الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يواجه العالم صدمة كبيرة من التضخم المصحوب بالركود بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وبداية الأنقسامات الجيوسياسية للنظام العالمي الحالي حيث من المتوقع أن يؤثر الصراع بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات المالية المفروضة بحق روسيا على الاقتصاد العالمي وذلك بارتفاع أسعار السلع المدفوع بنقص سلاسل الإمداد.
الاقتصاد العالمي يواجه صدمة إمداد حقيقية واسعة النطاق وعلى جبهات متعددة فقد تعرضت إمدادات النفط والغاز والقمح والأسمدة والمعادن الصناعية مثل النيكل والتيتانيوم والتي تشكل معًا الجزء الأكبر من صادرات روسيا وأوكرانيا إلى انخفاض شديد والنتيجة هي زيادة الأسعار العالمية لجميع هذه السلع وبالأخص النيكل والتي بلا شك ستؤدي إلى تضخم الصناعات التي تدخل هذه السلع في إنتاجها.
بعد التعافي الجزئي من كورونا كان هناك حديث عن مخاطر الركود التضخمي بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والضغط على سلاسل الإنتاج العالمية لكن هذا الخوف كان مؤقتًا ومن المفترض أن يتلاشى بمجرد عودة سلاسل الإمداد إلى درجة ما من الحياة الطبيعية ولكن تغير كل شيء بعد الحرب الروسية الأوكرانية وستكون الصدمة أكبر بكثير وستؤثر على نطاق أوسع وستستمر لفترة أطول.
سيؤدي نقص الإمدادات حتماً إلى تقليل النشاط في صناعات عديدة وفي الوقت نفسه سيؤدي ارتفاع التضخم إلى تقليل القوة الشرائية للمستهلكين الذي يقود إلى تقليل النشاط الاقتصادي مع تسريع التضخم مما ينتج خسائر في الوظائف ونزول حاد في أرباح الشركات وستكون نتيجته خفض ملحوظ في الاستثمارات.
ارتفعت علاوة المخاطر في بعض البنوك الأوروبية وستكون الأسواق متيقظة لأي إشارة لمشاكل التخلف عن السداد أو السيولة للشركات التي لها روابط أعمال قوية بروسيا خصوصاً شركات البتروكيماويات التي تعتمد على امدادات الغاز الروسي وبدأت المشاكل تظهرسريعاً حيث صرح الرئيس التنفيذي لشركة كوفيسترو الألمانية والتي تعد لاعباً رئيسياً في قطاع البولي كربونيت أن أي حظر فوري على الغاز الروسي سيؤدي إلى نتائج كارثية وستنهار سلاسل الإمداد والإنتاج بأكملها.
وتشير مؤشرات التخلف عن سداد الائتمان إلى أن الحكومة الروسية في مأزق حرج وستلجأ إلى رفع سعر الفائدة بشكل مستمر لاحتواء مخاطر الأزمة الذي سيقود إلى تضخم سريع سينعكس على أسعار السلع الرئيسية التي يتم تصديرها من روسيا.
ستحد استراتيجية تقييد الموارد المالية الروسية من المرونة المالية ما يؤدي إلى زيادة تكاليف التمويل ومع ذلك ستبحث المؤسسات المالية الروسية عن بدائل للوساطة في النظام المالي العالمي فهم معزولين تماماً من نظام سويفت والمؤسسات العالمية المرتبطة به حيث يسعى المستثمرون الروس إلى تداول البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى إذا تحرك البنك المركزي بسرعة نحو هذه البدائل المالية .
سيؤدي التدمير لبعض البنية التحتية “المحتملة” للنقل (وأهمها الموانئ في أوكرانيا) إلى تعقيد مشكلات سلسلة التوريد الحالية بسبب الصعوبات التي تؤثر على الطرق البرية والقيود على الروابط الجوية وكذلك إلغاء طرق الشحن البحري من أوكرانيا.
ستتعثر الروابط الجوية بين روسيا وأوروبا (وبالتالي آسيا وأوروبا) بشدة بعد قرار دول الاتحاد الأوروبي إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات والشحنات الروسية والقرار المتبادل من روسيا لإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الأوروبية .
من غير المرجح عودة العلاقات الأوروبية الروسية إلى ماقبل الحرب وبكل تأكيد ستقوم روسيا باستهداف الأسواق الآسيوية في إنتاجها من النفط والغاز والذي سيؤثر على حصص الشركات السعودية في تلك الأسواق وعليه من الضروري إستهداف السوق الأوروبية لتلبية الطلب المتوقع من نقص الإمدادات الروسية وتعويض الحصة السوقية التي قد تفقد في السوق الآسيوية نتيجة إعادة توجيه النفط والغاز الروسي لها خصوصاً السوق الصيني والهندي والتي قد تدخل في حرب أسعار نتيجة انحصار المنتج الروسي عليها.
ويجب استغلال المركز المالي القوي للشركات المحلية وذلك بانتهاز الفرصة لإستحواذات جديدة حيث من المتوقع أن تتساقط الشركات الأوروبية نتيجة هذه الأزمة كما أنه من المهم فتح أبواب الاستثمار للشركات الأوروبية التي تعطي قيمة مضافة للصناعة المحلية لنقل عملياتها التشغيلية للمملكة لدفع عمليات التوطين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال