3666 144 055
[email protected]
لا أعتقد أنه يمكننا نسيان الأزمة المالية التي حدثت في 2008 وهزت العالم، وذلك بسبب انهيار بنك Lehman Brothers الذي بدوره أشعل فتيل الأزمة المالية في العالم كله والتي لازال البعض يدفع ثمنها حتى الآن. فبناءً على تقرير نشرته صحيفة The Sunday Morning Herald في 2018، إن المواطن الأمريكي العادي سوف يخسر 70 ألف دولار من دخله مدى الحياة جراء تلك الأزمة، والتي كان سببها باختصار هو المخاطرة المتهورة من قبل بعض المؤسسات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وحسب تقرير آخر نشرته صحيفة Strategic Risk في 2021، فإنه غالبًا يحظى الرجال على النصيب الأكبر من وظائف إدارة المخاطر سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص. وليس الهدف من مقالي هذا اعادة ما نشرته وتناقلته الصحف والمجلات حول موضوع أزمة 2008 وأسبابها، ولكن لتسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجال إدارة المخاطر.
حسب أبحاث أجراها صندوق النقد الدولي 2018، فإن وجود القيادات النسائية في مجال المالية وإدارة المخاطر سوف يسهم في تحسين جودة عملية اتخاذ القرار. كذلك تؤكد تلك الأبحاث على أن وجود العنصر النسائي في مجالس إدارة البنوك ووكالات الاشراف المالي قد يسهم في التعزيز من استقرار تلك الجهات ونموها. أنا هُنا لا أُقلل من الرجل وأهميته ولا أدعو إلى أن تحل المرأة محله في تبوء المناصب القيادية، ولكني أُشير إلى أهمية التنوع Gender diversity وتمكين المرأة في إدارة المخاطر بسبب المهارات التي تمتلكها في هذا المجال. هُناك بحث قامت به Barbara Casu في كلية Cass لإدارة الأعمال في لندن ونشرته مجلة هارفارد بزنس ريفيو 2021، ذكرت فيه بأنه لا تفضيل للنساء على الرجال، ولكن تتميز المرأة بقدرتها على الرقابة الفعالة وإدارة المخاطر، وهذه المهارات مهمة جدًا خاصة في عالم الأعمال اليوم.
حقيقةً هُناك بعض الأساطير التي نُشرت حول المرأة، والتي تتعلق بسعيها إلى تجنب المخاطر على الرغم من أن نجاح الأعمال واستمراريتها يقوم على جزء كبير من المخاطرة. كذلك هُناك أساطير أخرى تزعم بأن المرأة ليس لديها دوافع لتحقيق الربح، وهذا كله لا أساس له من الصحة. فبناءً على تقرير نُشر في صحيفة Strategic Risk في 2021، فإن أكثر من نصف الأعمال الصغيرة في أمريكا الشمالية مملوكة كليًا أو جزئيًا للنساء، وما يُقارب الثلث في المملكة المتحدة.
المرأة في الواقع لا تتجنب المخاطر وانما بطبيعتها تخشى من المخاطرة العالية والمتهورة. كذلك نجدها لا تنفرد في عملية اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية وإنما تميل إلى التحدث مع ذوي الخبرة والمعنيين بالأمر لطلب النصح والمشورة قبل الاقدام على أي قرارات قد لا تُحمد عقباها. والجدير بالذكر أن وجود امرأة واحدة في مجلس الإدارة مثلاً قد لا يفي بالغرض لأنه سيظل تأثيرها على عملية اتخاذ القرار وإدارة المخاطر محدود جدًا. وفي هذا أكدت الباحثة Barbara Casu لمجلة هارفارد بزنس ريفيو على أهمية وجود ثلاث نساء على الأقل في مجلس الإدارة.
وقد بدأت المملكة في تمكين المرأة في مجال إدارة المخاطر، حيث شغلت الأستاذة رانيا نشار منصب مستشار صندوق الاستثمارات العامة ورئيس للامتثال والحوكمة منذ بداية 2021 وحتى الآن. كذلك شغلت الدكتورة مريم فيكتشلو منصب رئيس للحوكمة وإدارة المخاطر لشركة البحر الأحمر وأمالا، وهذا يؤكد لنا كفاءة المرأة وقدرتها على إدارة المخاطر.
تمكين المرأة في إدارة المخاطر إلى جانب مناصب قيادية ودبلوماسية عدة يعكس لنا الثقة التي أولتها القيادة الرشيدة لها والتي تأتي ضمن سعي المملكة الحثيث لتمكينها وتفعيل دورها في سوق العمل. وحقق ملف تمكين المرأة في السنوات الأخيرة تطور ملحوظ وذلك بعد تخصيص هدفًا استراتيجيًا مستقلاً لها ضمن رؤية المملكة 2030. وأود أن أختم بقول سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ” لاشك أن المرأة عملها مهم جدًا، وهي نصف المجتمع، ولابد أن تكون فعالة ومنتجة في السعودية”.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734