3666 144 055
[email protected]
عند زيارتك إلى أي مدينة كبيرة وصاخبة مثل لندن او الرياض، او صغيرة و هادئة مثل نيس او الخبر، ستجد بأن في تلك المدن الصاخبة احيانا، الهادئة احيانا اخرى، كائنات غير مألوفة. كائنات آلية هجينة تجوب شوارع تلك المدن، تذكرك بالصورة المعدلة (فوتو شوب) لفيل في الصحراء، او جمل في الغابة. كائنات قد تذكرك ايضا بصورة غير منسجمة لبطريق في الربع الخالي، او ضب في القطب الشمالي. كائنات لا تمت بصلة الى محيطها.
انا هنا اتحدث عن المركبات الرياضية الكبيرة (٤×٤)، وكذلك المركبات الرياضية الصغيرة المكبرة، ذات المحركات الجبارة. مركبات تبوا وكأنها خرجت للتو من ثكنة عسكرية، او اضاعت طريقها إلى حلبة السباقات.
منذ عام ١٩٥٠، او أبعد من ذلك بقليل، بدأت المركبات الرياضية الصغيرة بغزو شوارع المدن الرئيسية حول العالم، بداية من الولايات المتحدة الامريكية، اوروبا، وصولا الى منطقة الخليج الغنية بالنفط. حدث هذا الانتشار لذلك النوع من المركبات الرياضية الصغيرة بشكل تدريجي، بل وعلى شيء من الاستحياء.
في البدايات، كانت السيارات الرياضية الصغيرة، مصدر تندر لقائدي المركبات التقليدية، وينظر لها على أنها انصاف مركبات لا اكثر. مع مرور الوقت، تحولت هذه النظرة المنتقصة إلى نظرة إعجاب قادة في كثير من الاحيان إلى انجذاب بعض اصحاب المركبات التقليدية الى هذا النوع من المركبات الرياضية، و بدأت شرارة المركبات الرياضية تنتشر تدريجيا.
بعد مرور عشرات السنوات على انتشار المركبات الرياضية الصغيرة في شوارع المدن الكبرى، وتحديدا في التسعينات من القرن الماضي، بدأت مصانع المركبات التقليدية ذات العلامات التجارية الأكثر شهرة، القيام بتصنيع وتسويق المركبات الرياضية الكبيرة ذات الدفع الرباعي، و بدأ ذلك النوع من المركبات بالانتشار السريع في كثير من مدن العالم.
اليوم يحظى هذا النوع من المركبات الرياضية الضخمة بشعبية جارفة حول العالم، خاصة من قبل الشباب الذي يجوب الكثير منهم الطرقات بمركباتهم تلك، دون ان يكون لديهم الوعي اللازم والالمام الكامل بخطوة قيادة مثل تلك المركبات القوية، على سلامتهم وسلامة الآخرين.
كذلك ايضا، لا استطيع تجاهل حجم الضوضاء الناتج عن المحركات الكبيرة ذات معدلات التلوث المرتفعة لمثل تلك المركبات.
مع الاسف الشديد، لا يكاد ان يمر يوم واحد دون أن أشاهد مقطع فيديو لمركبة رياضية، تجوب شوارع مدينة ما، و يفقد سائقها السيطرة على جموح أدائها، معرضا حياته وحياة الآخرين للخطر. في كثير من الاحيان تكون نهاية تلك المقاطع نهايات مأساوية مؤلمة.
لذلك ومن هذا المنبر الاعلامي المهم، اطالب الجهات المعنية بما هو اتي:
اولا: فرض ضريبة خطر على المركبات الرياضية الخطرة بكافة انواعها، مثلها في ذلك ضريبة التبغ الضار، وضريبة مشروبات الطاقة المنشطة والضارة ايضا.
فرض ضريبة خطر على المركبات الرياضية السريعة من المفترض بأن يساهم في تقليل عدد تلك المركبات في الطرقات، وذلك نتيجة لارتفاع اسعارها بعد فرض “ضريبة الخطر” على تلك المركبات دون غيرها.
احد اهم مستهدفات فرض ضريبة الخطر على المركبات الرياضية هو رفع معدل عمر قائدي ذلك النوع من المركبات. حيث ان الاحصائيات المرورية في جميع دول العالم تشير إلى ان هناك علاقة عكسية بين ارتفاع معدل عمر السائق ونسبة ارتكابه للمخالفات المرورية.
كذلك ايضا، سيؤدي انخفاض عدد المركبات الرياضية بكافة انواعها في الطرقات، الى انخفاض معدل الضوضاء في المدن، وذلك كنتيجة طبيعية لانخفاض عدد هذا النوع من المركبات.
ثانيا: يجب أن يكون هناك جهاز ساهر خاص برصد درجة الضوضاء التي تحدثها مثل تلك المركبات داخل المدن، و يقوم على ضوؤها بمخالفة مرتكبيها وفقا لدرجة الضوضاء التي تحدثها مركباتهم. بالمناسبة، هذا النوع من الأجهزة الخاصة بقياس معدل الضوضاء الخارج من محرك المركبة، اخذ بالانتشار في كثير من أجهزة المرور حول العالم.
ثالثا: يجب أن يحصل قادة المركبات الرياضية على رخص قيادة خاصة بقيادة ذلك النوع من المركبات القوية، تمنح لهم فقط بعد تدريهم وتأهيلهم لقيادة مثل تلك المركبات القوية.
اخيرا وليس اخرا، اتمنى بأن يقوم المسؤولين عن رياضة المركبات الرياضية في المملكة العربية السعودية تحديدا، القيام بدراسة بناء حلبات “تجارية” آمنة خارج المدن، لقائدي هذا النوع من المركبات، ومنحهم الفرصة لممارسة هواياتهم الخطرة، بشكل أمن نسبيا، بعيدا عن شوارع المدن، والعمل على المساهمة ايجابيا في جعل الطرقات اكثر امانا و هدوء.
ملاحظة هامة جدا: لتجنب الخلط، يجب ان يكون هناك تعريف واضح و مفصل للمركبات الرياضية، وذلك قبل البدء بوضع الضوابط الخاصة بتصنيف مثل تلك المركبات.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734