الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمت الإشارة في المقال السابق إلى مسألة القلق فيما يخص كفاءة فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا. كانت الفكرة الأساسية، هي أنه على الرغم من فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، إلا أنها وجدت لها منفذ آخر عبر استخدام العملات المشفرة. هذا الأمر جعل حكومة بايدن تشعر بالقلق، مما دعاها الى اصدار امر من أجل الضغط على المؤسسات ذات العلاقة بسن تشريعات لتنظيم استخدام العملات المشفرة. لذلك، ثار الجدل حول امكانية سن التشريعات في هذا المجال او لا؟
منهم من يرى، أن سن التشريعات يعني فرض قيود على مفهوم الابتكار، حيث ان من يبرمج العملة المشفرة، سيضطر الى تسجيل براءة اختراع. وهذا أمر بسلاح ذو حدين. يعتبر امرا جيدا من ناحية عدم ضياع حق المبتكرين واستفادتهم من تسجيل براءة الاختراع باسمائهم لتعود عليهم بعائد مالي. لكن، هل تسجيل براءة الاختراع ستجعل المبتكر يستفيد ماديا من العملة؟ بمعنى آخر، أكثر ما يميز العملة المشفرة هو التشفير وعدم القدرة على معرفة ملاكها خاصة إذا تم التلاعب بالبيانات قبل وصولها إلى bloackchain. بالتالي ما مدى حقيقة ان وضع تشريعات لتنظيم العملات المشفرة تحمي الأمن الوطني و القومي؟
في الوقائع، كانت ردة الفعل بعد الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن بخصوص سن تشريعات وأنظمة تتعلق بالعملات المشفرة. المفاجئ في الموضوع، ان كثير من الداعمين للعملات المشفرة كانوا سعداء إلى حد كبير بالأمر التنفيذي. حيث ان نص الأمر التنفيذي لم يركز فقط على المخاطر لتشفير العملات، وانما أقر الأمر التنفيذي أيضًا بما يعتبره الفوائد التي تعود من جراء استخدام العملة المشفرة. وهذا يعني، أنه عند إصدار انظمة تنظم استخدام العملات المشفرة، فهذا يعني الاعتراف بها كعملة رسمية يمكن التعامل بها بعيدا عن اثارة الشبهات. والدليل بترحيب أسواق العملات المشفرة بهذه الخطوة ، حيث قفزت أسعار البيتكوين حوالي 10٪ يوم الأربعاء بعد إعلان الامر التنفيذي قبل أن تنخفض مرة أخرى يوم الخميس.
وبشكل عام ، أثار طلب العملات المشفرة رد فعل إيجابي من الأوساط المصرفية بواشنطن. واشادت بسياسة”الوضوح” الذي قد تجلبها المزيد من الإجراءات الفيدرالية للعملات المشفرة ، وبفكرة إدخال شركات التشفير والتكنولوجيا المالية الناشئة في المخطط التنظيمي. في المقابل، لم تكن البنوك متحمسة لموضوع اصدار العملة الرقمية أو الدولار الرقمي. بمعنى أن المؤسسات المالية كانت اكثر حماس لموضوع تنظيم العملات المشفرة التي لا تمتلكها الدول على إصدار عملة رقمية من البنوك المركزية.
و التبرير المنطقي لذلك هو رغبة البنوك في تحقيق اعلى المكاسب بأقل التكاليف، وهذا الأمر لا توفره العملة الرقمية. حيث أن عملات البنوك المركزية الرقمية ستفرض تكاليف كبيرة وحتمية على النظام المالي والاقتصاد بينما تنتج القليل من الفوائد الملموسة.
اذا، السؤال الذي لا توجد له إجابة حتى الآن هو، مدى ما اذا كانت فعلا العملات المشفرة قد تهدد الأمن الدولي و القومي. بمعنى أن عملية إصدار تشريعات للعملات المشفرة يعني وضع تكاليف ضخمة على الدولة. سواء كانت هذه التكاليف مادية او بشرية. وفي النهاية سيكون من الصعب تتبع جميع العمليات التي تمت بموجب نظام التشفير. حيث ان المتعاملين بها يمكنهم اتخاذ العديد من الاجراءات لتغيير هوياتهم قبل تحديدها من قبل الحكومات. اذا، كيف يمكن حماية الأمن الوطني و القانون الدولي من استغلال العملات المشفرة لارتكاب الجرائم الاقتصادية، بتكلفة ماديه وبشرية لا تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على الامن الوطني والدولي من زاوية أخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال