من يحمي المستثمرين الملائكيين من رواد الأعمال الجامحين؟

لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن أشاهد عبر قنوات المال والاعمال، التي تبث برامجها عبر المنصات المختلفة، مقابلة قصيرة أو لقاء مطول مع أحد رواد الأعمال.

عادة ما يكون في تلك اللقاءات رواد الأعمال من الشباب، في العقد الثالث من العمر، فخورين بما حققوه من نجاحات، أتت بعد العديد من الإخفاقات التي كلفتهم الملايين من الريالات.

عفوا، لم تكلفهم “هم” بعينهم، فالنصيب الأكبر من الخسارة المترتبة كنتيجة شبه حتمية لمغامراتهم التجارية التي تفتقد خبرات المخضرمين، في الغالب تكبدها عوضا عنهم شركاءهم من “مستثمرين ملائكيين”.

مستثمرين اختاروا بكامل ارادتهم الاستثمار في منشأة دون ان يكون لهم أدنى تأثير على قرارات المنشأة، حيث ان القرارات تترك بالكامل لإدارة المنشأة ( رائد الأعمال).

المقلق في المشهد هو مدى فخر بعض رواد الاعمال من الشباب الطموحين بحجم رؤوس الأموال التي بددوها خلال مغامراتهم الاستثمارية، بأموال مستثمرين ملائكيين، قد لا يملك بعضهم الحد الأدنى من المعلومات المتعلقة بحجم المخاطر المصاحبة لتلك المغامرات الاستثمارية التي يقودها بعض رواد الأعمال الجامحين.

الكثير من المستثمرين الملائكيين هم مستثمرين محترفين، يملكون الأدوات اللازمة لاتخاذ القرار الاستثماري المناسب.

في المقابل، هناك ايضا مستثمرين ملائكيين بسيطين، لا يملكون جميع المقومات اللازمة لاتخاذ القرار الاستثماري المناسب. لا من حيث جدوى وعائد الاستثمار، ولا درجة المخاطرة المترتبة على ذلك الاستثمار.

مثال على هؤلاء المستثمرين الملائكيين: الفنانين، الرياضين، الورثة، المتقاعدين، وغيرهم من المستثمرين الذين لا يعون حجم المخاطرة المترتبة على دخولهم كمستثمر ملائكي في مجرد فكرة مشروع لم ترى طريقها إلى النور بعد، او مشروع ناشئ يخطو اولى خطواته إلى بر الامان املا في الاستمرارية و النجاح.

في المجمل، الفرص الاستثمارية الحقيقية و المرخصة التي يتم الإعلان عنها في الأسواق الحرة من قبل رواد الاعمال لا تضمن للمستثمر الملائكي اكثر من حصته الاسمية في المشروع. كذلك أيضا، غالبا ما تضمن تلك الفرص الاستثمارية عدم دخول المستثمر في مديونيات شخصية كنتيجة لاستثماره. فتلك الفرص الاستثمارية المعلنة من قبل رواد الاعمال تكون في هيئة كيانات ذات مسؤولية محدودة.

في الاقتصاديات الحرة، لا يوجد هناك قانون يمنع رائد الأعمال من تأسيس كيان تجاري (شركة) بسجل تجاري صحيح، و عقد تأسيس قانوني كامل النصاب، كفيل بتوفير الحماية المتعلقة بحقوق الملكية لكافة المستثمرين بمن فيهم المستثمرين الملائكيين. لكن، تظل الحلقة المفقودة في الصورة المثالية للاستثمار الملائكي في كثير من الأسواق، هي غياب هيئة مستقلة، معنية بتصنيف درجة مخاطر الفرص المطروحة، والتي يتم تسويقها من قبل رواد الأعمال للمستثمرين الملائكيين، حيث يتوقع من تلك الهيئة المقترحة القيام بإصدار “شهادة تصنيف المخاطر” كشرط اساسي غير قابل للطي او الاستثناء، قبل السماح لرائد الاعمال او من يمثله، بالتسويق للأفكار والمشاريع الناشئة، وذلك لإتاحة الفرصة للمستثمر المحتمل معرفة حجم ودرجة المخاطرة (خطرة – متوسطة – امنة) المترتبة على استثماره في فكرة قيد التأسيس، او كيان قائم، قابل للنمو وكذلك ايضا الزوال.