الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتناقل الدوائر الاقتصادية والاوساط المالية خبر وتبعات رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح 0.75 بالمئة و1 بالمئة، وذلك في محاولة لكبح جماح التضخم.
فقد أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي، عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقدين، تحديداً منذ 22 عاما، وذلك في إطار محاولاته لكبح جماح ارتفاع الأسعار السريع الذي يعاني منه الاقتصاد الأمريكي، وتقريباً بالتبعية معظم دول العالم. وقال مجلس الاحتياطي الفيدرالي إنه رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين 0.75 بالمئة و1 بالمئة بعد زيادة طفيفة سابقة في مارس الماضي. ويأتي هذا بعد أن سجل التضخم في الولايات المتحدة أعلى ارتفاع له في 40 عاما، ومن المتوقع أن يواصل التضخم الارتفاع مستقبلا. تمثل زيادة الفائدة أحدث الجهود الأمريكية لاحتواء ارتفاع تكاليف المعيشة التي باتت تؤرق العوائل في أمريكا، وفي جميع أنحاء العالم.
واتبعت عدد من البنوك المركزية حول العالم نفس الإجراءات، كالأسترالي والهندي، ومن المتوقع أن تتبعهم عدد من الدول قريباً. وتزداد ثنائية الإجراءات بطبيعة الحال بالنسبة للاقتصاديات المرتبطة بالدولار، كاقتصادنا السعودي المرتبط بالاقتصاد الأمريكي بأكثر من رابط. ابتداء من ارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأمريكي، وكذلك ارتباط الاقتصادين الوثيق بسلعة النفط، وارتباطهما بميزان تبادل تجاري ضخم بين البلدين.
فعليه من المعلوم بالضرورة أن الاقتصاد السعودي سيتأثر من جراء رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة، ولكن ماذا يعني ذلك الارتفاع لبيئة الأعمال السعودية؟ ماذا يعني ذلك لك أنت كصاحب عمل؟
أولاً نتكلم هنا عن الأعمال ذات الحساسية العليا لمتغيرات السوق وسلوك المستهلك، وهو ما ينطبق على السواد الأعظم من السوق السعودي. وهذا طبعا لا يشمل بالضرورة الشركات الكبرى أو الشركات الدولية العابرة للحدود التي قد تكون المعطيات عندها متغيرة أو القدرة على تحمل الظروف الآنية للسوق.
وسأتناول أبرز عوامل التأثير على بيئة الأعمال في سوقنا المحلي:
التأثير الأول والأكثر وضوحاً لارتفاع سعر الفائدة هي ارتفاع تكلفة الدين. فبمنتهى البساطة، سيكلف الاقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية أكثر لارتفاع سعر الفائدة.
التأثير الثاني سيكون بطبيعة الحال على الأعمال التي تعتمد على القروض في التوسع والنمو والوصول الى أسواق جديدة واستهداف طبقات أكثر من المستهلكين. لأن التوسع عادة يعتمد على التمويل، وكما اتضح فإن التمويل سوف يكلف أكثر مما كان يكلف مسبقاً قبل رفع سعر الفائدة.
التأثير الثالث أي مصاريف أو تكاليف غير متوقعة -وما أكثرها في عالم الأعمال- تصبح أكثر إخافة. فعادة ما تتعامل الأعمال مع القروض والتمويل كحل أخير لمجابهة المصاريف غير المتوقعة، وتكلفة تلك القروض مرة أخرى سوف تكون أكثر تكلفة لملاك الأعمال.
التأثير الرابع يتعلق بالمستهلك. فالمستهلك كذلك سيعاني بدوره من ارتفاع سعر الفائدة، مما سيؤدي إلى تضاؤل ما يتبقى له في دخل إضافي يفيض عن احتياجاته الرئيسية. مما يعني أن قلة القابلية للصرف الإضافي من قبل المستهلكين على سلع ومنتجات وخدمات لا يعدها بالضرورة من الأساسيات. فإن كان مجال أعمالك يصنف من ضمن الكماليات كمنتجات وخدمات، فيجدر بك التحوط لانخفاض مترقب في الطلب والاستهلاك.
التأثير الخامس ذو علاقة وثيقة بعامل التأثير الرابع. فارتفاع سعر الفائدة يعني أخبار سيئة للقرارات المتعلقة بشراء المنازل حيث إن تكلفة تلك القروض ستكون أعلى، ومن الجدير بالمتابعة أثر هذا على برامج “سكني”، سواء القروض الأساسية أو القروض المكملة. وكذلك الحال للمنتجات والخدمات التي تصنف كمنتجات الفخامة والتميز، من سيارات ومجوهرات وساعات وغيرها. فعادة يكون الاستغناء عن قرارات شراء هذه المنتجات والخدمات هي أول القرارات المتخذة في الأوقات الصعبة، وخاصة عند ارتفاع تكلفة الاستدانة أو العمليات الشرائية بواسطة بطاقات الائتمان.
فعليه من الأحرى لملاك ومدراء الأعمال في المملكة التحوط والتخطيط المسبق لهذه العوامل وغيرها، للإبحار بسلاسة في هذا البحر المتلاطم من التبعات والتأثيرات الاقتصادية والمالية، مع التذكير بأن المستقبل مشرق بإذن الله لاقتصادنا في ظل صمود أسعار النفط والتوسع في الصرف الحكومي لتنفيذ مشاريع رؤية المملكة 2030 المباركة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال