الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أخيرا .. استطاعت السلطات السعودية مواجهة فوضى جمع التبرعات الخيرية وإخراج الصدقات ومساعدة الناس بطريقة احترافية وراقية وتصل الى أصحابها بكل يسر وسهولة، بعدما زادت في العقود الماضية عمليات النصب والاحتيال تحت ذريعة الأعمال الخيرية، ويستغلها ضعاف النفوس للتكسب منها، أو تذهب الى جيوب الإرهابيين والجماعات المتطرفة، لغياب ألية مراقبة هذه الأموال كيف تجمع وكيف تصرف.
في 20 مارس من 2021 فاجأت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” المجتمع السعودي بإطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري “إحسان” ضمن مساعيها لدعم العطاء الخيري في السعودية، واشتركت اكثر من 11 جهة حكومية بمشاركة إشرافية، ومن شان هذه المنصة أنها ستسهم في حفظ جهود المتبرعين وأصحاب الخير، كما ستعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه المتبرعين فيما يتعلق بإجراء الحوالات البنكية للجهات الغير ربحية كما تعمل أيضا على تنظيم بوابات الدفع المخصصة للتبرعات الإلكترونية، كما تسهل رصد ومتابعة عمليات التبرع كافة، وسهولة الرقابة عليها لضمان أن تذهب لمستحقيها، المشروع أيضا يهتم بالمتبرع وتكثيف التواصل معه لتزويده بالقنوات المختلفة التي تمكنه دعم المؤسسة الخيرية المفضلة لديه.
اللافت في منصة إحسان، أنها جمعت كل الأعمال الخيرية في منصة واحدة، ولا يحتاج للمتبرع أن يتنقل من جمعية الى أخرى ويتحمل مشقة البحث عن الأشخاص أو المحتاجين، وأعطت القيادة السعودية من قمة الهرم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اهتماما بالغا وعناية كبيرة لدفع هذا المشروع الضخم نحو الأمام.
وبلغت حملة التبرعات سواء في حملته الأولى أو الثانية التي أطلقت قبل أسابيع أكثر من مليار و800 مليون ريال تستفيد منها أكثر من 60 جهة حكومية وخيرية عبر أكثر من 200 فرصة عطاء متنوعة، بإجمالي عمليات تجاوز 24 مليون عملية تبرع، استفاد منها أكثر من 4 ملايين مستفيد.
حلت السعودية معضلة كبيرة حينما أولت هذا الموضوع اهتماما كبيرا خاصة وانه كان مقلقا للكثيرين، لكونها مع حجم التبرعات التي كان يدفعها المحسنون، لم تنعكس إيجابا على المحتاجين من الفقراء والمساكين، ولم تكن تصلهم هذه المساعدات، فقد كانت تتعرض للاحتيال والنصب قبل أن تصل الى المستحقين، وربما تظل الطريق وفي مرات كثيرة يذهب أكثر من نصف التبرعات لمصاريف إدارية وتشغيلية المرتفعة للجمعيات الخيرية، وجاءت منصة إحسان قلصت من المصروفات الإدارية للجمعيات.
وعززت السعودية توجهها لتوحيد قنوات أعمال الخير حينما أصدرت نظام جديد لمكافحة التسول، وهذا أيضا احد المناظر التي كانت تقلق المسؤولين كما أنها كانت احد طرق جمع الأموال بطريقة غير مشروعة وتذهب لعصابات، وتدخل في قضايا غسيل أموال، وتم اكتشاف توظيف نساء وأطفال ورجال، وبالفعل ضبطت السلطات الأمنية على المنافذ حجم الأموال التي كانت تخرج.
وبينت النيابة العامة، انه من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقدا أو عينا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت”. وان القانون يعاقب امتهان التسول وهي الحالة التي يقبض فيها على الجاني للمرة الثانية أو أكثر وهو يمارس فعلته المجرمة قانونا وكل ما مارس التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأي صورة كانت على امتهان التسول يعاقب بالسجن مدة تصل إلى 6 أشهر، وغرامة تصل إلى 50 ألف ريال، كما تجيز القوانين السعودية ترحيل من يمتهن التسول من الأجانب المقيمين باستثناء زوج المواطنة أو زوجة المواطن.
منصة إحسان مكنت المتبرع اختيار منتجاته التي يرغب المساهمة فيها كما تضع المتبرع في الصورة، فمثلا مبادرة بناء المساجد جمعت أكثر من مليون و400 ألف ريال، وتظهر لك المنصة المتبقي من احتياج تغطية هذا المشروع، وهو مليونين وأكثر من 500 ألف ريال، وبالتالي أنت كمتبرع تتنقل وتختار المشروع الذي ترغب المساهمة فيه، وأيضا تأثيث المنازل، والكفالة التعليمية للمحتاجين، عمليات جراحية للمحتاجين، السلال الغذائية الرمضانية، حلقات تحفيظ القران، أجهزة منزلية للمحتاجين، وسقيا الماء، كسوة العيد، وتفريج كربة.
لمصداقية الموقع يقدم لك التفاصيل التي تحفزك للتبرع والمساهمة، فالمنصة في كل مشروع ومبادرة خيرية تحمل تفاصيل مريحة للمساهمين، فمثلا تحت مشروع تفريج كربة يوضح لك عدد المستفيدين والبالغ عددهم حتى كتابة هذا المقال 165 شخص، بينما العدد المستهدف 179 شخص، وهكذا كل المبادرات والمشروعات الخيرية، ترى كافة التفاصيل من المستفيد وكم عددهم؟ وكم المتبقي؟، حتى اسم الجمعية التي ستذهب إليها مساهمتك يمكنك مشاهدتها ما يعني، انه من الصعب أن تضيع الأموال التي تتبرع بها، لأنك تختار الجهة وتراها بأم عينك أين تذهب.
ولعلنا نلوم المجتمع الذي ساعد في انتشار ظاهر التسول، من خلال تقديمه العون والمساعدة كل من مد يده في الشوارع والطرقات طلبا للمساعدة المالية، أما الآن لن يستطيع أحد أو يجرؤ على دفع مبالغ مالية للمتسولين بعدما أصبح تقديم المال للمتسولين دعم وتشجيع لهم، مخالفة ومتى ما تم ضبطه سيحال للتحقيق والمحاكمة، لأنه يساعد في تشويه الصورة الأمنية للبلاد.
واذكر قبل عام تم تقديم مقترح الى وزارة الشؤون الاجتماعية بمشروع “بطاقة عون” بديل النقد بدلا من أن تعطى للمحتاجين نقد ورقي أو معدني، تمنح لهم بطاقة تحمل قيمة مادية يمكن التعاون مع مراكز التسوق بحيث تصرف لهم احتياجاتهم الضرورية، مثلا نحن كمجتمع اعتدنا أن ندفع بعض المبالغ لعمال النظافة الذين يقفون عند إشارات المرور، فبدلا أن ندفع لهم مبالغ، وتأخذ طريقها مسلكا غير صحيح، ندفع لهم بطاقة تموينية لا يمكن استبدالها بنقود إنما تصرف لهم بمقابلها، احتياجهم أما ماء أو وجبة غذائية، الوزارة عمدت احد الجمعيات الخيرية في جدة، وبقى ملف المشروع في درج المدير ولا يزال حتى الآن، وهي احد المبادرات لمواجهة تهرب الأموال الى الخارج أو تقع في يد عصابات.
من الضروري أن يتجاوب المجتمع مع هذه المبادرة وربما تتطور “إحسان” مستقبلا وتشمل كافة أنواع الأعمال الخيرية بما فيها الزكوات والصدقات والأضحية في موسم الحج، وحتى حج البدل أو العمرة عن الغير، وجمع الملابس والتبرعات العينية بحيث نضيق الخناق على أي شبهة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال