الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظلِ الأسواق التنافسية وتعددِ الخياراتِ الاستهلاكيةِ لا يزالُ المفهومُ السائدُ بفكرةِ العميلِ لمرةِ واحدةٍ إحدى أهمِ الاستراتيجياتِ التي تتبعها الكثيرُ منْ منافذِ البيعِ لمْ يقفْ الأمرُ عندَ هذا الحدِ فحسبَ بلْ يعمدُ البعضُ إلى تطبيقِ أنظمةٍ عدليةٍ تضيّقُ منْ مرونةِ التراجعِ او الاستبدال حالما تكون السلعةُ والخدمةُ قدْ تمَ استلامها .
اليومُ نلاحظُ انتشارُ ثقافةِ رضا العميلِ مقارنةً بالسابقِ فنجدها في العديدِ منْ الكتبِ والدورات التدريبيةَ وحتى مناهجِ التسويقِ والجودةِ الشاملةِ لكنْ بالنظرِ إلى ردودِ الفعلِ الذي وفرتهُ شبكاتُ التواصلِ الاجتماعيِ عنْ تلكَ الشركاتِ فإنها تكتظُ بعباراتِ الندمِ والإخفاقاتِ وعدمِ التفاعلِ معَ الشكاوى أوْ وضعِ الحلولِ والغريبِ في الأمرِ أنَ تلكَ الشركاتِ تتغنى بحصولها على شهاداتِ الجودةِ فكيفَ يكونُ ذلكَ ؟ .
منْ بديهياتِ تطبيقِ إدارةِ الجودةِ الشاملةِ هيَ رضا العميلِ والمحافظةِ على العميلِ القديمِ وفتحِ آفاقٍ لخدماتٍ متميزةٍ ومنافسةٍ للعملاءِ الجددِ وهناكَ أسسٌ بسيطةٌ لرفعِ قيمةِ العميلِ Customer value ينبغي اتباعها لبناءِ ثقةٍ متبادلةٍ معَ العميلِ ، مثلاً : الالتزامُ بالكلمةِ أوْ العرضِ ومنحِ العملاءِ كافةَ ما تمَ الاتفاقُ عليهِ ، الصدقُ والشفافيةُ والوضوحُ في تفاصيلَ ذلكَ معَ العميلِ ، فاعليةُ وأهميةُ خدماتِ ما بعدَ البيعِ منْ خلالِ المرونةِ والسرعةِ والالتزامِ ، أنَ مثل هذهِ الأسسِ مهمةَ كونها خارطةَ طريقٍ لبناءِ الثقةِ وكسبِ العميلِ حتى يكونَ إحدى أهمِ أدواتكَ التسويقيةِ التي سترفعُ منْ قيمةِ منظمتكَ على المدى الطويلِ وبأقلّ التكاليفِ ، منْ بديهياتِ ثقافةِ احترامِ العميلِ أيضا التفاعلَ الشخصيَ وليسَ عبرَ أسلوبِ الردِ الآليِ الذي يعمقُ فجوةَ العاطفةِ لتشعركَ تلكَ الشركةِ أنكَ أيضا آلةً في المقابلِ ولستُ إنسانا !
هناكَ فرقُ بينَ فنِ التسويقِ لسلعةٍ أوْ خدمةٍ تهدفُ منْ ورائها كسبُ رضا العميلِ وبينَ فكرةٍ مجردَ بيعها فقطْ ، فالثانيةُ هيَ الأكثرُ شيوعا وأكثرِ تكلفةٍ فيما تكونُ الأولى ضمنَ خطةِ استراتيجيةٍ طويلةٍ المدى فكمْ هوَ رصيدنا منْ السلعِ أوْ الخدماتِ مستمرٌ معنا لسنواتٍ طويلةٍ ولا نفكرُ إطلاقا على تغييرها ؟
تعتمدَ المنشآتُ الناجحةُ اليومَ على تطبيقِ معاييرِ الجودةِ الشاملةِ ليسَ لمجردِ حصولها على شهادةِ الجودةِ فحسبَ بلْ إنها حرفيا تعملُ بمهنيةٍ عاليةٍ منْ أجلِ رضا العملاءِ لذلكَ نجدُ أنَ منْ ضمنِ أهمَ هذهِ المهنيةِ أنْ يكونَ لديها إداراتٌ ومؤشراتٌ تعني برضا العملاءِ مثلاً Customer Satisfaction Index ( CSI ) مؤشرَ رضا العملاءِ وهوَ مؤشرٌ اقتصاديٌ يقيسُ مدى رضا العملاءِ عنْ المنتجاتِ أوْ الخدماتِ التي يقومونَ باستهلاكها فهيَ تَعد رضا العميلِ بمثابةِ العمودِ الفقريِ لأنهُ لا وجود للمنشأةِ دونَ العملاءَ لذلكَ تتنافسُ المنشآتُ ( المتميزةَ ) لإرضاءِ العميلِ واستقطابهِ وتلبيةِ متطلباتهِ .
للأسفِ هناكَ الكثيرُ منْ الشعاراتِ التي تطلقها بعضُ المنشآتِ لكنها لا تتجاوزُ كونها مجردَ لوحةٍ تعلقُ على مداخلها مثل ( العميلُ أولاً ، العميلُ دوما على حقٍ ) وغيرها الكثيرُ لكنَ الحقيقةَ أنَ أيَ منشأةٍ تقدمُ خدماتها بمعزلِ عنْ العميلِ ولا تأخذُ بعينِ الاعتبارِ متطلباتهِ وحاجاتهِ ، والعملُ على تحقيقها فهيَ أبعد ما تكونُ عنْ الجودةِ ، وبالتالي تكونُ مخرجاتها للعملاءِ ذاتَ جودةٍ رديئةٍ ناهيكَ عنْ التداعياتِ المستقبليةِ التي سينقلها العملاءُ المجربونَ لها منْ سلبياتٍ ومعَ مرورِ الوقتِ ستختفي مثل هذهِ المنشآتِ منْ الأسواقِ .
أظهرتْ دراسةً فعليةً على 400 شركةٍ منشورةٍ على شبكةِ الإنترنت أنَ تكلفةَ جذبِ عميلٍ جديدٍ أعلى بخمسِ مراتٍ منْ تكلفةِ الاحتفاظِ بالعميلِ الحاليِ وانْ زيادةُ معدلاتِ الاحتفاظِ بالعملاءِ بنسبةِ 5 % تزيدُ الأرباحُ بنسبةِ 25 – 95 % ، وانْ معدلِ نجاحكَ في إعادةِ البيعِ لعميلكَ الحاليّ منْ 60 – 70 % ، في حينِ أنهُ لا يتجاوزُ 20 % في حالِ العملاءِ الجددِ .
لذلكَ فلسفةَ ارتباطِ العملاءِ بالمنتجِ لسنواتٍ طويلةٍ منْ أهمِ الاستراتيجياتِ التي ترفعُ منْ أرباحِ الشركاتِ وتضاعفها خاصةً إذا كانَ هذا المنتجِ ذا جودةٍ عاليةٍ وثابتةٍ ولمْ يطرأْ عليهِ أيُ تعديلاتٍ ويلبي احتياجاتِ العميلِ ، بحيثُ لا يفكرُ في الاستغناءِ عنهُ ، فعميلَ المرةُ الواحدةُ أصبحتْ ظاهرةٌ تسويقيةٌ واسعةٌ أسهمَ في انتشارها مشاهير السوشالْ ميديا منْ خلالِ المنشآتِ التي تتبنى فكرةَ العميلِ الواحدِ ولمرةٍ واحدة فقطْ ، الأمرُ الذي يخلقُ عدمَ استدامةِ رضا العملاءِ .
اليومُ ومعَ هذهِ المتغيراتِ المتلاحقةِ ترتكزُ بناءَ العلاقاتِ معَ العملاءِ على الاستدامةِ وبالتالي حتى يتحققَ ذلكَ منْ المهمِ أنْ تركزَ تلكَ المنشآتِ على تطبيقِ معاييرِ الجودةِ الشاملةِ والتي يعدْ القلبُ النابضُ بها رضا العميلِ ، فلمْ تعدْ شهاداتُ الجودةِ هيَ الأساسيُ الورقيُ الذي تحصلُ عليهِ المنشأةُ فقطْ بلْ الأهمُ منها هوَ التطبيقُ المستدامُ لها ومراجعتها وتطويرها والثباتِ على معاييرها وخاصةً عندَ المصافحةِ الأولى لرضا العميلِ والتي تتمُ منْ خلالِ مراكزِ خدمةِ العملاءِ هذهِ المراكزِ يجبُ أنْ تكونَ منْ أهمِ إداراتِ المنشأةِ فيستقطبُ لها أفضلَ الموظفينَ خبرةً ولديهمْ كافة الحلولِ السريعةِ بدلاً منْ أنْ تكونَ مجردَ وسيطِ بينَ المستهلكِ وإداراتِ المنشأةِ ولا تملكُ الحلولُ المطلوبةُ .
مجملُ القولِ : أشكرُ بعمقِ أربعِ شركاتٍ استمرَ تعاملي معها لأكثر منْ ثلاثينَ عاما .. همْ في الحقيقةِ مكسبا لي لأنَ ما ادفعهُ لهمْ منْ مبالغَ ( مستحقةً بجدارةٍ ) إضافةً إلى أني جذبتْ لهمْ الكثيرَ منْ العملاءِ مجانا وما يقدمونهُ لي منْ سلعٍ هيَ تتصفُ بالجودةِ المطلوبةِ واستقرارها دونَ تغييرٍ على مدارِ تلكَ الأعوامِ .. بعضُ منشآتنا التجاريةِ تحتاجُ إلى مثلٍ النماذجِ البسيطةِ التي يكونُ هدفها الرئيسُ رضا العملاءِ وأنسنتهُ ، والشكر موصول أيضا الى وزارة التجارة لما تقوم به من جهود جبارة لحماية المستهلكين .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال