا يجب أن تترك هذه الهجمات ومن ورائها دون رادع أو عقاب، فهذا الهجوم على منشآت النفط لا يهدد السعودية وحدها، بل العالم كله.
حان الوقت، بل تأخر العالم كثيراً لمحاسبة إيران، الداعم الأكبر للإرهابيين الحوثيين وموردي الأسلحة وأنظمة الدعم حول العالم. أصبحت عصابات الحوثي أكثر وقاحة في تهديدها المتعمد لمعايير الأمن العالمي، وعلى المجتمع الدولي أن يدرك بدون أي تردد، أن المفاوضات مع إيران حول خططها النووية لا تؤدي إلا لتشجيع هذه الأعمال التخريبية.
أما من يسعون “لتمييع” الصورة البشعة لوجه إيران، فهذا لن يقتصر أثره على السعودية فقط، بل ستمتد آثاره على أمن الطاقة العالمي بأكمله. السعودية وقفت بمفردها سداً منيعاً أمام محاولات التأثير على إمدادات البترول للأسواق العالمية، بما فيها تأمين خطوط الملاحة البحرية تجاه الهجمات المتكررة التي تنفذها ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر وخليج عدن.
على العالم كله تحمل مسؤولية منع ومعاقبة ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، من استهداف المصالح الحيوية والمنشآت النفطية داخل المملكة العربية السعودية. على العالم كله تحمل مسؤولياته والوقوف بكل حزم تجاه استمرار نظام طهران بتزويد الميليشيات الإرهابية بالمنظومات الصاروخية والمسيرات المتطورة.
المملكة العربية السعودية ملتزمة بدورها القيادي واللاعب الأهم في العالم الداعم لاستقرار الطاقة العالمي. لا يمكن لأحد أن يستهين بهذا الأمر تحت أي ظرف، لأن المملكة تسعى للمحافظة على مصالح المنتجين والمستهلكين كعنصر استقرار أسواق النفط العالمية.
إلا أنه من غير المنطقي أو المقبول أن تستمر المملكة العربية السعودية بالتعايش مع التهديدات الإرهابية الحوثية المدعومة من إيران لسنوات قادمة. اليوم يمر العالم بمنعطف حرج بالنسبة للأمن العالمي وأسواق الطاقة، وعلى العالم كله أن يتحمل مسؤولية نقص الإمدادات في ظل الاستهدافات المتكررة على منشآت المملكة العربية السعودية النفطية، فهذا تهديد للعالم كله.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734