الجنود يربحون المعارك و اللوجستيات تفوز بالحرب

جاء العنوان أعلاه على لسان الجنرال جون بيرشي في معرض تأكيده على أهمية اللوجستيات للنجاح المستدام وحسم المعارك. ولمن لا يعرف معنى الخدمات اللوجستية فهي العمليات والإجراءات التي تتضمن نقل البضائع من نقطة إلى أخرى عن طريق جميع وسائل النقل البرية أو البحرية أو الجوية. كانت العمليات العسكرية من نقل للجنود والعتاد هي انطلاقة تقديم اللوجستيات كمصطلح عالمي ثم امتد هذا المصطلح ليشمل جميع الأنشطة الحياتية لنقل وتوريد البضائع. 

كانت بداية جائحة كورونا مقدمة للكثيرين للتعرف على أهمية دور اللوجستيات في استقرار المجتمع بتأمين الأغذية والمستلزمات الطبية مع حالة الهلع العالمي من نقص وصعوبة الإمدادات. إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية بدأت بملامسة مخاوف الكثير عن مدى تأثيرها على سلاسل الأمداد الغذائية عالمياً وانعكاس ذلك على الاسعار بشكل مباشر. 

يقودنا ذلك الى التفكير في مدى كفاءة وتنافسية الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد في المملكة وانعكاس ذلك على الأسعار لدى المستهلك النهائي. يشير تقرير لشركة ماكينزي أن ضعف ومشاكل الخدمات اللوجستية في الشرق الأوسط أدى الى انخفاض بنسبة 8% من إجمالي الحركة البحرية مقارنة بزيادة بنسب تصل الى 30% دول أخرى ذات كفاءة أكبر. وهذا يعني أنه كلما قلت قدراتك الفنية واللوجستية قلت رغبة المصنعين والناقلين بالتوجه الى سوقك مما قد ينعكس بشكل مباشر على قلة العرض وزيادة الطلب وبالتالي على الأسعار. 

فمثلاً يرتبط ميناء الملك عبدالعزيز  بجدة بارتباط مباشر مع 108 ميناء بينما يرتبط ميناء سنغافورة 249 ميناء. وحسب صحيفة الاقتصادية “تتطلب الموانئ الأقل ارتباطا ما يصل إلى ست عمليات إعادة شحن، مع سبع خدمات مباشرة من ميناء إلى ميناء و14 عملية نقل من الموانئ لصفقة تجارية واحدة” مما ينعكس على التكلفة والوقت اللازم للخدمات.

من المؤثرات السعرية أيضاً في سوقنا المحلي هي طول سلاسل الإمداد فالمستهلك النهائي لا يصله المنتج الا بعد ثلاثة أو أربعة موردين يقوم كل منهم بإضافة هامش ربح حتى يصل للمستهلك النهائي بسعر يعادل الضعف! ناهيك أن هذه السلاسل في غالبها غير مؤتمتة أي تحتاج الى قوى بشرية غالبيتهم من الأجانب وأي تكاليف استقدام أو رسوم يتحملها المستهلك النهائي أكثر من مرة. 

أدركت المملكة أهمية دور اللوجستيات لنجاح رؤية 2030 حيث كان تحويل المملكة الى مركز لوجستي مفضل على مستوى المنطقة أحد أهم ركائز الرؤية والتي بنيت على محاور تحسين العمليات والبنية التحتية وإصلاح العمليات التنظيمية.  فاللوجستيات المتطورة تلعب دوراً هاماً في تحسين المؤشرات الاقتصادية حيث تقدم مساهمات كبيرة للاقتصاد من خلال خلق فرص العمل وزيادة الاستثمار الأجنبي كما تمثل داعماً رئيسياً في تعزيز قدرات الشركات المحلية وتنافسيتها عالمياً. وكلما كان مستوى الخدمات اللوجستية متقدماً كلما أنعكس ذلك على رفاهية المواطن.

في رعاية الله….