الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبدو أن السعوديون وجدوا أن نفايتهم التي يتم التخلص منها بطريقة عشوائية منذ عقود، قد حان الوقت ليحولوها الى نقود تدخل جيوبهم والاستفادة من 150 مليون طن سنويا التي تذهب الى المرادم والحرق، أخيرا سيتم الاستفادة من بعض هذه النفايات عن طريق تدوير البعض منها.
قبل أسابيع دشن المركز الوطني لإدارة النفايات “موان” بشراكة مع القطاع الخاص ودعم من أمانة مدينة الرياض وهي شركة سعودية متخصصة في فرز النفايات البلدية الصلبة إعادة التدوير “سرك”.
الخبر المفرح هو أن شركة الحلول الخضراء لفرز النفايات البلدية الصلبة سوف تنتج من هذه النفايات لأول مرة في السعودية الوقود البديل “RDF” لتزويد قطاع منظومة الصناعة وخاصة قطاع صناعة الاسمنت”الأخضر”وهو منتج صديق للبيئة يقلل من انبعاثات الكربون الناتجة عن الأسمنت.
وقالت شركة “سرك” إن هذه الوحدة ستنتج أكثر من 40 ألف طن سنوياً من الوقود البديل المستعاد من النفايات البلدية، بالإضافة الى استعادة ما يزيد عن 7500طن سنوياً من النفايات القابلة للتدوير، مما سيوفر سنوياً ما يزيد عن 100 ألف برميل من الزيت الثقيل، كخطوة أولى نحو المساهمة في تحقيق الوفر من الوقود المكافئ بما يقارب 24مليون برميل سنويا على مستوى المملكة، باحتساب إجمالي الطاقة الحرارية لكامل النفايات البلدية الصلبة.
وتبلغ مساحة المشروع 4500 مربع ويقع في الساحة المخصصة لمشاريع استعادة وتدوير النفايات في الرياض التابعة لأمانة مدينة الرياض، وروعي في تصميم المشروع جميع الاشتراطات اللازمة والتراخيص النظامية الصادرة عن المركز الوطني لإدارة النفايات (موان)، واشتراطات الالتزام البيئي الصادرة من المركز الوطني للالتزام البيئي.
يساهم المشروع في تحقيق هدف التحول عن المرادم للنفايات البلدية الصلبة بنسبة 70 في المائة في مدينة الرياض بحلول 2025 والاستبعاد عن المرادم بنسبة 94 في المائة على مستوى المملكة بحلول عام 2035 مما يخفض الانبعاثات الضارة بما يعادل 38 مليون طن سنوياً.
هذه الخطوة من الشركات السعودية للاستفادة من النفايات سوف يشجع شركات عديدة للدخول في هذا المجال وربما أسهمت في استقطاب استثمارات أجنبية لشركات عالمية متخصصة في معالجة النفايات وإعادة تدوير ما هو صالح للمجتمع، ونرفع من عدد الشركات السعودية في هذا المجال حيث أن عددها الحالي غير مشجع، ربما لان الأنظمة والتشريعات المتعلقة بمعالجة النفايات حتى الآن غير واضحة للمستثمرين.
بالطبع إنتاج نحو 150 مليون طن من النفايات سوف يصعب للجهات الحكومية في ردمها أو حرقها، ويحتاج الى الكثير من المرادم للتخلص منها وهذا سيكلف على ميزانية الدولة، كما أن لها أثار سلبية نتيجة الحرق للتخلص من هذه النفايات من انبعاثات كربونية ودخان وروائح وانتشار البعوض ونفور الناس وتأثيره على شكل المدينة. وتتجه الكثير من الدول الى تقليص المكبات وإعادة استخدام جميع النفايات بطريقة أو بأخرى بحيث لا يتبقى شيء لملء المكبات. وفي المقابل أدى التطور العلمي والتقني في التعامل مع النفايات الصلبة الى إعادة النظر في الحجم الهائل للمخلفات التي تنتجها الدول يوميا، والنظر إليها كمصادر بديلة للطاقة، حيث يتم التعامل مع هذه النفايات خاصة المخلفات الصلبة كيميائيا لإنتاج طاقة كهربائية أو حرارية، وتشمل النفايات على منتجات البلاستيك والزجاج والخشب والمعادن ونواتج البستنة والورقيات وبواقي الأطعمة، فضلا عن النفايات العضوية من مخلفات بشرية وحيوانية.
طبعا هناك تجارب عالمية في هذا الخصوص، فقد اكتشفت الهند مبكرا مخلفات الأبقار واستخدمتها في إنتاج الحرارة والطهي بعدما قامت بسحب الغازات الحيوية منها بطريقة العزل اللاهوائي والتخمير والاختناق، والنرويج والسويد وأيرلندا تعيد تدوير 34 في المائة من نفاياتها بينما تعيد بلجيكا تدوير 31 في المائة من نفاياتها والنرويج والسويد تفوقتا في استخدام نفاياتها كوقود غير مكلف لتوليد الكهرباء، وتستورد النفايات من دول مجاورة لتشغيل محطات الحرق، ونجحت السويد في تزويد 250 الف منزل بالكهرباء عن طريق حرق النفايات، وتعد كوريا الجنوبية وسنغافورة وهونج كونج من اكثر الدول التي تستفيد من إعادة تدوير النفايات بنسب عالية/ ما بين 45 في المائة من إجمالي النفايات في هونج كونج و49 في المائة في كوريا الجنوبية.
هنا في السعودية لا توجد إحصائية رسمية لحجم التدوير والاستفادة من النفايات، إلا أن مصادر صحفية تشير الى أنها ما بين 5 الى 10 في المائة فقط التي يتم الاستفادة منها وحسب تصريحات هشام الجبر وهو مستثمر في قطاع النفايات نشر قبل عامين، قال إن المستهدف 81 في المائة في إعادة تدوير النفايات، وأوضح الجبر أن نفاياتنا تتوزع ما بين فائض طعام 13 مليون طن و18 ألف طن نفايات صلبة ونحو 120 ألف طن نفايات طبية.
لم يعد التخلص من النفايات ضرب من الخيال، وأسهمت البحوث والتطور العلمي والتكنولوجيا للاستفادة من النفايات، وليس التخلص منها بطريقة عشوائية، واعتقد أننا بحاجة الى تشريعات وأنظمة صارمة وأيضا محفزات للشركات المتخصصة في معالجة النفايات. والمركز الوطني لإدارة النفايات عليها مسؤولية كبيرة وعمل مضني وأيضا سرعة اتخاذ الخطوات، ولا نريد أن تمر سنة 2030 ونحن لا نزال نتخلص من نفاياتنا بطريقة بدائية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال