الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمكنت المنظمة في الثلاث سنوات الماضية من تقديم نسخة جديدة لها تعد هي الأفضل في تاريخها، حيث أصبح الاتفاق والاستقرار بين الأعضاء سمتها وأيضًا القراءة الجيدة للأسواق والحزم في القرارات وتنفيذها، وهذا السر الذي تمكنت به تجاوز الأزمات بكل احترافية والمحافظة على استقرار الأسواق و إمداداتها، وبهذا الشكل استعادت مكانتها السابقة في فترة وجيزة وتأثيرها الإيجابي على الاقتصاد العالمي وأكثر، من بعد ما كنت شبه متهالكة متناحرة بالكاد تخرج باتفاق هامشي على اقل المستويات.
وبعد ازمة انهيار الطلب في العامين الماضيين بسبب الإجراءات الاحترازية لمحاربة انتشار مرض كوفيد-١٩ والذي ساهمت في اتساع الفارق بين العرض والطلب والذي ساهم بدوره في ارتفاع الاحتياطيات النفطية العالمية الى مستويات قياسية غير مسبوقة، وكانت هذه الصناعة تتجه الى المجهول وكان من الصعب التنبؤ إلى اين سوف ينتهى بنا المطاف اليوم.
ولكن تمكنت أوبك بتدخلها الإيجابي والقراءة الصحيحة للأسواق اتخاذ القرارات المناسبة التي بدورها جنبت صناعة النفط وأسواقها الكثير من الصعوبات والاضطرابات ما كانت لتكون لو تركت الصناعة بدون صانع قرار او قيادة غير موفقة.
واليوم نجد أن الأسواق ترسل مؤشرات غير إيجابية تجعلنا نتنبأ بتحدي قادم لا يقل صعوبة عن تحدي العامين المنصرمين حتى وأن كانت أسبابه هي العكس تماماً. حيث ساهمت القرارات السياسية الغير موفقة في الماضي القريب والحاضر المعاصر إلى خلق تحديات جعلت الأسواق تعاني من نقص حاد في المخزونات النفطية العالمية والقدرة الإنتاجية الفائضة لدى الدول المنتجة، مما جعل الفارق بين الطلب والعرض في ازدياد ملحوظ.
أثرت الحرب الروسية الأوكرانية سلباً على الإنتاج النفطي الروسي والذي خسر بدوره في الشهر الماضي مليون برميل يومياً، وساهمت العقوبات التجارية الغربية في تقليص حصته السوقية في بعض الأسواق الغربية والتي شكلت ضغطاً سلبياً على النفوط الأخرى من جهة وعلى المردود المالي الروسي من جهة اخرى (اضطرت روسيا لتقديم تخفيضات تصل إلى ٣٠٪ للأسواق الآسيوية لتعويض حصصها في الدول الغربية)
وكانت للسياسات الغربية في السبع سنوات الماضية دوراً سلبياً على صناعة النفط والغاز، حيث قدمت هذه السياسات كل الدعم للتحول السريع المبالغ فيه غير المتوازن الي الطاقات البديلة وشيطنة الوقود الاحفوري ونسيت أهمية هذا الوقود كونه لازال هو المصدر الأكثر موثوقية للطاقة. هذه السياسات كانت سبباً رئيسيا في هروب رؤوس الأموال من هذه الصناعة، وتراجع استثمارات بنيتها التحتية في دول وتوقفها بالكامل في دول أخرى. بلا شك أن التحول للطاقة البديلة النظيفة مهماً لكوكبنا وأيضا للمحافظة على موارده الطبيعية وتعظيم الاستفادة منها، ولكن كان ينبغي على بعض صناع القرار والساسة الاخذ بالحسبان أن هذه الحرب الغير منصفة في مقامها الأول سوف تكون لها نتائج سلبية قاسية غير منصفة ايضا ولكن على الجميع في هذه المرة.
كان الله في عون منظمة أوبك وحلفائها في العامين القادمين التي لن تكون سهله، نتوقع شرارتها ان تنطلق مع ارتفاع الطلب الموسمي في فصل الصيف الحالي على النفط ومع عودة الطلب الصيني لمستوياته الطبيعية في الأشهر القليلة القادمة. ولكن هذه الازمة تقترب والمنظمة ليست بكامل قواها، حيث أن معظم أعضائها ليس لديهم طاقة إنتاجية فائضة لتمتص تنامي الطلب المتوقع، ما عدى السعودية ودولة الإمارات واللتان بدورهم لا يستطيعون أن يعوضون جميع النقص في الإمدادات أذا ما أخفقت الدول الأخرى في المحافظة على حتى حصصها الإنتاجية الحالية والتي بدأت بوادر هذا العجز في الأشهر القليلة الماضية. وتشكل الحرب الروسية الأوكرانية عائقاً كبيراً امام الدب الروسي ليقوم بدوره المؤثر في هذه الصناعة وبالتالي كلما طالت الحرب او تسارعت حدتها كلما خسرت هذه الصناعة لاعباً مؤثرا في مواجهة هذه الازمة.
امام هذه الصناعة تحدي حقيقي، وبلا شك أن منظمة أوبك بخبراتها وقيادتها الحكيمة وحلفائها المؤثرين قادرة على قيادة هذه السفينة الى بر الأمان وتجاوز هذه الازمة كما عودتنا، ولكن يجب على الجميع بلا استثناء وعلى كل الجبهات السياسية منها والاقتصادية التعاون مع المنظمة حتى يستفيد الجميع ويتجاوز الاقتصاد العالمي هذا التحدي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال