الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في القطاع غير الربحي، يعتبر المال الموضوع الأساسي الذي يناقش بين قادة المؤسسات غير الربحية: من هذه التساؤلات المهمة لهذا القطاع، ما مقدار ما نحتاجه من المال؟ من أين يمكن أن نجده؟ لماذا لا يوجد المزيد منه؟ أما في الأوقات الاقتصادية الصعبة ، تصبح هذه الأسئلة أكثر تكرارًا وإلحاحًا على القادة العاملين في هذا القطاع. لسوء الحظ ، فإن الإجابات لهذه الاسئلة ليست متاحة في وقت الأزمات. ويرجع ذلك إلى أن قادة القطاع غير الربحي ينصب تفكيرهم بشكل أكبر في إنشاء برامج الإعانة اكثر من خلق مصادر لتمويل مؤسساتهم ، وغالبًا المتبرعين و فاعلو الخير ليسوا مصدرا مستمر لتمويل مؤسسات القطاع غير الربحي.
هذا يعني أن القطاع غير الربحي يعاني من عقبة في غاية الاهمية الا وهي الغموض المالي. بمعنى أن أنشطة المؤسسات غير الربحية في أعمال الخير لا تتناسب مع مصادر التمويل. بعبارة اخرى مشاريع الإنفاق على أعمال الخير تعتبر أكثر وضوحا و ابتكارا من وسائل تمويل هذه المشاريع. بالاضافة الى انه حتى عندما تملك المؤسسة غير الربحية ميزانية جيدة، فقد يكون صرف هذه الميزانية ليس بالشكل الذي يضمن نجاح المؤسسة و يدعم ديمومتها. والنتيجة هي تعثر البرامج الواعدة التي كانت ناجحة في بدايتها أو تقليصها او انهائها تماما. ونتيجة لهذه الازمة المالية التي تعاني منها المؤسسة، فسوف تعمل بشكل فوضوي من أجل جمع التبرعات محاولة منها لانقاذ ما يمكن انقاذه.
قد يتبادر الى ذهن البعض، ما دام أن القطاع غير الربحي يحتاج الى نماذج لتمويل مشاريعها، فإنه يفترض تطبيق نموذج الشركات على القطاع غير الربحي خاصة عندما تتحول الى شركة غير ربحية. إجابة هذا التساؤل في نوع من التداخل. بداية، في العالم الربحي، هناك درجة عالية من الوضوح فيما يتعلق بالشؤون المالية. خصوصا عندما يتعلق الأمر ادارة الشركات والتي يمكن وضعها في إطار نماذج ادارة الأعمال. وعلى الرغم من عدم وجود قائمة محددة بنماذج الأعمال التجارية، إلا أن معايير إدارة الشركات التجارية متشابهة. وهناك اتفاق عام حول امكانية تدخل المستثمرين والمدراء التنفيذيين في مناقشة قرارات مجلس الإدارة وبناء استراتيجية الربح. كما أنه في حالة الخسارة، يتم استحداث استراتيجية لتقليل الخسائر و تعويضها بناء على نوع العلاقة بين العملاء وبين نشاط الشركات الربحية. مثلا، شركة منتجات بلاستيكية تتعرض للخسارة، يتم بناء استراتيجية لرفع نسبة المبيعات وتقليل النفقات بشكل يعوض الخسارة و يحقق الربح مستقبلا. وبالتالي، قادة القطاع الربحي يملكون سرعة الحركة في كيفية نجاحهم في السوق. كما ان القطاع الربحي يسمح للمستثمرين باستجواب المديرين التنفيذيين بسهولة أكبر حول الكيفية التي يعتزمون بها جني الأموال. يزيد هذا من احتمالات نجاح الشركات الربحية، اذ أن المستثمرين يهتمون بكسب المال ، وسيتعلم من هو في هذا القطاع من تجاربهم.
على النقيض، نادرًا ما ينخرط العالم غير الربحي في محادثات و نقاشات واضحة وموجزة بنفس القدر الموجود في القطاع غير الربحي حول استراتيجية التمويل طويلة الأجل للمؤسسة. وذلك لأن الأنواع المختلفة من التمويل التي تغذي المؤسسات غير الربحية لم يتم تحديدها بوضوح . أحد أسباب عدم قيام القطاع غير الربحي بتطوير دليل نماذج التمويل هو أن إدارة المؤسسة غير ربحية أمر أكثر تعقيدًا بشكل عام من إدارة أعمال ربحية ذات حجم مماثل. عندما يجد مشروع تجاري هادف للربح طريقة لخلق قيمة للعميل ، فإنه يجد بشكل عام مصدر دخله ؛ يجعل العميل يدفع امواله مقابل شراء السلعة. غالبا، تطبيق هذا النموذج صعب جدا في القطاع غير الربحي. عندما تجد منظمة غير ربحية طريقة لخلق قيمة للمستفيد (على سبيل المثال ، إعادة دمج السجين في المجتمع أو توفير مساكن للمحتاجين) ، فإنها لم تحدد محركها الاقتصادي الذي سيمولها لتصل إلى أهدافها.
في دراسة حديثة أجريت على 144 مؤسسة غير ربحية تم إنشاؤها منذ عام 1970، وجد الباحثون أنها نمت بحدود 50 مليون دولار سنويًا أو أكثر من ناحية الحجم . وكان سبب النمو هو اهتماما بشكل كبير في خلق مصادر تمويل محددة تكون مناسبة لدعم أنواع معينة من العمل. وقد أنشأ كلٌّ هذه المؤسسات أيضًا قدرات داخلية عالية الاحتراف لجمع الأموال. بعبارة أخرى ، كان لكل من أكبر المنظمات غير الربحية نموذج تمويل متطور.
في نهاية هذا المقال، من المتهم التفرقة ما بين نموذج تمويل متطور وبين نموذج إدارة الأعمال. ادارة الاعمال تنصب بشكل كبير على جانب القطاع الربحي. هذا لا يعني عدم استخدام نماذج ادارة الأعمال في القطاع غير الربحي. وانما يعني ان ليست كل معايير إدارة الأعمال للقطاع الربحي يمكن تطبيقها على مؤسسات القطاع غير الربحي. في حين ان نموذج تمويل متطور هذا يكون للقطاع غير الربحي ذا طابع مختلف بشكل كبير عن ادارة الأعمال في القطاع الربحي. نماذج لتمويل المشاريع الخيرية يعني إيجاد مصادر دخل للمؤسسات وادارة صرفها بشكل يحقق معايير الشفافية والمساءلة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال