الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع مشرّع حصيف من الطبيعي أن نجد أنفسنا في ظل حكومة فاعلة بالرغم من توالي أزمات قاصمة للاقتصاد العالمي برمته تتعطل فيه كل السيناريوهات المختارة، فيتحقق توازن للميزانية العامة يرافقه تحسن ملموس لأداء أجهزتها العاملة و يدعمه تفاعل مواطنيها في حماية مواردها الحيوية، كما أنه من المعلوم أن أقطاب التنمية ثلاثة قطاعات القطاع الحكومي كمشرّع ثم يتولى الرقابة فالمحاسبة، والقطاع الخاص ويهدف إلى الربح بتوليه التجارة بمفهومها الشامل وهو أوسعها أبوابا ونشاطا وأكثرها فرصا، والقطاع الثالث هو القطاع الخيري ويهدف للنفع العام غير هادف للربح والثقة فيه ممتازة.
فلو تناولنا كيانات القطاع المشرع في نموه هل يترهل إداريا ومتى؟ وهل نشأة كياناته تسبق صياغة أنظمته أم العكس؟، أحسب أن رؤية 2030 تهدف إلى القضاء على البيروقراطية وترهلاتها ولا زلت أومن بهذا الاعتقاد، لهذا يتوارد الى ذهني خاطرة هل إنشاء الكيانات الحكومية من أجل خلق وظائف ومناصب أم لتحقيق أهداف وطنية تصدرت صياغة نظامها؟ فربما يكون هناك كيانات حكومية متشابه في أهدافها وغاياتها في نطاق جغرافي واحد مما يُحدث هذا التشابه إلى الإزدواجية وتقاطع الصلاحيات وتضاربها.
قد يكون كبش فدائها انكماش القطاع الخاص الذي ليس من صحته أن ينكمش، بل من الصحة له أن ينمو ويتوسع وخصوصا المؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة، والتي قد تخرج من السوق، ظاهرتها تعليق لوحات (المحل للتقبيل لعدم التفرغ) هذا سبب شكلي وإلا الأسباب في مضمونها، لهذا اذا تطورت التشريعات في اطار سهل وممكن في اشتراطاته إذ هو أكبر تحدي يواجهه قطبي التنمية الآخرين، اذا لم يكن ممكن لهما ومسرّع في أوسع الفرص حتما سيصبح حجرة عثره في نمو القطاعين، سواء في التشريعات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي أو التشريعات المتعلقة بالاستثمار المحلي، ولكل مساراته تضبط نموه دون تجاوز طرف على الآخر أو تستر أحدهما في شخصية وتحت عبائة الآخر، فالعقلية المحركة للقطاع الخاص، عقليتان عقلية المستثمر الأجنبي وعقلية المستثمر المحلي بعتبار العالم قرية كونية واحدة، فإما يصطدمان بهذه الصخرة التي تتبدد عندها رؤوس الأموال بتعثر مشاريعهما أو هجرتها إلى ما وراء الحدود بسبب التعقيدات والتعجيزات في الأنظمة غير الممكنة، ونمو نشاطهما دلالة قطعية على صحية وإيجابية التشريع لنشاطهما.
وبالتالي يصبح الوطن محل جذب واستثمارات ذات اغراء لرؤوس الأموال وتحركها بل لتحول مقار شركاته الأم ومصانعها إلى هذا الوطن لقوة الإغراء والتنافس في الاستثمار العائد بمنافع عظيمة على الاقتصاد الوطني، اذ صحة التشريع تبدو من سهولته ويسريته، وذلك حينما يعتمد المشرّع عند صياغته لأي نظام تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتحقيق العدالة الاجتماعية أمام الأهواء والأغراض الشخصية، ومن الخطورة بمكان للاقتصاد أن تقدم خدمات ما في ظل غياب أنظمة مما يعكس ابعاد معقدة الدهاليز تنمو فيها السوق السوداء فنمو أموالها أو غسيلها أو تبييضها،كنمو العمران في غير نمو سكان أو نمو السكان في غير نمو عمران، والمشرع الحصيف يدرك أرقامها بذكاء مسبقا فلا تجد نموها السكاني يسبق نموه العمراني ولا ترى حفريات بنيته التحتية تلحق نموه العمراني بل نمو تنميته في توازن مدروس استراتيجيا.
ومن الأشد خطورة وفتك بالاقتصاد أن توجد أنظمة معقدة الوصول لخدمات ما أو تقديم خدمات ما مما تستغل ثغراته القانونية للتهرب من التعقيدات بأساليب وحيل ملتوية ذكية في صورة نظام، تهدر فيها الفرص الاقتصادية الوطنية التي يفترض توجيهها نحو التنمية والاستدامة، ولا يعالجها إلا النظام السهل الذي يغري إلى الإفصاح والصدق ولا يحتاج المستفيد منه إلى اللجوء إلى الكذب والرشوة والتزوير، وإن فعل فأمره مكشوف، وتكلفة تجاوزه تكون فاتورته باهظة القيمة، بحد ذاتها هي الأخرى رادعة تقضي على كل حيل الفساد بأنواعه وأشكاله القديمة والحديثة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال