الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من جديد تعود مشكلة أسعار تذاكر الطيران المحلي المرتفعة ومشاكل التزام الرحلات لتطفو على السطح، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما أن قطاع النقل في المملكة لا يزال هو الأضعف ولا يتناغم مع بقية القطاعات الأخرى التي تنفذ رؤية 2030 وتطلعاتها.
وفي تصريح مبهم وغير واضح ردا على تساؤل الناس من الارتفاع الناري لأسعار تذاكر الطيران الداخلي في السعودية خلال الأسابيع الماضية، قالت هيئة الطرين المدني إنها لاحظت تغيرا في نمط أسعار فئات التذاكر الجوية، وتابعت باهتمام ما يتداول من معلومات عن أسعار تذاكر السفر الجوي. وقالت الهيئة إنها اتخذت حزمة من الإجراءات المباشرة، ومراجعة هيكل تسعير النقل الجوي وزيادة السعة المقعدية وعدد الرحلات. انتهى تصريح هيئة الطيران المدني، ونفهم من البيان أنها طالبت من شركات الطيران المحلية زيادة عدد الرحلات وأيضا زيادة السعة المقعدية.
من الواضح أن بيان هيئة الطيران المدني، علاج موضعي ومؤقت وليس حلا شاملا لمشكلة موجودة منذ عقدين، فماذا ستفعل شركات طيران محلية عددها محدود مع ارتفاع الرسوم وغياب المنافسة؟، بيان الهيئة هو خطوة لاحقة نتيجة لتذمر المجتمع والشكاوي المتزايدة، بينما يفترض من هيئة مشرعة للقطاع ان تكون خطوتها مسبقة وليس لاحقة، واعتقد ان هذه احدى مشاكل قطاع النقل الجوي، فالواضح بعد بيان الهيئة ان استعداد الموسم لم يكن بالشكل المطلوب من جميع الجهات المنضوية تحت هذا القطاع، سواء من الهيئة اولا ثم المطارات ثانيا باجهزتها الحكومية والاهلية العاملة في هذا القطاع وثالثا شركات الطيران والاخيرة دائما في وجه المدفع.
الطلب على مقاعد السفر المحلي كبيرة وخاصة أننا في شهر رمضان وأتاحت رئاسة شؤون الحرمين العمرة وزيارة الحرمين مفتوحة، هذا يعني أن عدد الزوار سيتضاعف بعد إغلاق وإجراءات وبروتوكولات لمدة عامين، كيف لم تتنبه منظومة الطيران بما فيها الهيئة وشركات الطيران العاملة في السعودية لهذا الطلب المرتفع لعدد الركاب والرحلات، أليس من المفروض أن يتناغم قطاع النقل مع بقية القطاعات الخدمية، ونحن على مقربة لدخول موسم الحج وتدفق ضيوف الرحمن وزوار الحرمين؟.
طبعا بعد البيان الرسمي لهيئة الطيران المدني تراجعت الأسعار بشكل لافت بنسبة 30 الى 40 في المائة، مع ايماني ان هذا النزول هو لامتصاص التذمر، ولكن قبل ان نحمل شركات الطيران علينا ان نتساءل أليس قطاع الطيران هو مشروع تنموي خدمي قبل ان يكون استثماري رغم ان من يقدمه هو القطاع الخاص الهادف للربح؟ لماذا لا تدعم شركات الطيران في رحلاتها الداخلية؟ لماذا لا يلغى رسوم الارضيات في المطارات مثلا؟ لماذا لا يقدم لرحلاتها المحلية الوقود باسعار مدعومة. هنا رغم انني لستُ خبيرا في قطاع الطيران ولكن اعلم ان الدعم يحرج الشركات في وجهاتها الدولية ولكن لكل مشكلة حل، والمخارج القانونية قادر عليها القانونيون.
اعتقد في ظل هذه الاشكالية الازلية، على الجهات المسؤولة في الحكومة واعني هنا وزارة النقل ووزارة المالية بل ووزارة الداخلية وهيئة الطيران وهيئتي السياحة والترفيه وجهات اخرى ان تجتمع وتنظر في قطاع النقل الجوي وتبحث عن حلول يساهم في القضاء على هذه الاشكالية، كما يفترض من الوزارات الثلاث ومعهم هيئة الطيران دراسة الاسباب الحقيقية لخروج الشركات الوطنية من السوق وهنا اعني مثلا شركتي سما والخليجية السعودية ومحاولة الخروج بنتائج تحافظ على القطاع وتحوله ليكون جاذب وسوق تنافسي حقيقي.
عودة على موضوع السعة المقعدية، لا تزال عدد المقاعد محدودة ولا تغطي الطلب المتزايد، والحقيقة أن شركات الطيران يسيل لعابها للرحلات الخارجية لأنها تدر لها نقود ومكاسب وأرباح طائلة أما الرحلات الداخلية فهي لا تسمن ولا تغني من جوع على حد تعبير هذه الشركات، وهذه المشكلة ليست جديدة للقائمين على قطاع النقل الجوي يعرفون هذه المشكلة موجودة منذ اكثر من عقدين ومع ذلك لم تحرر قطاع النقل الجوي سواء الترخيص لشركات جديدة أو دخول شركات نقل أجنبية لتسيير رحلات داخلية، بل أنها قيدت مستثمري النقل سواء محلي أو خارجي، ولم تعالج المشكلة أو تدرسها. حتى أصبحت هذه المشكلة تتكرر كل عام بحجج مختلفة.
حينما نقول أن صناعة النقل بمختلف منتجاته يعمل ببطء وخارج تناغم منظومة الاستراتيجية المرسومة لرؤية 2030، هذا لا يعني أننا نتحامل على هذا القطاع، لا يزال خيار استخدام السيارة الشخصية والخاصة سواء للأفراد والأسرة هو الخيار الأول حتى في التنقل بين المدن، وفي السياحة الداخلية، استخدام القطارات لا يزال محدود، أما لمحدودية محطاتها بين المدن أو حتى داخل المدينة، فضلا عن أسعارها المرتفعة، فيفضل الناس استخدام سياراتهم الخاصة.
نحن بحاجة الى المزيد من مشروعات النقل وفي كافة تخصصاتها، وهذا يتطلب تسويق المشاريع أمام المستثمرين وقطاع رجال الأعمال المحليين والأجانب، وحلحلة القيود الموجودة في صناعة النقل، حينما تطلب مني أن استخدم المترو أو القطار داخل المدينة، يجب أن تحفزني بأسعار مخفضة ومحطات قريبة من الشارع الذي فيه ومواقف منخفضة الأجرة أو مجانية استطيع إيقاف سيارتي، وفيما يتعلق بالسفر والتنقل بين المدن، امنحني فرصة الاختيار والمقارنة بين الأسعار ولا تحتكرني بناقل واحد أو اثنين وتفرض علي السعر الذي ترغب أن تضعه، وتريدني أن أسافر.
ما يحدث في قطاع النقل هو أن المنافسة غائبة، والرقابة ضعيفة، وشركات الطيران الموجودة تتأخر في الإقلاع، واحيانا رغم حجزك المؤكد تستغرب أن مقعدك ذهب لشخص آخر، ومشاكل عديدة.
بالله عليكم كيف سنرفع مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني الى 10 في المائة وهي بهذه الصورة تسير ببطء، وحملت مستهدفات استراتيجية النقل التي أطلقها سمو ولي العهد في يونيو2021 تعزيز مكانة السعودية كمركز لوجستي عالمي، وتطوير البنى التحتية وإطلاق العديد من المنصات والمناطق اللوجستية وتطبيق أنظمة تشغيل متطورة وتعزيز الشراكات الفاعلة بين المنظومة الحكومية والقطاع الخاص وكيف سيتم نمو الأعمال وتوسيع الاستثمارات بشكل سنوي ليصل الى نحو 45 مليار في عام 2030.
الناس لا تريد الحلول المؤقتة التي تزعجهم، أو بيانات في كل مرة يحدث فيها تغيرا بالأسعار، نحتاج الى تحرك فاعل وملموس، نفتح بشكل جدي لطلبات الترخيص لشركات نقل محلي، خاصة وأننا فتحنا الأبواب للحصول على تأشيرات سياحية للأجانب من الخارج تصدر في دقائق، ولدينا مشاريع ترفيهية مثل موسم الرياض وجدة والعلا وفعاليات مزدحمة، كيف سيتنقل السياح بين المدن والمقاعد محدودة والطائرات قليلة وشركات النقل اقل من عدد الأصابع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال