الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شعرة معاوية
قبل نسخ وتطبيق ما طوره الآخرون من أنظمة متعلقة بمجالس الإدارة ولجانه التابعة في الشركات بشكل عام ، من المهم أن نفهم ولو بشكل وصفي القوى التاريخية والثقافية والسياسية التي أنتجت هذه الانظمة وكيفية نشوء وترقي مجالس الإدارة ولجانه المنبثقة في العصر الحديث.
وقبل ذلك يجب أن نتعرف من مصادرنا الفقهية عن أحكام التوكيل والأجرة وفقه ( الوكالة بأجرة ) ومقاصد الشريعة الغراء في حفظ المال وإعمار الأرض والتكييف ثم التأصيل الشرعي لمبادئ حوكمة مجالس الإدارة .
مجلس الإدارة نشأت فكرته كسلطة إدارية عليا للشركات ولو بشكل بدائي في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر من خلال تعيين الحكومات لمجالس تدير الشركات الكبيرة مثل شركة الهند الشرقية وشركة هندرسون باي وبنك انجلترا والتي كانت تشكل عصب اقتصاد الدول الاستعمارية آنذاك. القوى الاستعمارية نقلت ثقافتها بشكل قهري أو ودي للمستعمرات الجديدة اثناء حكمها لها ، ففي أمريكا الشمالية – مثلاً – نسخت معظم الشركات الأميركية ممارسات الشركات الأوروبية في آليات ومسئوليات ومهام تشكيل مجالس الإدارة في بداية تأسيسها ثم قامت بتطويرها بمرور الوقت.
الجزر اليابانية – غير المستعمرة – كانت حالة خاصة ، فبعد قيام الإمبراطور ميجي في نهاية القرن التاسع عشر بفتح اليابان للمنتجات الاجنبية وجلبه للخبراء الاجانب وارسال البعثات الدراسية ، جلبت اليابان الممارسات الإدارية الأوروبية في إنشاء الشركات المساهمة المقفلة وتعيين مجالس إداراتها ووضع أنظمتها الخاصة بها تحت مظلة نظام الشركات الياباني والذي رأى النور عام 1893 م ، سبق ذلك نظام البنوك والذي بني على غرار النظام الأمريكي المبني بالأصل على النظام الانجليزي . أدرك اليابانيون ميزة الشركة المساهمة الغربية كآلية لجمع رؤوس الأموال الضخمة للقيام بمشاريع ، مثل بناء وتشغيل خطوط السكك الحديدية ، التي كانت تفوق إمكانيات القطاع الخاص ، ولضمان نجاح هذا الشكل الحديث من الشركات العملاقة وضعت انظمة خاصة بها ومُثل المساهمون حسب حصصهم التي يملكونها فيها. يذكر أحدث الباحثين في تأريخ الشركات أن : ” أحد الثوابت في تاريخ البشرية هو الاختراع الذكي الذي يحدث في جزء واحد من العالم ثم ينتشر في جميع أنحاء العالم حيث يقوم الناس في بلاد مختلفة بنسخ الاختراع ، فلقد كان مجلس إدارة الشركة اختراعًا ذكيًا من قبل الأوروبيين ، الذين كانوا يبحثون عن آلية لإدارة الأعمال التجارية التي ستقوم أعداد كبيرة من الأفراد بالاستثمار فيها والحصول على أسهم في المشروع (شركة مساهمة)”.
تعد حوكمة الشركات من خلال مجلس إدارة يعمل مع الرئيس التنفيذي (“حاكم” في اللغة النموذجية للشركات الأوروبية الأولى ) انعكاسًا للممارسات والأفكار السياسية المنتشرة في أوروبا الغربية في أواخر العصور الوسطى على وجه التحديد. والأيديولوجية والممارسات السياسية الأوروبية في أواخر العصور الوسطى، ورغم أنها ليست ديمقراطية، فغالبًا ما دعت إلى استخدام الحكم الجماعي من قبل هيئة من الممثلين.وتوجد أمثلة على أفكار وممارسات الحكم التمثيلي في جمعيات أو برلمانات الممالك الأوروبية في العصور الوسطى وفي مجالس المدن والمجالس الحاكمة للنقابات والكنائس . هذه الحقيقة التاريخية يجدر أخذها بالاعتبار عند تطوير أي نظام حوكمة لمجالس الإدارة للشركات الوطنية في إطار تأصيل شرعي يراعي المصالح العامة والمرسلة، واعتبار لثقافتنا وقيمنا ينأى بنا عن النسخ والتقليد للنموذج الغربي دون معرفة بعض أصول وأسباب نشأته.
إن جوهر فكرة مجلس إدارة الشركة يأتي من ثلاثة مفاهيم أساسية ، تتضمن علاقة المجلس بالمساهمين، وعلاقة أعضاء المجلس ببعضهم البعض وباللجان التابعة، وعلاقة المجلس بالإدارة التنفيذية للشركة، ويعضد هذه المفاهيم الثلاثة الأساسية ثلاثة شروط أساسية وهي الفصل بين الملكية والإدارة وتحمل مجلس الإدارة المسئولية النهائية أمام المساهمين الذين انتخبوهم ، وتحمل الإدارة التنفيذية المسئولية أمام مجلس الإدارة. من محيط هذه المفاهيم والشروط يتم تطوير لوائح المجلس ومسئولياته ونظام حوكمته و ما يسمى لدى بعض المتخصصين بنظام “الإدارة الرشيدة “.
إدارة شركة اللجين – الشركة مدار المقالات – ولفترة طويلة أخفقت في تحقيق مفهوم وشرط من هذه المفاهيم و الشروط الستة ، فالمفهوم هو الاحتفاظ بعلاقة متينة بين مجلس إدارتها والمساهمين ، والشرط هو الفصل بين الملكية والإدارة فيها وفي الشركة التابعة ، وبالتالي لم تستطع ادارة الشركة في تحقيق التوازن المطلوب بين جميع أطراف المصلحة والحفاظ على مرونة ومتانة شعرة معاوية.
هذه المفاهيم والشروط يتفق عليها الجميع بصورة أو بأخرى ، فهي من المسلمات سواء في الشركات الأوروبية البدائية أو في الشركات الحديثة ، ولكل شرط ومفهوم منها ما يسنده من مصادر التشريع .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال