الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقد قطعت الهواتف المحمولة شوطًا طويلًا بشكل لا يصدق في السنوات الثلاثين الماضية، ففي 1990م؛ تم استخدام الهواتف المحمولة لإجراء مكالمات هاتفية، إرسال النصوص، ولعب لعبة غريبة من الأفعى، أما اليوم؛ تسمح لنا تقنية الهواتف الذكية بتصفح الإنترنت وبث الأفلام وتشغيل البرامج، كل ذلك من جهاز صغير في راحة أيدينا.
ونظرًا لأن الهواتف الذكية أصبحت الآن جزءًا بارزًا من حياتنا، فإننا ننظر إلى كيفية تحويلها لعالم التعليم – بالإضافة إلى قدرتها على التأثير على الطريقة التي ندرس بها في المستقبل.
ففي دراسة تم إجراؤها على الشباب في المملكة المتحدة تم الوصول إلى أن 99 % من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 عامًا يمتلكون هاتفا ذكيا.
ولا يقتصر الاعتماد المتزايد على الهواتف على الشباب‘ فلقد قامت دراسة عالمية أجريت عام 2021 م من قبل 11 من علماء الأنثروبولوجيا بتحليل استخدام الهواتف الذكية في “كبار السن”: الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم ليسوا شبابًا ولا مسنين، وأشارت الدراسة إلى أن مستخدمي الهواتف الذكية أصبحوا “حلزونات بشرية تحمل منازلنا في جيوبنا، مع أجهزة تسمح لهم بالبقاء على اتصال بأحبائهم والمعلومات الشخصية والمهنية حتى عندما يكونون في الخارج.
حتى الأطفال أصبحوا اليوم أكثر راحة مع التكنولوجيا منذ سن مبكرة، حيث أظهرت الأبحاث التي أجرتها Childwise في عام 2020م أن 57٪ من الأطفال في المملكة المتحدة لديهم هاتف محمول بحلول الوقت الذي يبلغون فيه 7 سنوات.
كذلك أظهرت دراسة أجريت عام 2020 م من شركة Microsoft Corp أن متوسط فترة الانتباه يبلغ الآن 8 ثوان – انخفاضًا من 12 ثانية في عام 2000. وكان أحد أكبر أسباب ذلك هو الكم الهائل من المعلومات الموجودة دائما، بما في ذلك المحتوى المقيد بالوقت والمتاح من خلال تطبيقات مثل Instagram أو Snapchat. كما يقوم الشخص البريطاني البالغ العادي بفحص هاتفه الذكي كل 12 دقيقة من لحظة الاستيقاظ ، مما يجعل من الصعب التركيز على شيء واحد لفترة طويلة جدا.
ومن هنا نجد أن الأجهزة المحمولة أصبحت أيضا جزءًا لا يتجزأ من نهجنا في الدراسة، حيث أظهر استطلاع أجرته شركة Learning House و Aslanian Market Research عام 2018 م أن ما يقرب من 80٪ من الطلاب الذين شملهم الاستطلاع يكمل بعضهم إن لم يكن كلهم ، أعمالهم الدراسية باستخدام الهاتف المحمول، وقال أكثر من 50٪ من المشاركين إنهم استخدموا هواتفهم الذكية للتواصل مع الأساتذة والوصول إلى المواد الدراسية، في حين استخدم أكثر من 40٪ هواتفهم لإجراء البحوث والوصول إلى نظام إدارة التعلم الخاص بهم.
وفي عام 2011 م ؛ نشر الباحثون نتائج التجارب التي أظهرت أنه عندما يتوقع الناس الوصول إلى الإنترنت في وقت لاحق، فإنهم يبذلون جهدا أقل لتذكر الأشياء. ومع الهواتف المحمولة التي توفر الوصول إلى الإنترنت بغض النظر عن مكان وجودك، فقد أخذوا على عاتقهم دور الذاكرة لأي شيء من أرقام الهواتف إلى الوصفات وحتى الحقائق المهمة اللازمة للواجبات والامتحانات.
وهناك أيضًا أدلة على أن وجود كل هذه المعلومات في متناول أيدينا قد غير طرقًا راسخة في التفكير البشري، في حين أنه في الماضي كانت هناك أوقات لنا أن نكون وحدنا مع أفكارنا، أصبح من الصعب اليوم ممارسة أنواع أكثر انتباهًا من التفكير مثل التفكير التأملي الذي يقوم بتقديم مهارات مهمة لتشجيع التفكير العالي والوعي الذاتي.
وفي ضوء هذا التحول التقني؛ يقول المؤلف نيكولاس كار، الذي تركز كتبه على التكنولوجيا والثقافة والاقتصاد، إن هذا يعني أنه “من الصعب جدًا ترجمة المعلومات إلى ذكريات غنية ومتصلة للغاية تجعلنا في نهاية المطاف أذكياء”
ومع تشكيل التكنولوجيا للطريقة التي نأخذ بها المعلومات ونفسرها، تقوم المزيد من الشركات في جميع أنحاء العالم بتطوير التطبيقات والأجهزة والأدوات التي تميل إلى هذا التحول، فعلى سبيل المثال؛ تتضمن العديد من موارد الدراسة الآن رموز QR التي يمكن مسحها ضوئيًا بواسطة الهواتف المحمولة وهذه تسمح للطلاب بالوصول إلى المزيد من المواد الدراسية بما في ذلك المحتوى التفاعلي.
وهناك مثال آخر على ذلك يتمثل في أدوات البحث التي تعمل بطاقة الذكاء الاصطناعي مثل Scholarcy. حيث تم إنشاء Scholarcy كوسيلة للطلاب والباحثين المشغولين للبقاء على اطلاع على قراءتهم، ويكسر المقالات والتقارير وفصول الكتب الطويلة والمعقدة إلى ملخصات صغيرة الحجم تساعد المستخدمين على رؤية مدى صلة النص بدراساتهم بسرعة وتسهيل قراءة المحتوى الطويل على الهواتف الذكية.
ولقد أنشأ مطورون آخرون تطبيقات جوال محددة للسماح للأشخاص بالتعلم أثناء التنقل، وهذا يعني أنه يمكن للطلاب تعلم لغة مع دروس Duolingo القصيرة أو تعلم أساسيات الترميز باستخدام تمارين Mimo التفاعلية ذات الحجم الصغير أثناء وجودهم في أي مكان وفي أي وقت.
هناك مجال واسع لتطور هذا في المستقبل أيضًا، حيث يظهر تطبيق جديد من شركة EY الإمكانات المستقبلية، فلقد أطلقوا مؤخرًا تطبيقًا مجانيًا يهدف إلى إلهام الطالبات لمتابعة مهن STEM، حيث يمكن للطالبات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 13 و 18 عامًا إكمال الأنشطة الرقمية ومشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة وإجراء تجارب في العالم الحقيقي بالسرعة التي تناسبهن.
وبعد استعراض هذه الدراسات العلمية؛ نجد أن صعود وتطور تكنولوجيا الهواتف الذكية أدى إلى تحول هائل في الطريقة التي تستهلك بها أدمغتنا المحتوى، ومن هنا تبنت الشركات في جميع أنحاء العالم هذا التغيير، مع زيادة عدد التطبيقات والأدوات والمحتوى الذي يتم إنشاؤه لدعم انخفاض مدى اهتمام الطلاب وحاجتهم إلى التعلم التفاعلي أثناء التنقل.
ونختم المقال بما كتبه المؤلف توني بينغهام: “الهاتف المحمول يجعل التعلم مجانيًا، ويمكننا الآن تعلم أي شيء تقريبًا، في أي مكان وزمان، وهذا أمر مذهل”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال