الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتبر سعر 110 – 120 دولار للبرميل الواحد مقلقاً الى حد ما للعديد من الاقتصاديين والمتخصصين الماليين، بسبب ان تلك المستويات تعيد الى الاذهان الازمة المالية العالمية في 2008م والتي كانت احد مسبباتها وصول اسعار النفط الى مستويات اعلى من 140 دولار، لأن ذلك لا يعني فقط تضخم الاسعار ووصولها الى مستويات عالية منبئة بالخطر، ولكن هذا يعني ارتفاع تكاليف الانتاج بشكلٍ عام ومن ثم ارتفاع مستوى الاسعار الذي قد ينبيء بأزمة اقتصادية عالمية جديدة.
المراقب للوضع العام حاليا يجد ان العالم استفاق قليلا بعد ازمة كورونا العاصفة بالعالم اقتصاديا وماليا، ويصحو في اوائل عام 2022م على ازمة عسكرية مقلقة بين الغرب وروسيا ان صح التعبير، تقدر الخسائر الفعلية حتى يومنا الحالي بمئات المليارات من الدولارات، ليس فقط بسبب تجميد الاصول والعقوبات الاقتصادية على روسيا، ولكن بسبب ازمة الطاقة وارتفاع اسعارها وتقليل مصادرها في الوقت الحالي خاصة على الدول الاوروبية.
ولكن على افتراض ان الازمة الاوكرانية انتهت، وأضحى هناك اتفاق سلام بين الطرفين، كيف ستتفاعل الاسواق لهذا الأمر؟
في الوقت الحالي نجد ان اقتصاديات دول الخليج سوف تستفيد من ارتفاع الاسعار وخاصة اسعار الطاقة (البترول والغاز)، هذا الأمر انعكس بشكل ايجابي على اسواق الاسهم لدول الخليج، فنجد على سبيل المثال مؤشر السوق السعودي TASI وصل الى مستويات ١٣ الف نقطة لأول مرة منذ ١٦ عاما، وكذلك المؤشرات الاخرى كالكويت وقطر وايضا ابو ظبي ودبي، التي تحقق مستويات اكثر من جيدة يوما بعد اخر.
ولكن في حال ايجاد حل للازمة الاوكرانية فهناك وجهة نظر اعتقد انها اقرب للصواب توضح ان الاسواق ستتفاعل ايجابيا مع الوضع مستقبلاً سواء على المدين القريب او البعيد، لسبب أنه عند انتهاء الازمة الاوكرانية سوف تنتهي تلقائيا ازمة الطاقة، وتعود مستويات الانتاج والتصدير الى وضعها السابق، صحيح ان اسعار الطاقة سوف تنخفض، ولكن بشكل عام تكاليف الانتاج للدول المستوردة للنفط سوف تنخفض، هذا يعني انخفاض اسعار المنتجات النهائية، وبالتالي يزيد الطلب على المنتجات ومن ثم يزداد الانتاج، وبالتالي يزيد الطلب على النفط ومنتجات الطاقة.
هذا يدل على ان انتهاء الازمة ايضا سيفيد الدول المنتجة للنفط واعني بذلك دول الخليج، ولكن هذا الأمر ماذا يعني على المستوى الاقتصادي وعلى ايضا البعد الجيوستراتيجي؟
هذا الأمر يعني بشكل واضح ان دول الخليج هي الدول الاكثر أمانا من الناحية السياسية والاقتصادية والأكثر استقرارا من الناحية المالية، فعلى الرغم من العديد من الظروف التي عصفت بالعالم أجمع والتي لم تكن دول الخليج بمعزل عنها الا ان التعافي السريع كان من نصيب تلك الدول، اضافة الى ذلك، فإن تجميد اصول رجال الاعمال الروس على الرغم من انه احد ادوات العقوبات الاقتصادية على روسيا من قبل الغرب، الا انه استخدم كأداة اعلامية ضد الغرب بسبب تناقض ذلك مع الحرية المالية وحرية انتقال رؤوس الاموال، وكان العديد من المحللين يستشهدون بدول الخليج وفي مقدمتها السعودية بأنها الملاذ الآمن للاستثمار الاجنبي بما يتوافق مع الاصول والقناعة المالية المتبعة في كافة دول العالم.
لذلك يمكن القول ان الازمات حول العالم قد تكون فرصة للجميع لمعرفة خفايا وخبايا العديد من الدول، ومعرفة اي الدول التي تاخذ سياسات اقتصادية ومالية ناجحة مقارنة بالدول الاخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال