الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقال لنا تم نشره في صحيفة مال بتاريخ 22 أكتوبر 2021 حمل عنوان “العمل أربعة أيام في الأسبوع فقط!”، نال هذا المقال حلقات نقاش متعددة في عدة مجالس واكبها وعاشها كاتب المقال، وهذا ما دفع الكاتب بأن يوسع الدائرة للبحث بهذا الخصوص، ويضع الجزء الثاني للمقال كهدف لهذا الأسبوع.
فوفقًا لاستطلاع غالوب العالمي يعتبر العمل الهادف هو جزء أساسي من حياة جيدة، وأن يكون العمل مجزيًا بشكل غني هو واحدة من أكثر الرغبات البشرية عالميًا وذلك يتمثل في الحصول على وظيفة جيدة. إلا أن المشكلة الحقيقية هي أن معظم الموظفين يعيشون ساعات عملهم بشكل ليس ذو إنتاج فعلي، أو عائد اقتصادي. فعلى الصعيد العالمي، لا يشارك ثمانية من كل 10 موظفين بنشاط في العمل. (وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة لا يشارك 7 من كل 10 موظفين بنشاط في العمل) فهؤلاء الموظفين إما يراقبون الساعة أو يعملون بنشاط ضد صاحب العمل، ولاشك أن الرغبة في الهروب من العمل هي أعراض أماكن العمل غير السعيدة.
علاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن الوقت المرن هو الميزة الأكثر رغبة بين الموظفين، ومع الزيادة في نماذج العمل الهجينة في المستقبل، فمن المنطقي استخدام نموذج الوقت المرن بدلًا من تشريع ساعات أو أيام العمل مع التركيز على رفع مهارات المديرين وذلك لتحقيق الأدوار والتدريب المستمر والمساءلة.
وهنا نشير إلى أنه إذا ركز أصحاب العمل على تحسين جودة تجربة العمل، فقد يكون لديهم ما يقرب من ثلاثة أضعاف التأثير الإيجابي على حياة الموظفين مقارنة بتقصير أسبوع عملهم.
ومن هذا المنطلق؛ ما زالت تتوالى التجارب لأسبوع الأربعة أيام عمل، وتظهر النتائج زيادة في رفاهية العمال دون انخفاض (بل وأحيانًا زيادة) في الإنتاجية، وتوفيرًا للكهرباء وزيادة تآلف الأسرة، والعنصر الأهم الذي قد يكون ذو أثرًا اقتصاديًا أكبر للجميع هو أن قطاع السياحة قد ينتعش بشكل أكبر مع نهاية الأسبوع الأطول.
ومن الجدير ذكره بهذا الخصوص أنه في عام 1930م أثناء فترة الكساد العظيم، تنبأ الاقتصادي جون ماينارد كينز بأن لدينا جميعًا أسبوع عمل مدته 15 ساعة “في غضون مئة عام”، وفي وقته الخاص؛ أفترض كينز صعود التصنيع وأن الاتجاه نحو أساليب عمل أكثر كفاءة سوف يستمر. واقترح أنه بمجرد أن يكسب العامل ما يكفي لدفع ثمن احتياجاته، فإنه سيختار قضاء المزيد من الوقت في المنزل أو في أوقات الفراغ، مما يقلل من أسبوع العمل إلى يومين أو ثلاثة أيام فقط.
وكخيال جذاب للعمال المحاصرين طوال القرن، لم تغادر هذه الفكرة أبدًا الوعي العام، حتى ريتشارد نيكسون خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس في عام 1956، تنبأ بأن أسبوع العمل المكون من أربعة أيام قادم “في المستقبل غير البعيد”.
وظلت الفكرة مجرد فكرة لما يقرب من قرن من الزمان، حتى جاء عام 1998 عندما سنت فرنسا أول قانون من قوانينها “أوبري” التي خفضت فيه أسبوع العمل إلى 35 ساعة بدلًا من 39 ساعة، مع اعتبار الساعات الزائدة بمثابة ساعات إضافية، وكان هدفهم هو خفض معدل البطالة البالغ 12٪ (في ذلك الوقت) من خلال تقاسم العمل، ونجاح هذا التشريع جعل البلدان الأخرى تعيد النظر في جداول عملها القياسية.
وأخيرًا… مع الاضطراب التكنولوجي الواضح في القرن الواحد والعشرين على غرار اضطراب التكنولوجيا “الحزام الناقل” في 1920 م الذي بشر بأسبوع العمل لمدة خمسة أيام؛ تستمر الفكرة في كرة الثلج. ووفق ذلك أشار قطب الأعمال ريتشارد برانسون إلى دعم التحول إلى أسبوع عمل أقصر ، قائلًا في مقال تم نشره بأنه:
“من خلال العمل بكفاءة أكبر؛ لا يوجد سبب يمنع الناس من العمل لساعات أقل إذا كانت النتيجة هو عملهم بشكل أكثر فاعلية وإنتاجية”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال