الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما ان لم تنتهي حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي حتى دخلت حالة أخرى من عدم اليقين فالاقتصاد العالمي لايزال يعاني من وطأة جائحة كورونا لتدخل ازمة أخرى وهي الأزمة الروسية الأوكرانية والتي يبدو انها ستلقي بظلالها على تعميق الجراح الاقتصادية العالمية مجدداً حيث يسيطر القلق على المشهد الاقتصادي العالمي هذه الأيام ذلك ان النظام الاقتصاد العالمي وكما تحدثت في مقالات سابقة لم يكن ولا زال يملك القدرة على امتصاص أي ضربات جديدة فاليوم يبدو ان الضربات التي واجهته مؤلمة ولا احد من المحللين او المفكرين الاقتصاديين يستطيع الجزم باستقامته ناهيك عن الازمات الأخرى التي ولدت وستولد من رحم هاتين الأزمتين.
لقد اربكت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي كثيرا واحدثت شروخا من الصعب التئامها على المدى القصير مثل التضخم العالمي وأزمة إمدادات سلاسل التوريد واختلاف الرؤى حول السياسات النقدية في الدول المتقدمة لتأتي مجددا ازمة روسيا وأوكرانيا والتي لا احد يعلم توقيت نهايتها او تداعياتها العميقة في جانب الاقتصاد والاستثمارات والسياسات المالية والنقدية او حتى التحليل الاقتصادي المثالي المتوازن لحلول المرحلة في إشارة واضحة الى انها قد تطول كثيرا .
في الحروب هناك اقتصاد الحروب وبالرغم من تعدد تعريفاته العلمية الى انه يصب في اتجاهين مهمين الأول كما هو الحال في الحروب العسكرية هناك حروب اقتصادية تتمثل في توظيف التركيبات الاقتصادية بين الدول المتنازعة كسلاح اقتصادي مثل الحصار والمنع والتقويض وتجميد الممتلكات وغيرها ، والثاني انه خلال النزاع العسكري يتم توظيف وإنتاج الموارد الاقتصادية وتخصيصها لدعم الجهود العسكرية وفي كل الحالتين يحدث استنزاف وتعطيل للدورة الاقتصادية وكفاء الأداء في الاقتصاد الكلي للدول المتنازعة ناهيك عن بطئ الأنشطة التجارية والاستثمارية .
لقد بدأت ملامح الاتجاه الأول تظهر جليا فالتأثيرات السلبية بدأت بتعرض روسيا لواحدة من أقوى وأسرع واوسع عقوبات اقتصادية تفرض عليها وهو بلا شك مؤثرة على الحراك الاقتصادي العالمي بالرغم من ان الاقتصاد الروسي والأوكراني يشكلان نسبة صغيرة من حجم الاقتصاد العالمي .
تشهد الأسواق العالمية حاليا حالة من الارتباك الشديد وذعراً تُرجعنا به الذاكرة الى ازمة العام 2008 عندما سجل النفط اعلى مستوى له عند السعر 147 دولار بيد ان قياس التأثير مختلف فالاقتصاد في السلم يختلف عن الحرب ولكن المحصلة في النهاية حدوث الركود الاقتصادي وتراجع الأداء الإنتاجي وننقص في الموارد فعناصر الإنتاج : العمل ورأس المال والموارد الطبيعية لا يتم تشغيلها عند اعلى مستوياتها ناهيك عن تقويضها في الحرب من خلال القتل والدمار.
في الصراع الروسي الأوكراني لم يتوقف جنون الارباك في أسعار النفط فحسب بل ان هناك الكثير من المعادن والسلع الأساسية مما سينعكس بشكل مباشر على تفاقم مشكلة التضخم الآخرين، مما قد يؤثر في المقابل على ارتفاع نسب البطالة في بعض الاقتصاديات بسبب ذلك، ومن ناحية أخرى ستنخفض أيضا الكميات المعروضة في الأسواق بسبب المزيد من الضغوط عليها من عدة اتجاهات ومنها على سبيل المثال ارتفاع تكاليف الإنتاج ومرونة الامدادات والمشاكل المالية والنقدية العالمية حالما تتوسع مشكلة الصراعات الى صراعات أخرى في جوانب السياسات النقدية والبنكية والعملات والحرب الالكترونية والحصارات وغيرها مما سيزيد المخاوف من “الركود التضخمي” والذي يعني : حالة من ارتفاع الأسعار بسبب نقص المعروض في ظل ارتفاع ضغط الطلب العالي بما سيحرك السوق بعيدا عن نقطة التوازن الى الاعلى سعريا وبالتالي حدوث دورة انكماشية جديدة حيث أظهرت التقارير مؤخرا بعض الإنذارات بحدوثها ومن ذلك ما تم تناقله من صور ومقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث تجاوز متوسط سعر جالون البنزين 4 دولارات في الولايات المتحدة الامريكية ، وهو المستوى الأعلى منذ عام 2008 فيما وصل في ولاية كاليفورنيا إلى مستوى فوق 5 دولارات.
يتبع الأسبوع القادم ..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال