الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العلاقات السعودية الأمريكية تميّزت بأنها علاقات استراتيجية ومُتّزنة حتى وإن مرت ببعض المنعطفات والتي قد تكون لإبطاء القفزات النوعية للمملكة خصوصاً مع تنامي مكانتها الإقليمية والدولية وتأثيرها السياسي والاقتصادي الكبير، لذا علينا أن نتوقع مثل قانون “نوبك” وغيره.
قانون “نوبك” الذي يتهم منظمة أوبك بالاحتكار (حسب الادعاءات الأمريكية)، ربما يكون يهدف اندثار “منظمة أوبك” ليس كهدف نهائي او أساسي للولايات المتحدة ولكن لايُستبعد ان يكون بُغية تأسيس منظومة جديدة ترجع بـ “الأخوات السبع” لإدارة مشهد أسواق النفط العالمية والتحكم بها واحتكار اسعارها من خلال هيمنة مطلقة سادت في منتصف القرن الماضي في مجال انتاج وتصدير النفط قُبيل تأسيس منظمة أوبك.
هيمنة شركات النفط العالمية “الأخوات السبع” سابقاً يشبه هيمنة السلطة الأمريكية على القرار السياسي والاقتصادي لدول الاتحاد الأوروبي، والتي رأينا في منظومتها الوهن في مواجهة التحديات الجيوسياسية المنعكسة سلباً على اقتصاداتها ومجتمعاتها وبحدّة منذ الحرب العالمية الثانية.
بالرغم من جهود أوبك المضنية لاستقرار أسواق النفط العالمية وتوازنها، ربما لاتزال نظرة الإتجاه الرأسمالي الأمريكي لها بأنها منظمة غير مربحة له، وبالتالي يجب محاربتها بكل السبل، لذلك قانون “نوبك” (لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط) حتى وان ظهر انه يُحارب الاحتكار الا انه مع التغيرات الراديكالية في السياسة والاقتصاد العالمي، فربما يكون هذا القانون هو الأداة الفاعلة في يد الادارة الأمريكية لتوطين السلطة المُطلقة ليس على المنتجين فقط، ولكن حتى على المستهلكين في ظل نزاعات عنيفة متوقعة مستقبلاً مع دول كبرى منافسة مثل دول مجموعة البريكس وعلى رأسها الصين.
* هل وقف تصدير النفط لأمريكا وتصفية أصولنا المالية والنفطية هو الحل لتحجيم تأثير قانون “نوبك”؟
زعمت الولايات المتحدة أنها ستكون مكتفية ذاتياً من النفط بحلول عام 2020 عند تصدير أكثر مما تستورده للمرة الأولى منذ عام 1953 بعد انتهاء الحظر الذي دام 40 عاما على صادراتها النفطية في أواخر عام 2015، والذي سمح بتصدير الخام الأمريكي، لذلك اذا نظرنا للاسواق الأمريكية سنجد انها غالبا قد لاتكون بحاجة ماسة لصادرات نفط أوبك، خاصة وأن لديها مصادر داخليه وكل ماتحتاجه هو تعديل سياساتها للطاقة بما يتوافق مع مصالحها الذاتية.
قد لايكون أمام دول منتجي منظمة أوبك للابتعاد عن ذراع هذا القانون سوى عدم التعاطي مع الأسواق الأمريكية سواء في النفط الخام او المنتجات البترولية، وهذا قد يكون العلاج الجذري للحد من تهديد قانون “نوبك” على صادرات نفط أوبك سواء طُبّق القانون أم لم يُطبّق، وقد تكون فرصة مناسبة لاعادة ترتيب التعامل الاقتصادي، ولكن الولايات المتحدة كقوة اقتصادية وسياسية عظمى، لا يمكن أن تتخذ خطوة تحرمها من مليارات الاستثمارات، حيث سيستفيد من هذا التحول المنافسون، فهم في تأهب لاستثمار مثل هذه الحماقات فها هي روسيا والصين وغيرهم، أوعية ومحاضن اقتصادية جاهزة، لذلك فمن السابق لاوانه إعادة النظر في تحجيم صادرات النفط إلى الولايات المتحدة، أو تصفية الأصول المالية والنفطية هناك، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تمتلك أكبر مصفاة لتكرير النفط في الولايات المتحدة الأمريكية.
تداعيات قانون “نوبك” الذي فشل طيلة 20 عام لإقراره لأنه يتضمن مخاطر مزدوجة على الولايات المتحدة سوف يؤثر على الاقتصاد الأمريكي وقطاع الطاقة قبل حتى أن يطال منتجي أوبك والذين يذهب غالبية انتاجهم النفطي للسوق الآسيوية، في حين قد يُعتبر مشروع قانون”نوبك” مجرد مناورة سياسية لتهدئة الشارع الأميركي بسبب الزيادة المضطردة في أسعار البنزين.
اخيرا نشير الى ان قانون “نوبك” يُهدّد أمن الطاقة العالمي واستقرار أسواق النفط واستقرار الاقتصاد الأمريكي قبل العالمي، أكثر من تهديده لأعضاء “أوبك” أو أكبر منتجيها، ولن تجدع الولايات المتحدة الأمريكية أنفها بيدها!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال