3666 144 055
[email protected]
بلا شك أن النمو السكاني في الدول يُشكل عنصراً هاماً في تقييم احتياجات ومؤشرات الدول الاجتماعية والاقتصادية. وتوجد العديد من المزايا للنمو السكاني حول العالم، ولكن يوجد أيضاً العديد من التحديات لذلك.
وفي هذا المقال، سوف اطرح بعض مزايا وتحديات النمو السكاني في المملكة، وأيضاً حول العالم بصورة عامة.
يبلغ عدد السكان الحالي في المملكة أكثر من 33 مليون نسمة، ومن المتوقع وصول العدد إلى نحو 50 مليون نسمة بحلول عام 2030. ومن أهم مزايا النمو السكاني في المملكة هو توفر الموارد والكفاءات البشرية، وبناء بيئة غنية وخصبة من المبدعين والمثقفين والعلماء ورواد الأعمال، مما يعزز الابتكار في المجالات الصناعية والطبية والزراعية والتجارية والتقنية والثقافية والتعليمية وغيرها، بمرور السنوات، خاصة وأن نسبة الشباب والشابات من السعوديين أقل من 34 عاما تبلغ نحو 67% من إجمالي المواطنين.
والمزيد من العقول العظيمة .. يؤدي إلى المزيد من الابتكارات.
ومن المزايا لنمو السكان كذلك، هو النمو الاقتصادي في المملكة، وذلك يظهر جلياً في أرباح محال الأسواق والتجارة الالكترونية في بيع السلع والمنتجات، والتي تنتج عن زيادة المشتريات للمنتجات والسلع الأساسية مثل الطعام والملابس والسلع الرياضية وأغراض وألعاب الأطفال. كما يتم تعزيز الاقتصاد عن طريق النفقات المتعلقة بالتعليم، وبناء المنازل ومستلزماتها، وخدمات الإسكان، والسيارات، والخدمات الحكومية الأخرى. وتلك الأرباح الصناعية والتجارية تغذي الاقتصاد بشكل كبير.
ومن جهة أخرى، فإن إنتاج وتوزيع الموارد الزراعية يشكلان مصدر قلقاً حقيقياً، في العالم أجمع، مع زيادة نمو سكان العالم. ولأن نقص الغذاء ينتج في بعض الدول التي فيها زيادة سكان دون تحقيق تقدم زراعي متساوٍ لمواجهته، إلا أن تلك الزيادة تساعد فعلياً في رفع الوعي بالحاجة إلى موارد إضافية بالإضافة إلى تبني ابتكارات الزراعة الحديثة لإنتاج الغذاء الكافي بوتيرة النمو السكاني. ولحسن الحظ، فإن العرض الزراعي الحالي في جميع أنحاء العالم يتجاوز طلب سكان العالم، إلا أن توزيع الغذاء لا يزال مصدر قلق في بعض مناطق العالم، خاصة بعد الأزمة الحديثة بين روسيا وأوكرانيا، حيث أن روسيا من أوائل دول العالم في تصدير القمح.
إلا أن المملكة تقدمت في مؤشر الأمن الغذائي إلى المرتبة 30 من أصل 113 دولة في عام 2020، وحققت نسب اكتفاء ذاتي مرتفعة في العديد من المنتجات الزراعية، حيث تجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور 125%، ومن الخضار والدواجن نسبة 60%.
كما يتطلب وجود عدد أكبر من السكان وجود المزيد من الموارد الطبيعية، بما في ذلك موارد إنتاج الطاقة مثل الوقود الأحفوري، ومواد التصنيع وإنتاج السلع، والموارد المائية والبيئية، وكذلك موارد الطاقة الإضافية، مثل البترول والفحم والغاز الطبيعي. كما يجب النظر في وسائل أخرى لإنتاج الطاقة، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والموارد النووية، وهي جميعا موارد يحتاج إليها البشر في الصناعات المختلفة.
وفي بعض الدول، حول العالم، قد تتسبب زيادة عدد السكان في زيادة نسبة الفقر والبطالة، في حال عدم وجود خطط اقتصادية فعالة للتخفيف من تلك الأثار. كما أن تزايد عدد السكان يؤدي عادةً إلى ارتفاع مستويات التلوث، لا سيما في المناطق الحضرية، وكذلك يتسبب في تدهور الجداول والأنهار والمحيطات والموارد المائية الأخرى، ويؤدي إلى المزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتصحر، والزيادة في إزالة الغابات، وغيرها من الأمور الضارة بالبيئة.
ومن أجل خفض الآثار السلبية على الموارد في ظل النمو السكاني، نجد أن المملكة من أوائل الدول الداعمة للتنسيق الدولي الاستراتيجي المشترك وتوحيد الجهود من أجل الوصول إلى حلول دولية مستدامة نحو تحقيق الأمن البيئي والغذائي والاقتصادي والصحي، وتعزيز جودة الحياة، من خلال إعلان المبادرات الضخمة من قبل المملكة، مثل مبادرات “الرياض الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” من أجل خفض الانبعاثات الكربونية وزراعة ملايين الأشجار ومكافحة التصحر، وكذلك مبادرة “المسار الرياضي” لدعم نمط حياة صحي للسكان من خلال الرياضة والتنقل، وأيضا مبادرة “قطار الرياض” للتغلب على الازدحام المروري الناتج عن زيادة السكان، وغيرها الكثير من المبادرات الضخمة لتحقيق التحسينات البيئية، والتنمية الاقتصادية، وتعزيز التقدم التكنولوجي في كافة القطاعات الصحية والثقافية والتعليمية والتجارية والصناعية وغيرها، حتى تكون الرياض ضمن أفضل 10 مدن في العالم بحلول عام 2030 من حيث الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة.
ما تفعله المملكة اليوم هو تبني العقلية والاستراتيجيات الناجحة تماشيا مع رؤية 2030 من أجل استدامة الموارد وتعزيز وجود مصادر الاقتصاد غير النفطي في ظل زيادة النمو السكاني خلال السنوات المستقبلية القادمة، وكذلك دعم صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني لجذب الاستثمارات، وتحقيق التعاون البناء بين القطاعين الحكومي والخاص.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734