الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد “السياحة العلاجية” مقوّماَ اقتصاديا مهماَ للدول الساعية إلى إستثمار وتطوير نظامها الصحي وتحقيق استدامته. وتحويله من نظام استهلاكي إلى بيئة جاذبة للاستثمار، وتنويع مصادر دخلها القومي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وتتمثّل هذه الأهمية الإقتصاديَّة في رؤية المملكة 2030، كجزء من دور المنظومة السياحية في خطة تنويع مصادر الدخل القومي، وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، وزيادة الناتج المحلي غير النفطي، وكأحد مرتكزات بناء اقتصاد مزدهر ومستدام.
وضرورة تطوير خدمات السياحة العلاجية في المملكة لا تقتصر على ما يترب عنها من موارد مالية مباشرة فحسب، بل أيضا في قيمتها المضافة، وأبرزها رفع نسبة توطين وظائف قطاع الخدمات الصحية ، وتحسين مهارات الممارسين الصحيين، وتحفيز الاستثمار المحلي و جذب الاستثمار الاجنبي في القطاع الصحي، ورفع جودة الخدمات الصحية ، وتحسين الصحة العامة .
وتحتوي الأدبيات الصحية والسياحة على تعاريف متعددة ومتباينة للسياحة العلاجية منها تعريف صندوق النقد الدولي بكونها نشاط “السفر الشخصي المتعلق بالصحة” والذي يشمل المنتجات والخدمات الصحية التي يشتريها الأشخاص المسافرون إلى الخارج لأسباب طبية ، سوآءا تلك التي يتحملها الأفراد شخصياَ او المغطاة من قبل المؤسسات الحكومية.
وتعد السياحة العلاجية حلاَ عالمياَ لمشكلة إرتفاع نفقات الرعاية الطبية و/أو تقليل مدة إنتظارالمرضى للحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وكذلك الحصول على رعاية صحية متطورة وعالية الجودة.
وخلال العقود الخمس الماضية، شهدت قطاعات الرعاية الصحية عالميا نمواَ ملحوظاَ، وتوسعاَ في نوعية وكمية الخدمات المقدمة، نتيجة ارتفاع حجم الطلب على الخدمات الصحية العلاجية المتخصصة ،لاسيما تلك التي تقدم بتكلفة منخفضة نسبيا وجودة رعاية صحية مرتفعة . ويعزى هذا النمو المتواصل الذي قاد الى انبثاق نشاط “السياحة العلاجية” وضّح الأسس العلمية، وكـ حل فعال يوفر للمرضى خدمات علاجية خاصة ، ذي جودة عالية وكلف قابلة للدفع نسبيا من قبل الحكومات والمشتري للخدمات العلاجية، مع التمتع بتجربة متميزة.
والجدير بالإشارة، أن صناعة السياحة العلاجية في غالبية الدول المهتمة في بناء هذا النشاط ، مصممة لخلق ميزة تنافسية، وتلبية الطلب الخارجي المتفاقم، والاستفادة من الفجوة القائمة بين ارتفاع الطلب وانخفاض عرض الخدمات الصحية النوعية ، والتفاوت الكبير في أسعار الخدمات الصحية المعروضة .
وفي حوار ممتع مع الأخ الاستاذ “عبد الرحمن المسند” المختص في “الرعاية الصحية الحكيمة”، والتي ترتكز على تحقيق قيمة الرعاية الصحية المقدمة من مزوّدي خدمات الرعاية الصحية (المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، إلخ..)، عوضا عن كمية الخدمات.
وطرح الاستاذ عبد الرحمن مسألة بالغة الاهمية تتلخص في ان جودة الرعاية الصحية المقدمة تُكسب مزوّدي الخدمات الصحية ثقة العميل والمريض، مما يتيح للقطاع الصحي تسعير خدماته وفقا ً لمعيار القيمة (Value-Based Pricing). وإن هذا المفهوم يعد الركيزة الأساسية للوصول إلى عائد مرتفع للاستثمار في نشاطات السياحة العلاجية مقابل تقديم خدمات صحية وعلاجية بكفاءة وفعالية.
ولقد حققت المملكة العربية السعودية إبان السنوات الاخيرة انجازات نوعية كبيرة في القطاعين الصحي والسياحي، وتمكنت من تهيئة البنية التحتية المطلوبة لتطوير خدمات السياحة العلاجية، كتوفير التنوّع في المنشآت الصحية، واجود التقنيات، وكفاءات بمختلف التخصصات الطبية. الى جانب التسهيلات التنظيمية التي اقرتها القيادة الرشيدة حفظها الله وأبرزها تيسير اجراءات الحصول على تأشيرات الدخول لغرض الزيارة العلاجية. بالاضافة الى عوامل النجاح المذكورة، ثمة مقومات مساعدة عديدة اخرى تسهم في نجاح خطة بناء نشاط سياحة علاجية ناجح، اهمها الطبيعة الخلابة والتنوع الجغرافي الذي حظيت به بلادنا الغالية والتي تجعل منها مركز جذب سياحي اقليمي وعالمي متميز. وعلى الرغم من الانجازات المتحققة في هذا المضمار، مازالت هناك فرص كبيرة ومساحة استثمارية شاسعة متاحة لمبادرات القطاع الصحي الخاص والعام.
ومن المسلم به ان بناء نشاط سياحة علاجية ناجح ومعاصر يتطلب توفير جملة من المقومات المادية، البنى التحتية والإدارية ولعل اهمها: الكوادر الطبية والإدارية المؤهلة والملمة في أسس الرعاية الصحية، وفي “تجربة المريض ” بشكل خاص.
واخيراَ، تجدر الاشارة ان ضرورات تسريع بناء خدمات السياحة العلاجية المتميزة والناجحة يتطلب قيام جهد مشترك بين وزارتي السياحة والصحة لأنشاء “مسرعات اعمال” تعنى في تقديم خدمات متكاملة لرواد الاعمال والمستثمرين، وتهيئة الفرص الاستثمارية. بالإضافة الى تنظيم ورش عمل تبحث سبل تطوير هذا النشاط الاقتصادي الضروري.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال