الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تابعت الحوار الصحفي الذي نشر قبل أيام في مجلة “ذا اتلانتك” الأمريكية، ونشرت العديد من وسائل الإعلام في نسخته العربية، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أجرى الحوار الصحفيين أحدهما محرر غرايمي وود ورئيس تحرير المجلة غيفري غولد بيرغ.
لن أتحدث عن إجابات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمجلة ومن يستعرض 84 إجابة، سيجد المعلومات الدقيقة والتفاصيل، وأيضا الخط الذي يسير عليه ولي العهد في معظم حواراته، وهناك عدة نقاط ومحاور يحرص عليها الأمير محمد بن سلمان في التأكيد عليها في كل مرة يجري حوارات صحافية سواء كانت تلفزيونية أو صحافية، مثل مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام، تنفيذ مشروعات الرؤية وعدم توقفها أو العودة للخلف، مع أهمية اكتشاف قوة السعودية وتوظيف ثقافتها ومكانتها الدينية والاجتماعية وأيضا دورها الريادي العالمي كمنتج للنفط ومحرك الاقتصاد العالمي.
سوف أتحدث عن طبيعة الأسئلة التي طرحها صحفيا مجلة “اتلانتك” لي بعض الملاحظات على الصحفيون الغربيين الذين يزورون السعودية وتتاح لهم فرصة لقاء مسؤولين مهمين، إنما سأعرج عليها بعدما استعرض اهم النقاط التي ذكرها الأمير محمد بن سلمان في حواره.
في ثنايا إجابات ولي العهد لمجلة “اتلانتك” أكد أن المشروعات السعودية ليست منسوخة ولا تقلد أي دولة أخرى وقال “الكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها، إنها مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، لا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب. وإذا أخذنا أيضاً على سبيل المثال مشروع الدرعية، فهو أكبر مشروع ثقافي في العالم، ويعد فريداً من نوعه. كما أن المشروع يعد مشروعاً تراثياً ثقافياً ذا طابع نجدي. وإذا رأينا على سبيل المثال مشروع جدة القديمة، فهو مشروع تطويري قائم على التراث الحجازي”.
وبين الأمير محمد في حديثه للمجلة الأمريكية التغيير الذي أحدثته برامج رؤية 2030 وقارن ما كان قبل خمس سنوات من مراتب وكيف هي الآن على المستوى العالمي، وقال “في عام 2021، فعلى سبيل المثال، كان هدفنا هو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9 في المائة ونعتقد أننا حققنا نسبة 5.6 في المائة في عام 2021، وهذا بالتأكيد يضعنا من بين أسرع الدول نمواً في العالم، وفي العام المقبل، سينمو الاقتصاد بأكمله بنسبة تقارب 7. في المائة.
وجدد صانع مستقبل السعودية الأمير محمد بن سلمان، الدعوة الى أن المملكة واحدة من اسرع البلدان نموا في العالم، فضلا على أنها تملك اثنين من اكبر 10 صناديق الاستثمار في العالم، وهي أيضا تمتلك واحدة من اكبر الاحتياطيات بالعملة الأجنبية في العالم، فضلا عن قدرتها على تلبية 12 في المائة من الطلب على البترول في العالم، وعدد المزايا التي تتمتع بها من خلال ثلاث مضايق بحرية، مضيق السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز، ويمر من خلالها 27 في المائة تقريباً من التجارة العالمية، وعن قوتها الاقتصادية وحضورها في الاستثمارات العالمية وخاصة الاستثمارات في أمريكا والصين، أوضح أن إجمالي الاستثمارات السعودية في أمريكا هو800 مليار دولار، “وفي الصين استثمرنا أقل من 100 مليار دولار، ولكن يبدو أنها تنمو هناك بسرعة كبيرة”
واجاب ولي العهد على سؤال المجلة حينما قالت، أن نظرة أمريكا الى حلفائها هو التأكد إن كانت هذه التنمية الحاصلة في السعودية على المدى الطويل أو أنها تنطلق وفق أيديولوجية أو مصالح، بحيث نرى نمو اقتصادي سريع وغياب التحرر السياسي وأعطى مثالا الصحفي الأمريكي مشبها بالصين وروسيا.
رد ولي العهد نافيا مثل هذه الأطروحات أو الأفكار وقال “لا، أبداً. فعلى سبيل المثال، في السعودية، هل تتراجع التنمية الاجتماعية للخلف أم تتقدم للأمام؟ انظروا فقط لما حدث في الخمس سنوات الماضية، وما يحدث اليوم، وانظروا لما سيحدث العام القادم. إنها بلا شك تتقدم للأمام. لا يحتاج الأمر خبيراً ليرى ذلك، قوموا بإجراء بحوثكم فقط على الإنترنت، أو قوموا برحلة قصيرة إلى السعودية، وسيكون بإمكانكم رؤية ذلك”.
يعيب على الصحفيين الغربيين وخاصة الذين يأتون من أوروبا وأمريكا، انهم لا يحضرون أنفسهم جيدا قبل أن يلتقي بالضيف أو المسؤول، ولا يكلف على نفسه أن يسأل، يحضر الى هنا وهو في عقله أجندة واضحة، وكأنه مرسل من جهة استخباراتية أعطته أسئلة ويريد إجابتها، حينما يحضر ينبهر بالقصور الفخمة وحركة الحراسة والضيافة وأيضا بطريقة التعامل، فهو يرى دول الخليج وقادتها انهم أثرياء نفط وباذخين لهذا حتى في تعليقاته وحديثه وكتابته للتقارير يشير الى هذا من باب الترف.
الصحفي الغربي حين يسأل وخاصة الذين يأتون للسعودية، يتعامل معك أنك دولة مبتدئة ولا تعرف في القانون الدولي شيئا، وأنك من الدول المتخلفة والقيادة في وادي والشعب في وادي أخر، يحاول وهو يتحاور معك، أن الحاكم لا يعرف شيئا حول ما يدور أو يحدث من قبل الوزراء، وان الأشخاص المحيطون به هم الذين يديرون البلاد وهو يعطون المعلومات الخاطئة للحاكم.
من بين 84 سؤالا التي طرحها الصحفيان من مجلة اتلانتك، بصراحة لم تكن تلم الأسئلة التي نكتشف فيها نحن القراء أو الصحفيون المتابعون، أنها جديدة، بل معظم الأسئلة كانت جدلية، وكانه يبحث منك زلة لسان ليبرزها، فمثلا موضوع الصحفي جمال خاشقجي يرحمه الله، أثير هذا الموضوع اكثر من مرة وبينت السعودية وأوضحت البيانات الرسمية حقيقة الحادث، وأعطت القيادة السعودية من اكبر مسؤول فيها الاهتمام الكبير، وشكلت فريق تحقيق وتم معاقبة المذنبين بعد انتهاء التحقيق ولا يزالوا يقضون عقوبتهم، ومع ذلك أعاد الصحفيان السؤال من اكثر من زاوية، وتشعر للوهلة الأولى انه تحقيق وليس حوار صحفي.
وحينما سال هل يمكن أن يكون في السعودية ملكية دستورية أو حديث عن الديمقراطية، سواء الآن أو في المستقبل، بالطبع ليس تدخلا مني في أسئلة الصحفي الأمريكي، إنما تشعر من كلامه انه يحاور قيادة منفردة بالحكم، وليس لها تشريعات أو أنظمة، ويجهل الصحفي إن السعودية لديها أنظمة وتشريعات وقوانين تحكمها. أسئلة الصحفي الأمريكي للأسف دائما وغيره من الصحفيين، يحضر والأسئلة يضعها فريق من الصحفيين والمعدين، وهذا امر جيد إنما يجب أن تذاكر وتتعرف على طبيعة الشخصية التي سوف تلتقي بها ولا تتعامل معه على انه ضيف ضعيف أو تسأل أسئلة سطحية.
أسئلة الصحفيان من مجلة اتلانتك أعطتني يقين أن الكثير من الصحفيين، يأتون إلينا من اجل تحقيق أمنيتهم وهي الانفراد بالحوار والاستمتاع بالإقامة في أحد الفنادق الفخمة والتجول والتنزه، حاملا معه أجندة معينة، وينسى انه يتحاور مع قيادة أو مسؤول لبلد عمرها أكثر من 300 عام لديها ارث ثقافي واجتماعي واقتصادي. اعتقد لو اتيحت لصحفي سعودي أن يلتقي بايدن في مكتبه سيحذف 80 في المائة من نماذج الأسئلة التي طرحها الصحفي الأمريكي لو لي العهد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال