الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أولاً: الله البادي ثم مجد بلادي
يحمل شهر إبريل ذكرى خاصة ومميزة لدي، حيث أنه في يوم 25من شهر إبريل لعام 2016م, تصدر خبر رؤية المملكة 2030 الصحف والقنوات ووسائل التواصل الاجتماعي والمجالس والعالم أجمع, وأصدقكم القول بأني في ذلك اليوم لم يغمض جفني وحُرم على عيناي النوم، فلم املَّ من إعادة مشاهدة مؤتمر إطلاق الرؤية الذي تحدث فيه الأمير/ محمد بن سلمان ال سعود – ولي العهد، بهمة عالية وإلمام كبير بجميع برامج وآليات تحقيق الرؤية, ولا أبالغ في قولي أني كمواطن سعودي محب لوطنه وحامداً لنعم الله ظاهرةً وباطنة, أطمح بأن يكون لي بصمة بارزة لجعل هذا الوطن الشامخ الأبي في مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات بما فيها مجال القانون, فبدأت لدي مرحلة جديدة مليئة بالحماس والتحدي الكبير لإحداث تغيير وتطوير في مجال القانون وإدخال التقنية على هذا المجال, حيث أنه من خلال بحثي وعملي بالمحاماة لم أرى هناك استفادة كبيرة من التقنية والتكنولوجيا حتى مع تحول التقاضي إلى تقاضي إلكترونية (عن بٌعد) إلا باستخدامات بسيطة كالبريد الإلكتروني ونشر الثقافة القانونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي, وهذا لا ينكر جهود بعض الأخوة المحامين فمنهم من قام بعمل برامج تساعد على فرز القضايا وترتيبها وتنظيمها ومنهم من قام بعمل تطبيقات على الأجهزة الذكية تقوم بتقديم الاستشارات والخدمات القانونية, ولكن لا زال هناك فجوة كبيرة بين المحاماة والتقنية وبالأخص الذكاء الاصطناعي ويبدوا أن الأمر يحتاج إلى مصالحة بينهم.
(: وقد يثور تساؤل بين المختصين في مجال المحاماة على أننا لم نصل لمرحلة تسمح بالاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في مهنة المحاماة وأن هذا الكلام مجرد تنظير ولا وجود له على أرض الواقع في مهنة المحاماة؟
والإجابة على هذا السؤال تحتاج لوقت وتفصيل ولعلي أوجز إجابتي في محورين:
المحور الأول: الشركات الأجنبية ومهنة المحاماة:
إن غزوا التقنية لمهنة المحاماة بالمملكة بات قريباً وبشكل متسارع من وجهة نظري وذلك لأسباب كثيرة من أهمها تحول العالم إلى هذا المجال في جميع تعاملاته وأن أغلب شركات المحاماة الأجنبية تعتمد على التقنية بشكل كبير ويثبت صحة هذا الادعاء التحالفات القائمة بين المحامين السعوديين والأجانب وكيفية اعتماد هذه الكيانات على التقنية بشكل كبير وبقاء المحامين السعوديين في الوضع التقليدي السابق يجعل حصتهم في السوق تمثل نسبة صغيرة جداً من قيمة الأعمال في سوق المحاماة السعودية بكافة مجالاته, فنحن في المملكة مقبلين على نهضة تنموية واقتصادية وتقنية كبيرة, تحتاج أن يكون في مقابل ذلك كيانات قانونية متميزة ومتطورة بشكل مستمر, وليس من المقبول أن تستمر الكيانات القانونية على الحياة الورقية في تعاملاتها, وليس من المقبول أن تنتظر هيئة المحامين والمحامين أن يتم غزوا سوق المحاماة السعودي من قبل الشركات المحاماة الأجنبية أو شركات المحاماة الوطنية المتعاونة مع شركات أجنبية أو شركاء أجانب, والذين يبادرون على تمكين التقنية والذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص في تعاملاتهم, فهل يجب أن ننتظر تلك اللحظة لتدارك الوضع..!!
المحور الثاني: صدمة كورونا:
إن ما مر به العالم من آثار جائحة كورونا من نواحي اقتصادية واجتماعية وكذلك قانونية تُجيب بشكل كبير على التساؤل السابق وتحتم على هيئة المحامين والمحامين القيام بوضع خطط تطويرية تسابق الزمن للنهوض بهذه المهنة, فمن كان يتوقع أن تتوقف جميع الأعمال بالعالم جراء هذه الجائحة ولعلها تحدث صدمة إيجابية لمجال المحاماة بالاعتماد على التقنية, ومن أهم المجالات التي يجب أن يطرقها المحامين هي مجال الأمن السيبراني, وتقنيات البلوكتشين وهي (سلسلة الكتل الآمنة), والسوق الرقمية والعقود الذكية, والبرمجة , والحقوق الملكية الفكرية في مجالات التكنولوجيا وكذلك إدارة وتشغيل المكاتب القانونية بالشركات والجهات الحكومية فلم يعد عمل المحامي قام على إدارة شركته أو مكتبه فقد اتجهت معظم الشركات وبعض الجهات الحكومية إلى إسناد تشغيل الإدارات القانونية بها لشركات المحاماة.
ومن الأخبار التي قد تساهم في بث روح التطوير والاهتمام في مجال الذكاء الاصطناعي والقانون هو إعلان وزير المالية محمد الجدعان في مؤتمر مبادرة الاستثمار عن قيام 44 شركة عالمية لافتتاح مقراتها الإقليمية بالرياض وذلك تماشياً مع رؤية المملكة 2030, وكذلك إعلان الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز عن شراكتهم مع 10 شركات عالمية في مجال التقنية وسيتم على أثر ذلك افتتاح اكاديميات متخصصة ومتقدمة في مجالات التقنية بالرياض, وهذه الإعلانات تساهم في رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى 1.7 تريليون ريال سنوياً في عام 2030.
أخيراً:
يقول امرؤ القيس
ولو أنَ ما أسعى لأدنى معيشةٍ
كفاني -ولم أطلبْ- قليلٌ مِن المالِ
ولكنما أسعى لمَجدٍ مؤثَّلٍ
وقد يدركُ المجدَ المؤثَّلَ أمثالِي
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال