الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
غالبا ما يدور في صفحات الانترنت و التواصل الاجتماعي، نقاشات او تذمر بخصوص مواضيع لم يتم تقنينها، أو انتهاكات لقوانين أو قوانين تعاني من ثغرات. كما نشهد ايضا على اخبار تتعلق بالعنف الأسري وقضاياه المختلفة، الفساد واشكاله المتنوعة، الجرائم المالية و الاقتصادية وطرقها التي تتطور يوما بعد يوم. هذا الامر يجعلنا احيانا نقف وقفة تأمل حول ايجاد الحلول لمثل هذه المسائل. قد يتم التعامل مع مثل هذه المواضيع بعد بروزها للسطح من خلال الإعلام الرسمي وغير الرسمي. وهذا احيانا ينطوي على مغالطات و معلومات غير مكتملة تستغل لاثارة الرأي العام. و أحيانا هناك قضايا بعيدة كل البعد عن الاعلام لتستغل من قبل المستفيدين مثل في بعض الانشطة التجارية التي تستغل لغسل الأموال بسبب الفراغ التنظيمي لها. السؤال هنا، كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة، عندما تكون لدينا قضية ذات حق عام، سواء تمت اثارتها اعلاميا ام لا؟
غالبا، ما يتم التعامل مع هذه الأمور بشكل يحقق الصالح العام ويحل المشكلات، مثل سن قوانين لحماية الطفل و قوانين لحماية الاسرة، وقوانين لمكافحة الفساد. لكن، كيف نعلم عن حاجتنا عن مثل هذه الانظمة، قبل ان يحدث امرا يشبعه المجتمع لتا وعجنا بدون ان يكون هناك أساس لها. هناك ما يسمى بالتقاضي الاستراتيجي او ما يُطلق عليها أحيانًا اسم التقاضي المؤثر. يتضمن التقاضي الاستراتيجي اختيار وتقديم قضية إلى قاعة المحكمة بهدف إحداث تغييرات أوسع في المجتمع، ولفت نظر السلطات الى مشكلات لم تكن محط تركيز من قبلها. التقاضي الاستراتيجي يهتم باستخدام القانون لترك بصمة دائمة تتجاوز مجرد الفوز بالقضية المطروحة. وهذا يعني أن قضايا التقاضي الاستراتيجي معنية بالآثار التي ستحدثها على عدد أكبر من السكان والحكومات
وبالتالي، التقاضي الاستراتيجي يختلف عن ما اعتادت مسامعنا عليه بخصوص مفهوم التقاضي العادي، والخدمات القانونية التقليدية. تقدم مؤسسات الخدمات القانونية التقليدية خدمات قيمة للعملاء الأفراد، وتعمل بجد لتمثيل هؤلاء العملاء في المحاكم او في جهات خاصة او عامة، وتقديم المشورة لهم في أي أمر قد يجلبونها لممثلهم القانوني. ولكن نظرًا لأن الخدمات القانونية التقليدية تتمحور حول العميل ومحدودة بموارد المؤسسة المقدمة ، فغالبًا ما لا توجد فرصة للنظر في القضايا كصورة متكاملة وأثرها بشكل عام على الانظمة، والاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي. من ناحية أخرى ، يركز التقاضي الاستراتيجي على تغيير السياسات وأنماط السلوك بشكل أوسع. لهذا السبب ، لم يتم تصميم التقاضي الاستراتيجي لتقديم أفضل الخدمات القانونية لأكبر عدد ممكن من الأشخاص كما تفعل الخدمات القانونية التقليدية. وإنما هو عبارة عن قوة التأثير في تطوير مبادئ قانونية، سد ثغرات قانونية في انظمة موجودة، سن تشريعات لم تكن موجودة من قبل، إنفاذ القانون، وتفعيل اتفاقيات دولية لم يتم أعمالها.
من أهم القضايا التي يمكن أعمال التقاضي الاستراتيجي فيها قضايا بشأن الفساد وتعزيز إنفاذ مكافحة الفساد، التقاضي الاستراتيجي لحوكمة إدارة الموارد الطبيعية ؛ و التقاضي الاستراتيجي حول الحوكمة الوطنية لاستدامة الموارد الطبيعية. التقاضي الاستراتيجي بشأن بعض القضايا الاجتماعية و الاقتصادية.
وبشكل عام، إن إنفاذ قوانين وسياسات مكافحة الفساد أمر بالغ الأهمية للحد من الفساد ، وقد تم استخدام التقاضي الاستراتيجي لتحقيق هذه الغاية. حيث ان انتشار الفساد الاداري و المالي هو مصدر أساسي للتدهور الاقتصادي والأمني. وبالتالي، وبمساعدة النمو في التشريعات المحلية والمعاهدات الدولية والإقليمية التي تحظر الفساد، يأتي دور التقاضي الاستراتيجي من اجل مساعدة الاجهزة ذات العلاقة على تطوير الانظمة المحلية، ولفت نظرها لمواضيع لم تكن محط اهتمام كبير من قبل.
اخيرا، عند الحديث عن التقاضي الاستراتيجي، لايعني انه الحل الفعال الوحيد للمشكلات التي تواجه التشريع و انفاذ القانون. وانما يعني ان التقاضي الاستراتيجي له دور فعال بشأن زيادة الوعي بالقضايا ذات الاهمية والتأثير على المجتمع بجوانبه المختلفة. وتفعيل مثل هذا النوع من القضايا، يساعد السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية بتطوير الأدوات التي تساعدها لتفعيل سلطاتها بما يحقق الصالح العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال