3666 144 055
[email protected]
لم تكن شركة أرامكو السعودية قصة عادية في أي يوم منذ نشأتها في أواخر الثلاثينيات ميلادية من القرن الماضي، فهي شركة متكاملة من حيث القدرات والإمكانيات والممكّـنات، وعلى مدى تاريخها المديد بَنَت موسوعة ضخمة ونادر وجودها من المعرفة والتجربة والخبرة القائمة على الممارسة الغنية محليا وعالميا، حتى أصبحت آلة تفريخ للمغّيرات ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة، فالتحاقها بركب الشركات المدرجة – على سبيل المثال – جعل سوق الأوراق المالية السعودي يقفز خطوات عريضة في جاذبيته وينافس أكبر الأسواق عالميا.
ممتلكات شركة أرامكو السعودية غير المركزية عديدة وضخمة، والتي يمكن أن تستقل في كيانات منفصلة لإثراء الاقتصاد الوطني، وفي نفس الوقت لخدمتها هي أيضا وبشكل أكثر ربحية، وقد بدأ هذا العملاق في تبني هذا التوجه لما ظهر فيه من جدوى عالية، إلا أن من أهم ما يجب التنبه له لإضافة قيمة جذريةوواسعة التأثير هو ماليتها، التي هي بمثابة لحظة انطلاق فعلية للمالية السعودية نحو العالمية.
كمية الحركة المالية المهولة لاستثمارات أرامكو السعودية وتمويل مشاريعها ومصروفاتها التأسيسية والتشغيلية ومدخولات بيعها من النفط ومشتقاته جعلها تمتلك خبرة مصرفية متخمة، حتى يمكن وصفها – بجانب كونها أكبر شركة نفط في العالم – بأنها أيضا أحد أكبر بنوك العالم مجازا، فمسألة أن تودع مدخولات مبيعاتها – على سبيل المثال – في حساباتها المتناثرة هنا وهناك، يمكن أن تكون في حساباتها في بنكها، الذي فيه أيضا حسابات شركائها.
لذلك وكما أخذت رؤية المملكة بيد الشركة لكي تدرج في سوق الأوراق المالية، فربما تكون أيضا بحاجة بأن تأخذ الرؤية بيدها مرة أخرى للنظر بجدية لتأسيس بنك أرامكو الدولي الذي يمكن أن يوجَد في وقت قياسي من خلال الاستحواذ على إحدى البنوك الدولية لقطع عدة سنوات ضوئية من وقت التأسيس والانطلاق، وبلا أدنى شك سيجذب هذا البنك مستثمرين دوليين وبلا تردد ليكون ومن أول يوم له جوهرة تاج المالية السعودية العالمية.
ويفترض ان يعمل هذا البنك وفق اسس تجارية مثله كمثل بقية البنوك، من حيث استقطاب حسابات افراد وقطاع الاعمال وادارات الخزينة على ان يكون بمفهوم البنوك الرقمية التي يتوقع ان يكون المستقبل لها، ويمكن لبنك أرامكو الدولي – موضوع الاقتراح – أن يدير كل قروض واستثمارات الشركة الأم الضخمة جدا، والتي تقوم بها العديد من البنوك خاصة الدولية وهي مكلفة، وأيضا يمكن لهذا البنك الدولي إدارة مدخرات موظفي الشركة المتراكمة، وبجانب كل هذا سيكون قادرا على خدمة كم عالي من الشركات الصناعية محليا، خاصة مع الحراك العالي للمنظومة الصناعية بالمملكة، والتي تحتاج لبنك دولي يساعدها في معاملاتها المتخصصة.
هذا التوجه يمكن أيضا أن يخدم المنظومات الصناعية إقليميا ودوليا، فمنميزات هذا البنك عالية التنافسية هو مصداقية وموثوقية اسم أرامكو السعودية، والذي سيفتح أبواب العالم للمالية السعودية لأن يتواجد في الأسواق الدولية وينافس، خاصة أن بعد الأزمات المتتالية التي شهدها العالم والتنبه لكارثة محاربة الاستثمار في أعمال المنبع وأن العالم بحاجة لمصادر الطاقة الأحفوري، وأن مصادر الطاقة النظيفة بحاجة إلى استثمارات تأسيسية وعاملة حتى تتمكن، فالفرص الاستثمارية واعدة للبنك في هذه المجالات، وهذا ربما ما تنتظره العديد من الشركات والدول لا سيما في مجال الغاز والطاقة النظيفة.
لا يمكن إنكار حقيقة أن أرامكو السعودية مشغولة بأعمالها الرئيسة وهذا مفهوم بحكم طبيعة عملها وحساسيته دوليا، وأيضا أهمية تخفيف ثقل الأعمال المساندة عن كاهلها، وهي فرص بمثابة أدوات تمكين اقتصادية رائعة، والتي لا تتحمل البطء في تحريكها لحتمية التغيرات المتسارعة في الفرص الاستثمارية محليا ودوليا.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734