الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عصرنا الحالي نحن نعيش في خضم ثورة رقمية. في هذا العصر عدد الموصولين بالإنترنت أكبر من أي وقت مضى، وهم يستعملون الأجهزة والخدمات الرقمية في العمل والتعليم، بل في جميع جوانب حياتهم. وقد عزز ذلك إلى حد ما تطور النطاق العريض المتنقل، الذي يضمن كل يوم مشاركة المزيد من الناس في البلدان النامية في الاقتصاد الرقمي.
والتحدي الذي يواجهنا واضح، فهنالك فجوة كبيرة في المهارات – حيث تتفتح عشرات الملايين من فرص العمل في شتى أنحاء العالم لذوي المهارات الرقمية المتقدمة – مع ما يصحب ذلك من نقص في عدد الأشخاص المؤهلين لشغل الوظائف، فمثلًا نجد في الصين أن الحكومة الصينية تسلط الضوء على الحاجة إلى 5,7 ملايين من المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بينما تشير التقديرات في أوروبا إلى شغور أكثر من 500 ألف وظيفة لمحترفي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في السنوات القادمة.
والفرصة التي ترافق هذا التحدي هائلة. تخيل بلداً يمكن فيه لجميع شرائح السكان الوصول إلى الأخبار والمعلومات، والتواصل مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، والاستفادة اليومية من الخدمات المتعلقة بالصحة الإلكترونية، والحكومة الإلكترونية، والتمويل الرقمي، والتكنولوجيا الزراعية، والنقل الذكي، والاستفادة الكاملة من الانغماس في مجتمع المعرفة العالمي النابض بالحياة.
ولكن السؤال المهم والتساؤل الأبرز هو كيف لنا أن نسد الفجوة القائمة بين التحدي والفرصة؟ إن مجموعة أدوات المهارات الرقمية تمكن واضعي السياسات وذوي النفوذ من العمل استراتيجياً لسد هذه الفجوة، وهي تعالج التعقيدات العديدة التي تعترض سبيل تصميم المهارات الرقمية وتطويرها على مستوى السياسة العامة. وتحدد كيف تحتل المهارات الرقمية مكانها في إطار المهارات الأوسع في القرن الحادي والعشرين. وتقدم إرشادات واضحة بشأن تآلف مختلف أصحاب المصلحة ودفعهم للمضي قدماً في إطار، واحد، وواضح ومركز.
وتتمثل القوة الفريدة لمجموعة الأدوات هذه في التطبيق في مهام التحول الرقمي الكيفي والعملي، وهذا ناتج عن التجربة من شتى أنحاء العالم. وبالإضافة إلى تقديم أدوات تزخر بأمثلة واقعية من المشاريع والبرامج الطموحة التي تثير الإعجاب وتبعث الإلهام.
ففي بنغلاديش، تتعلم النساء في الأرياف تطبيقات الهواتف المتنقلة وتصميم مواقع الويب وتوفير الخدمات المستقلة في الداخل والخارج. وأسبوع تشفير إفريقيا حملة خماسية السنوات يشارك فيها مليون من الشباب، وتزود 000 200 من مدرسي العلوم بالموارد لتدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – وفي عام 2016 ، ضمت الحملة أكثر من 000 400 طالب في 30 بلداً، بما يشمل نسبة مشاركة تقارب 50 % من الفتيات في ورش عمل التشفير. ويقوم اتحاد المزارعين في فيتنام بتدريب 30 ألف مزارع على استخدام الإنترنت وأدوات الإنتاجية الأساسية والتطبيقات الزراعية. وتقوم الأرجنتين بتدريب 100 ألف مبرمج، 10 الآف مهني، وألف رائد أعمال على مدى أربع سنوات.
وهنالك العديد والمزيد من الأمثلة الأخرى، وتشكل مجموعة الأدوات أيضاً جزءاً من دعم الاتحاد الدولي للاتصالات لمبادرة فرص العمل اللائق للشباب، والمبادرة العالمية لتعزيز العمل والأثر في عمالة الشباب دعماً لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 . وعملت مبادرة فرص العمل اللائق للشباب، التي أطلقتها منظمة العمل الدولية في عام 2016 بتأييد من الرؤساء التنفيذيين لوكالات الأمم المتحدة، على تضافر جهود أكثر من 20 كياناً من كيانات الأمم المتحدة إلى جانب طائفة من الشركاء، تدخل في عدادها الحكومات، والشركاء الاجتماعيون، والشباب والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمؤسسات الإقليمية، والبرلمانيون، والمؤسسات، والأوساط الأكاديمية، ووسائط الإعلام، وتركز مبادرة فرص العمل اللائق للشباب في الوقت الراهن على ثماني أولويات مواضيعية للعمل؛ ومنها المهارات الرقمية للشباب، بقيادة الاتحاد الدولي للاتصالات.
ويبقى السؤال المهم هو: ماذا تحتاج البلدان إلى استراتيجية بشأن المهارات الرقمية؟ إن المهارات الرقمية تدعم تقريباً كل جانب من جوانب العمل والحياة؛ من ملء استمارة حكومية إلى التواصل بخصوص العمل. وليس هنالك من وظيفة أو مهمة معيشية لا تتطلب مستوى أساسياً من الأداء الرقمي. وفي ضوء التقنيات الجديدة التي تظهر كل يوم، نحتاج إلى فرص دائمة مدى الحياة لتعلم مهارات جديدة تكفل لنا النجاح في عصر التحول الرقمي المستمر، والمهارات الرقمية ضرورية في فتح الباب أمام طائفة واسعة من الفرص في القرن الحادي والعشرين. فالبلدان التي تطبق استراتيجيات شاملة للمهارات الرقمية تحرص على أن تتمتع شعوبها بالمهارات التي تحتاجها لتكون أكثر قابلية للعمالة والإنتاجية والإبداع والنجاح، إلى جانب بقائها آمنة وسالمة في التواصل عبر الإنترنت. وثمة ضرورة حاسمة تستوجب تحديث استراتيجيات المهارات الرقمية بشكل منتظم لكي تستجيب لما ينشأ من تقنيات جديدة وأثرها على الاقتصاد الرقمي والمجتمع الرقمي.
وهنا تأتي الإشارة إلى أنه كما انتشرت التكنولوجيات الجديدة طوال العقد الماضي – بعضها في الآونة الأخيرة – ومنها الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وسلسلة كتل البيانات، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والتعلم الآلي، والتطبيقات المتنقلة، والتكنولوجيا النانوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها. فإن ذلك سوف يؤدي إلى إحداث تغيير عميق في حياتنا اليومية طوال العقد المقبل، مما يغير بشكل جذري كيفية استهلاكنا وإنتاجنا وعملنا. وكما هو الحال في كل التغييرات التحولية، فإنه هنا تتيح لنا فرصة كبرى – ولكنها تنطوي أيضاً على تحديات مهمة.
وعليه أخي القارئ؛ إذا كان ولابد من أن يكون الجوال صديقك الدائم، فحاول أن يكون مصدر اقتصادي لك، فالعالم في تحول بشكل كامل إلى العصر الرقمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال