الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بناء المواطن المؤهَّل لإدارة برامج التحوُّلات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة يعدُّ هدفًا مركزيًّا لبرامج (رؤية المملكة 2030). فاعليَّة الاستراتيجيَّات التنمويَّة وجدواها تقاسان بدرجة نجاحهما في بناء الإنسان المتطوِّر، وتعزيز قدراته البشـريَّة… وليس من خلال مساحة البُنى التحتيَّة المنجزة،أوكميَّة الخرسانة المستخدمة، أوعدد المباني الشاهقة المشيَّدة. خطط التنمية الاقتصاديَّة في عديد من الدول، أخفقت في تحقيق أهدافها بسبب إهمالها مقوِّمات بناء الإنسان المتطوِّر المنتج، وركَّزت على الإنجازات الماديَّة والعمرانيَّة. إعداد المواطن المتميِّز لا يعدُّ الهدف الأسمى لبرامج التنمية الاقتصاديَّة و الاجتماعيَّة، ومنها برامج (رؤية المملكة 2030) ، بل مادَّتها الأساس ، وأداتها التنفيذيَّة الأكثر أهميَة ايضًا .
إبَّان السنوات الست الماضية، صدرت عن (رؤية المملكة2030) سلسلة من برامج مصمَّمة لإحداث تحوُّلات جذريَّة في هيكل الاقتصاد، وبنية المجتمع السعودي. لعلَّ أهمَّ تلك البرامج ، وأعمقها تأثيرًا برنامج “تنمية القدرات البشـريَّة”. يستمدُّ البرنامج أهميَّته من رفده الاقتصاد الوطني بالطاقات البشـريَّة المؤهَّلة، والقادرة على تنفيذ البرامج التنموية بكفاءة. فتهيئة احتياجات الرؤية من عنصـر الانتاج البشـري ، وتوفير خزين احتياطي من الكفاءات الوطنيَّة،يجنِّبها مشكلة “اختناق التنمية”، ويحول دون تلكُّؤ إنجاز برامجها ومشاريعها.
لا جدال في أنِّ جهود إعداد الطاقات البشـريَّة في المملكة تواجه جملة من التحديات التي شخَّصها مصمِّمو برنامج (تنمية القدرات البشريَّة ) بدقَّة. أهمُّها:
يعدُّ البرنامج كما سبق التنويه عنه في مستهلِّ المقال، أحد أهمِّ أدوات تنفيذ برامج الرؤية، حيث يهدف إلى تأهيل المواطن السعودي وتمكينه، ورفده بالمهارات الأساسيَّة التي يتطلَّبها سوق العمل وبرامج التنمية الآنيَّة والمستقبليَّة. التميز واعتماد مناهج التعليم المتطوِّرة وعناصر الابتكار والمعرفة، تعدُّ أهم مقوِّمات التنمية الاجتماعيَّة والنموِّ الاقتصادي المستدام .
لتحقيق هدف إعداد المواطن المتميِّز والمنتج والمؤهَّل، يوظِّف البرنامج استراتيجيَّة شاملة وطموحة، تركِّز على بناء قاعدة تعليميَّة علميَّة متقدِّمة ، وتطوير منظومة المعاهد الأكاديميَّة والمؤسَّسات التعليميَّة، واعتماد المدخلات التعليميَّة المعاصرة. مَّما لا شك فيه أنَّ إعداد مستلزمات بناء اقتصاد الابتكار والمعرفة والتقدُّم التقني ضرورات أساسيَّة لتنمية الاقتصاد الوطني في عالمنا المعاصر، وعوامل حاسمة، ومهمٌّة في تطوُّر المجتمع.
أحد أهمِّ سمات البرنامج شموليَّته حيث تغطِّي مفرداته جوانب عديدة من مسار تطوير الطاقات البشـريَّة، وجميع الفئات العمريَّة ة ومراحل التعليم وأصنافه. السمة المهمَّة الأُخرى في البرنامج، تكمن في إدراك مصمميه حقيقة؛ مفادها أنَّ منهجيَّة تنمية الطاقات البشـريَّة لا تنحصـر في اعتماد مجموعة من المناهج التعليميَّة والبرامج التدريبيَّة المصمَّمة لإيجاد مهارات تخدم مرحلة زمنيَّة محدَّدة… لا، بل عمليَّة حيويَّة متجدِّدة تتيح للمواطنين برامج تمكينيَّة، ومناهج تطوِّر قدراتهم الذاتيَة وتؤهلهم لمواجهة التحدِّيات المتجدِّدة.
لا شك في ان أبرز مفردات البرنامج جدارةَ بالإشارة والإشادة، تكمن في تشخيصه مسلِّمة أَساسيَّة، توجز في أنَّ تمكين الأفراد وتطوير مهاراتهم العمليَّة والمهنيَّة لا يتحقَّقان بمعزل عن التمسُّك بمجموعة من القيم والسلوكيَّات الفرديَّة، والالتزام بالمبادئ الوطنيَّة والإنسانيَّة. أهمُّها: الوسطيّة والتسامح والانضباط والعزيمة والمثابرة. بالإضافة إلى التمسُّك بالقيم الوطنيَّة والدينيَّة.
إلى جانب السمات الأساسيَّة المشار إليها أعلاه،يستند البرنامج على محور ثلاثي من المقوِّمات الاستراتيجيَّة الرئيسة: القيم والسلوكيَّات،والمهارات الأساسيَّة،ومسارات المستقبل.وكذلك على جملة من المقوِّمات الضـروريَّة،لعلَّ أكثرها أَهميَّةٍ.
لكن يبقى السؤال الأهمُّ: ما أثر (برنامج تنمية القدرات البشـريَّة) في زخم النشاط الاقتصادي المتصاعد في المملكة، وعلى أدائه المستقبلي واستدامة نموِّه؟ نجاح استراتيجيَّة تطوير القدرات البشـريَّة من المتوقَّع أن يترتَّب عنها زيادة في حجم الإنتاج الكلِّي، وارتفاع مستوى الإنتاجيَّة، وزيادة مستوى الاستخدام-التوظيف، وارتفاع الدخل الأسري والفردي.
هذه التغييرات الإيجابيَّة مجتمعةَ تفضـي إلى زيادة الدخل القومي، والناتج المحلِّي الإجمالي، وإلى زيادة مستوى الرفاهية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي، وتحسن جودة الحياة في مقبل الأعوام والعقود . وهنا، تكمن أبرز مبرِّرات البرنامج وضروراته.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال