الفرز الطبيعي.. المُخرج الأهم لتعليم ريادة الأعمال 

تعليم ريادة الأعمال لطلاب المدارس والمعاهد والجامعات أصبح ضرورة حتمية لإيجاد روّاد أعمال يساهمون في عملية النمو الاقتصادي الوطني من خلال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن ما هو النموذج التعليمي في هذا المضمار الذي يمكن أن يُبرز الطلاب كمشاريع روّاد أعمال مستقبليين قادرين على تأسيس وتشغيل منشآتهم؟

الهدف الأساس من تعليم ريادة الأعمال هو تطوير مهارات الطلاب في إدارة المشاريع (المنشآت)، ولكن من المهم تطعيمه بالمادة النفسية التي توجِد الزخم المطلوب لدفع من يتناسب معهم العمل الحر نحو ريادة الأعمال، وتثبيط من لا يناسبهم هذا التوجه، مما يرفع من نسبة احتمالية النجاح في إيجاد روّاد أعمال تجارية مستقبلا، وفي ذات الوقت رفع نسب حماية من لا يناسبهم العمل الحر من الفشل.

هنا، من المفترض أن تعمل المادة العلمية – كمرحلة أولى – على مساعدة الطالب في أن يستطيع اكتشاف قدراته في تأسيس وتنظيم وإدارة المشاريع، ومن ثمّ اتخاذ قراره المبدئي لدخول هذا المجال مهنيا، ولتحصل عملية فرز طبيعية لأن هناك طالب سينجذب لما يتعلمه وسيرى نفسه مناسبا لخوض غمار ريادة الأعمال، بينما يكتشف طالب آخر بأنه غير ذلك. 

لذلك، من المهم أن تقوم مقررات تعليم ريادة الأعمال على المحتويين المهني والمهاري، فكلاهما يساهمان في تكوين نيّات التوجه لريادة الأعمال ومن ثم العمل الحر عند الطلاب، فعلى سبيل المثال فإن مهارة كتابة تقرير جدوى اقتصادية أو اختبار منتج أولي أو بناء خطة عمل تشغيلية لمنشأة افتراضية بشكل مهني سيساعد الطالب في اكتشاف وتقييم العمل الحر كمهنة، وبعد تناقص الأعداد الكلية للطلاب ما بين من قرر التوجه للعمل الحر وغيرهم ممن لا يرغب فيه دون أي ضغوط، يبدأ الطلاب المؤهلين على تعزيز مهاراتهم الريادية من خلال مادة علمية متقدمة كمرحلة تعليمية جديدة، مما يساهم في الحفاظ على سلامة الموارد من الإهلاك في حال الاستثمار في غير المؤهلين ذاتيا. 

كما أن مقررات تعليم ريادة الأعمال في المدارس والمعاهد والجامعات بحاجة لمعلمين ذوو كفاءات عالية تزيد من قدرة الطلاب على استيضاح نواياهم نحو التوجه المهني لريادة الأعمال ومن ثم تطوير مهاراتهم، وهنا يمكن الاستعانة بروّاد أعمال مهنيين مخضرمين كمعلمين ومدربين، ممن صنعوا تجاربهم وبنوا معرفتهم، ولديهم القدرة والاستعداد للمشاركة في العملية التعليمية.

تعليم ريادة الأعمال للطلاب في المراحل الدراسية الثانوية وما بعدها موضوع يحتاج عناية علمية دقيقة في الإدارة والتصميم والتقديم، حتى يكون بعيدا عن مبدأ الطبع واللصق الفاقد لروح ريادة الأعمال، أو تقديمه بواسطة معلمين لم يمارسوا في حياتهم أي عمل تجاري أو شاركوا فيه.