الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نستكمل في هذا الجزء الثاني تحليل الدليل الخاص بتحوُّل الشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى شركة مساهمةٍ مقفلةٍ، والذي أصدرته وكالة الأعمال التجارية والاستثمار – الإدارة العامة للحوكمة والتزام الشركات التابعة لوزارة التجارة.
حيث تنتشر الشركات ذات المسؤولية المحدودة في البيئة الاستثمارية، وذلك بالنظر إلى خشية الشركاء من رجوع دائِنِي الشركة على أموالِهِم الخاصة.
لكن الحقيقة التي اكتشفنَاهَا في الجزء الأول من هذا المقال هي أنَّ قواعد تنظيم الشركات ذات المسؤولية المحدودة تحد إلى درجة كبيرة من حركتها وتوسعها ونموها، الأمر الذي يتوازى مع ضعف المخاطر لدى الاشتراك في هذه الشركة.
أي أنَّ ضعف المخاطر الناتجة عن محدودية المسؤولية، يقابلها أيضاً ضعفٌ في الأداء التشغيلي وبطء في حركة رأس المال.
في المقابل، فإنَّ شركة المساهمة المقفلة تَحمِل خاصية المسؤولية المحدودة للمساهم في إطار قيمة أسهمه (م/52 شركات)، ويمكن للشركاء قفل التداول (م/108 شركات) في نطاق عائلتهم مثلاً.
وبالإضافة إلى ذلك تكون إدارة الشركة محكومةً بقواعدٍ مرنةٍ وحديثةٍ تُرَاعِي فصل الملكية عن الإدارة وسهولة صدور قرارات الإدارة وتنفيذها، والأهم أنَّ نمو الشركة وتوسُّع نطاق انتشارها يكون أسهل في شركة المساهمة حتى بصورَتِهَا المقفلة؛ لأنَّ قيود التداول ليست مطلقةً، ويمكن للشركة أن تَحصَلَ على التمويل بالاكتتاب مع مراعاة قيود المساهمة والتداول.
فالحقيقة هي أنَّ درجة المخاطر المالية لا تَرتَفِعُ مع تحوُّل الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى شركة مساهمة؛ لأنَّ رأس المال سيتحوَّل إلى إدارةٍ تنفيذيةٍ مستقلةٍ عن الملكية، فإذا أحسنت الجمعية العامة اختيار مجلس إدارتها، وأحسن المجلس اختيار الإدارة التنفيذية؛ يمكن أن تنخفض المخاطر حتى عن تلك التي تحيط برأس مال الشركة المحدودة.
بناءً عليه، يمكن تحليل أهمِّ قواعد تحوُّل الشركات من محدودة المسؤولية إلى مساهمةٍ مغلقةٍ، ومغريات هذا التحوُّل فيما يلي:
لذا، تبدو إمكانية زيادة رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة شبه مستحيلٍ؛ فمن غير المُتَصَوَّر اجتماع الشركاء على رأيٍ واحدٍ إلاَّ في حالاتٍ نادرةٍ.
وبالمقارنة، يمكن زيادة رأس مال شركة المساهمة وتطوير أعمالها بقرارٍ استثنائيٍّ من جمعيَّتِهَا العامة غير العادية بعد حضور (1/2) نصف المساهمين على الأقل، وبقرار (3/4) ثلاثة أرباع الحاضرين (م/94-4 شركات). بعدها يمكن أن يتمَّ الاكتتاب أو تداول الأسهم بين المساهمين في شركة المساهمة المقفلة بغير حاجةٍ لتعديل نظامها الأساس، بل فقط إدراج تعديل أسماء المالكين في سجل المساهمين التي تُمسِكُهُ الشركة (م/109-1 شركات).
وهكذا، يبدو أنَّ التعامل على حقوق الأولوية قبل تسديد قيمة الأسهم الجديدة هو من أهم ما يميز شركة المساهمة عن المحدودة.
كما أنَّه ليس للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تحصل على التمويل عبر إصدار صكوك الدين (نفس المادة)؛ حمايةً للممولين من ضعف القوة الائتمانية للشركة في ظلِّ مسؤولية الشركاء المحدودة عن ديونها.
كل هذه القيود التمويلية لا تعاني منها الشركة المساهمة المقفلة؛ لأنَّ لها الحصول على التمويل عبر الاكتتاب العام، ذلك وإن تمَّ تقييد تداول الأسهم بقيودٍ غير مطلقةٍ (م/108 شركات)؛ كأن تكون الشركة مغلقةً للتداول بين أفراد العائلة أو بين السماسرة العقاريين أو المقاولين وهكذا، فهنا يمكن لأيِّ شخصٍ يَحظَى بالصفات المطلوبة الدخول في اكتتابات الشركة.
هذا إلى جانب أنَّ قواعد انعقاد الجمعية العامة، وطريقة الإشراف على عمل مجلس الإدارة، وتقسيم المهام التنفيذية فيها تَسِيرُ وفق معايير حوكمة الإدارة الرشيدة المُتخصِّصة.
في المقابل، يخضع تمديد مدة الشركة المساهمة لقرار جمعيتها العامة غير العادية بحضور نصف المساهمين على الأقل، وبقرار (3/4) ثلاثة أرباع الحاضرين (م/94-4 شركات)، حتى وإن كان الثلث الباقي مُعتَرِضَاً على تمديد مدة الشركة، وحتى وإن كان الغائبون عن حضور الاجتماع مُعتَرِضِين أيضاً.
وهكذا، يظهر بوضوح أنَّ فرصة الشركة المساهمة المقفلة بالاستمرار والبقاء في السوق أكبر، بكثير من الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
كما أنَّ إجراءات تحوُّل الشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى مساهمةٍ مقفلةٍ قد أصبحت سهلةً بعد أن أتاحت وزارة التجارة تنفيذ هذا التحوُّل إلكترونياً، هذا بالإضافة إلى أنَّ الوزارة أتاحت انعقاد الجمعيات العامة للشركات المساهمة إلكترونياً أيضاً.
بناءً عليه يبدو أنَّ الطموح الاستثماري يَفرِضُ على أصحاب الشركات ذات المسؤولية المحدودة التفكير بتحوُّلها إلى مساهمةٍ مقفلة، ذلك قبل أن يتجاوَزَهَا السوق، وتُصبِحُ المنافسة شبهَ مستحيلةٍ عليها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال