الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم.
التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية “ (القصيبي، 2011)
يتعرض الطلبة في مقاعد الدراسة الجامعية إلى عدد من الصعوبات المتنوعة تتراوح في شدتها من شخص الى آخر، تؤثر في الأداء الشخصي والتحصيل الأكاديمي ومخرجات التعلم بحد ذاتها، وأخرى على الصعيد النفسي للطالب، مما يجعل عملية التعلم متفاوتة الشدة على أفرادٍ منها على آخرين، ومع ذلك يستمع الكثير من الطلبة الى التصريحات الرسمية التي تصرح ” بأن هناك فجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل في المملكة العربية السعودية، ويتم العمل بشكل سريع من أجل مواءمة البرامج التي تُقدم في الجامعات بما يتوافق مع الطلب في سوق العمل“ (الشيخ، 2021)
ولهذا التصريح عالي الشأن التأثير الشديد على الطلبة مما يضع عددًا من الضغوطات النفسية والمادية، لبذل المزيد من الجهد لاكتساب المهارات والخبرات وتحصيل عددٍ من الشهادات المهنية وحضور عشرات الدورات والمؤتمرات، والمشاركات التطوعية بالساعات التي تعادل شهورًا مستمرةً.
وكل هذه الجهود المحمودة قد لا تكون ذات أهمية بالغة بحد ذاتها في نظر مدراء الموارد البشرية ومستقطبي المواهب وغيرهم من مسؤولي التوظيف؛ إما لعشوائيتها أو عدم اتساقها مع الوظائف التي يتقدم لها الطلبة، مما يعطي تأثيرًا نفسيًا سلبيًا بأن جهودهم المبذولة ليست ذات جدوى.
“إن عملية التعلم هي عملية إعادة قولبة التصورات الذهنية التي نستطيع من خلالها فهم أو إعطاء معنى للأشياء” (يونس، 2016)
ينبغي علينا القيام بتحليل مكونات العملية التعليمية؛ لمعرفة التحديات التي تحول دون تحقيق الكفاءة القصوى رغم الجهود المبذولة في التحسين المستمر، وتتكون العملية التعليمية من الأركان التالية:
1- الجامعات: باعتبارها مجمعًا للناس والعلوم المتنوعة، مساهمةً بدورها في خلق بيئة محفزة للتعلم ذات إمكانيات عالية
2- المادة العلمية: باعتبارها المرجع الأساس للمعرفة والرسالة التي ينبغي لها أن تصل، بأكفأ الطرق الممكنة التي تتناسب مع التفاوت الموجود بين المتعلمين
3- المعلم: باعتباره حلقة الوصل ما بين المعارف والمتعلمين والمرجع الأول للعملية التعليمية
4- المتعلم: باعتباره ثمرة العملية التعليمية والمخرج النهائي لها
كما نرى اليوم فإن تطور وتنوع العلوم والمعارف المتسارع يستدعي صروح التعليم الى تطوير مناهجها وخططها الدراسية بشكل دوري، وتدريب كفاءاتها التدريسية والإدارية، وبذل الكثير من المصاريف التشغيلية والرأسمالية والميزانيات المهولة التي وصلت إلى 990 مليار ريال في العام 2021 لقطاع التعليم، بهدف جعل العملية التعليمية تلائم ما يحتاجه الميدان، مما يستهلك الكثير من الجهود والوقت والموارد الاقتصادية.
إن تحميل متطلبات سوق العمل على كاهل المؤسسات التعليمية سيؤدي الى إحداث فجوة أخرى معرفية لدى المعلمين والمتعلمين على حدٍ سواء وذلك من خلال التركيز على احتياجات الميدان غير المحدودة والمتطورة يوميًا بعد يوم، مما سيجعل العملية التعليمية اليوم، محدودة الجدوى في المستقبل مع تطور واستحداث العلوم والمهارات المتنوعة التي سيحتاجها الميدان للممارسات المهنية المتجددة يومًا بعد يوم.
ويمكن التوصل الى أن وضع متطلبات سوق العمل كغايةٍ بحد ذاتها هي السبيل الأسرع لتحويل الأفراد المبدعين ذوي الأفكار الخلاقة والإمكانيات غير المحدودة الى موظفين منفذين للمهام، بدلًا من صانعي قرارات.
وعليه ومن وجهة نظر كاتبة المقال فإنه من الأكثر استدامةً وقابليةً للتطبيق على الأمد الطويل، ألا تنحصر مسؤولية المؤسسات التعليمية في تلبية متطلبات سوق العمل كهدف رئيس، وإنما في خلق متعلمين أكفاء قادرين على استخدام التفكير والمعرفة في ابتكار وتجديد الحلول المتنوعة التي تساهم إيجابًا في تنمية الوطن على كافة قطاعاته المتنوعة، من خلال تعليم الأساسيات للعلوم والمعارف التي يتخصص فيها الطلبة باستخدام أحدث المناهج التي تخدم الغرض التعليمي، والتي ستساعد في حل التحديات، بحثيًا، تقنيًا، علميًا، وعمليًا، وسيكون هذا الهدف ممكنًا بتزامن الجهود ما بين مؤسسات التعليم والمؤسسات في القطاع الخاص والحكومي على حد سواء.
بحيث تكون اللبنة الأولى لوضع الأساس التعليمي من دور المؤسسات التعليمية منذ المراحل التعليمية المبكرة، مركزةً بشكل أساسي على تنمية البحث والتعلم الذاتي لدى الطلبة؛ لتسهيل عملية مواكبة التطور الحاصل اليوم في كافة القطاعات.
كما وأن تتزامن جهود التعليم العالي مع جهود المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بإنشاء المراكز والأكاديميات التدريبية، وزيادة مقررات التدريب الميداني -التعاوني- للكليات التطبيقية، بحيث يتمكن الطلبة من تجربة الميدان بمختلف قطاعاته في فترات متنوعة خلال المرحلة الجامعية، وهذا المقترح قابل للتطبيق بشكل ممتاز مع استحداث نظام الثلاثة فصول الدراسية خلال العام الحالي، وانطلاقًا من العام القادم للتعليم الجامعي.
وختامًا فانه لا يمكن لقطاع أن ينمو منفصلًا عن بقية القطاعات، لا التعليم في منأى عن الميدان ولا العكس، إن الحاجة إلى وجود الخبراء المتخصصين في المجالات المتنوعة، هي حاجة ملحة، وهي مسؤولية تشاركية ما بين مخرجات التعليم وما بين أساليب التدريب المتبعة في سوق العمل، وما بين المتعلمين الراغبين بالتطوير من أنفسهم وفي مجالاتهم كذلك، ومن واجبنا كأبناء لهذا الوطن أن نعمل جاهدين على تنميته، وتحسين جودة مخرجاته بتحسين ذواتنا ومعارفنا والعمل على تطوير أنفسنا مما سينعكس تاليًا في تطويرنا لهذا الوطن الذي ندين له بالكثير.
المراجع
غازي القصيبي. (2011). التنمية… الأسئلة الكبرى. تأليف غازي القصيبي، التنمية… الأسئلة الكبرى (صفحة 136). المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
أ.د. ناصر يونس. (2016). أهمية دور المتعلم في أنجاح العملية التعليمية. تعليم جديد.
د. حمد آل الشيخ. (2021).
ماجد الخالدي. (2021). التعليم” يتصدر الإنفاق في ميزانية 2021 بـ 18.8 % .. و”الصحة والتنمية الاجتماعية” بـ 17.7 %. الاقتصادية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال