قصة مسافر وقطعة الشوكولا

إذا كنت من رواد المطارات، أو الأشخاص كثيري السفر فأنت بالتأكيد تعلم أن هناك بعض المنتجات التي ارتبط تواجدها بالأسواق الحرة وصالات المطارات أكثر من غيرها. لسنوات طويلة ظلت الشوكولا السويسرية الصنع ” توبليرون ” ذات الشكل المثلث الذي تتميز به عن غيرها، واللون الأصفر الجذاب مع صورة الجبال الثلجية، ظلت مرتبطة بالتواجد في الأسواق الحرة بالمطارات. كان تمركزها واضح بشكل كبير على مدى العقود الماضية حيث استطاعت أن تصنع لنفسها اسما مميزا في هذا القطاع.  مع مرور السنوات أصبحت هذه العلامة بمثابة رمز لمن يريد أن يبادر بتقديم هدية لأحد الأشخاص ومر من أحد المطارات فكانت بالفعل الخيار المحبب لدى للكثير منا. لكن ما حدث مؤخرا بسبب الصعوبات التي مر بها قطاع الطيران، وانخفاض أعداد المسافرين بشكل ملحوظ مع الوقت، أثر على أداء الشركة والمبيعات. انخفضت الإيرادات بشكل واضح بسبب قلة الطلب فأصبح لابد من إيجاد حل، وإعادة النظر في الاستراتيجية التسويقية التي كانت الشركة قد تبنتها لسنوات طويلة. لم يعد كافيا أن تعلق في ذهن كل مسافر وأصبح من اللازم أن تفكر في رفع عملية التوعية بالمنتج لتستهدف فئات جديدة ربما لم تكن تعرفها سابقا.

الطريقة التي تعاملت بها الشركة أيضا نستطيع أن نستشف فيها جوانب إبداعية، فقد كان بالإمكان أن تستطلع آراء العملاء وتبحث عن رغباتهم وتعمل على بناء جسور جديدة من خلال التركيز على توفيرها، لكن ما حدث فعليا كان مخالف لذلك تماما. لقد فضلت العلامة التجارية التركيز على ما يميزها وهو الشكل المثلث الذي كان سر هذا التميز. كانت المنصة التي أطلقتها الشركة في حملة تفاعلية مع العملاء مبنية على هذا الأساس. بدأ المنتج يأخذ في الرواج مع تعرف العملاء بشكل أكبر على القصة خلف هذه العلامة، ومكامن الإبداع التي ميزت طريقة صنعها واساليب العرض لسنوات طويلة. النتيجة النهائية كانت مضاعفة الإيرادات لأكثر من مرة.

التغيير سمة الحياة، ومهما كنت تعتقد بأنك ناجح في عملك لأن مؤشرات الأداء تثبت لك ذلك على مدى السنوات، فأنت لابد  أن تعاود النظر للأمور من زوايا مختلفة. اسأل نفسك دوما ماذا لو؟ ضع نفسك في القالب الآخر، وحاول أن ترى الوجه الآخر. هناك من يعتقد أنه وصل لقمة النجاح فتتوقف طاقاته الإبداعية ولا يتفجر عنصر التطور المستمر الكامن داخله.  الأمر الآخر المهم هنا هو أن نقاط تميزك في الأسواق لا تعني أنك الأفضل، قد تكسب أحد الجولات في الأسواق، وسيبقى المنافسون يعملون ويجتهدون باستمرار للحاق بك فكن دوما على أهبة الاستعداد. الاستراتيجيات الجيدة ليست تلك التي تطبقها باستمرار فتنجح، بل هي التي تتفاعل مع الأحداث من حولها فتجعلك تتعامل معها وكأنها مصدر لخلق مزيد من الخيارات والأفكار في كل مرة تقرأها.