الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد المرحلة الثانية “للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2022 ” والذي أطلقته الهيئة العامة للإحصاء، احد أهم مقومات خطط التنمية الاقتصادية ، وبرامج التحولات الاجتماعية الراهنة في المملكة العربية السعودية, وضرورة اساسية لسلامة تخطيط وتنفيذ الخطط والبرامج التنموية.
يترتب عن هذه الممارسة الاقتصادية المهمة حزمة من المنافع تشمل المكونات الاقتصادية الأساسية الثلاث ؛ الحكومة” القطاع العام” والمنشآت الخاصة والأفراد ” المستهلكين”. فالتعداد السكاني يوفر لصناع القرارات الاقتصادية والسياسية قواعد بيانات تفصيلية ، ومعلومات دقيقة عن التغييرات السكانية والفئات العمرية ،والنمو الديمغرافي وتحليل التغيرات في التوزيع السكاني الآني والمستقبلي واسبابها. تنوع البيانات وشموليتها ودقتها تعين المخططين وأصحاب القرار على رسم مسارات الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية الصائبة ، وتحديد عرض السلع والخدمات العامة ، وتخطيط نمو القطاعات وقياس أثر المشاريع العامة مستقبلاَ.
للتعداد العام للسكان منافع عديدة للقطاع الخاص ايضا . فنتائج التعداد تتيج إدارات المنشآت الربحية تقدير حجم الطلب المستقبلي على السلع والخدمات ، وتشخيص التحول في أنماط استهلاك الأفراد ، ومستوى دخولهم ومصادرها وسواها من المتغيرات المهمة للمنشآت الخاصة . الأفراد “المستهلكين” بدورهم ينتفعون بشكل مباشر او غير مباشر من التعداد العام للسكان ونتائجه وبياناته. أهم تلك المنافع معرفة حجم وتفاصيل السلع العامة “Public Goods” المعروضة من الدولة مستقبلاَ، والوقوف على معلومات وتقديرات اقتصادية مهمة منها حالة سوق السكن، تسهم في اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة مستقبلاَ.
اهتمام الدول في تصميم وإجراء الاحصائيات السكانية الشاملة الدورية ، بصرف النظر عن حجمها وتباينها النوعي ينصب على توفير قاعدة البيانات والمعلومات الديموغرافية الدقيقة المطلوبة لتحقيق أهداف خط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. فبناء برامج اقتصادية واجتماعية فاعلة يعتمد على توفر قواعد بيانات صلبة ودقيقة تتيح لمخططي السياسة الاقتصادية والبرامج التنموية وضع رؤية شاملة ، و صياغة توقعات مستقبلية لأهم المفاصل الهيكلية والمتغيرات الاقتصادية الاساسية بشكل يخدم التنمية المستدامة ويحقق تكافؤ الفرص بين كافة فئات المجتمع .
لا مناص من الإشارة الى تميز “التعداد العام للسكان والمساكن” الراهن عن سياقات التجارب السابقة من جوانب عديدة لعل التطور النوعي في التقنيات المستخدمة في الاستبيانات وإعداد قاعدة البيانات. الى جانب توقيت اطلاق التعداد في هذه المرحلة التي تتسم بالاستقرار الاقتصادي، وارتفاع الإيرادات النفطية، ونجاح الاقتصاد السعودي في تجاوز تداعيات جائحة كورونا.
عند الحديث عن “التعداد العام للسكان والمساكن” الراهن، لا بد من الاشادة بجهود الهيئة العامة للإحصاء المتميزة في إدارة المرحلة الاولى من التعداد ونجاحها . حيث قامت فرق الهيئة بزيارة كافة المساكن في المملكة، والتواصل مع أصحابها وسكانها بطريقة حضارية واحترافية متميزة . كما لا يفوتني التنويه بالتعاون النموذجي بين الهيئة العامة للإحصاء والهيئة العامة للبيانات والذكاء الاصطناعي، الذي اتاح امكانية مشاركة كافة فئات المجتمع وشرائحه عبر التطبيقات التقنية الخاصة بالحملة ، وتسهيل تعبئة البيانات ، والرد على الاستفسارات المتعلقة بالإحصاء بوضوح دون الحاجة الى زيارة مندوب هيئة الإحصاء منازل السكان . هذا النجاح اللافت عكس حجم التطور الكبير الذي حققته المملكة على صعيد التحولات الرقمية.
الجدير بالاشارة، ان نجاح وفعالية “التعداد العام للسكان والمساكن” لا يتوقف على المستلزمات البشرية والمادية والتقنية التي توفرها الاجهزة الرسمية ، ولا على تناغم ادورا الهيئات والأجهزة الحكومية المعنية في ادارة التعداد فحسب ، بل ان نجاح العملية يتوقف بشكل أكبر على وعي المواطن السعودي، وادراكه اهمية العملية الاحصائية في بناء مستقبله ، ومساهمته الجادة في هذا النشاط الاقتصادي والاجتماعي المهم بتقديم المعلومات البيانات الدقيقة والصائبة.
من النافل، ان التعداد العام للسكان والمساكن يعد احد المقومات الاساسية لبناء مستقبل مزدهر لوطننا العزيز في ظل قيادته الحكيمة، وضرورة تنموية بالغة الاهمية في تحقيق التطلعات السامية لرؤية المملكة 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال