3666 144 055
[email protected]
يعتبر التحكيم الدولي من أشهر وسائل حل النزاعات التجارية الدولية والذي يهدف المتخاصمين من خلاله إلى إنهاء النزاع دون الرجوع للمحاكم. عادة ما يُضمن المتعاقدان شرط التحكيم في العقد المبرم بينهما. وعليه يعتبر قرار جهة التحكيم منهيا للخلاف ما دام المتعاقدان قد اتفقا على التحكيم في العقد.
إلا أن التساؤل يثور في حال صدور قرار التحكيم في دولة خلاف الدولة التي يراد تنفيذ قرار التحكيم فيها. في مثل هذه الحالة يحق للطرف المتضرر بعد الحصول على قرار التحكيم أن يتقدم لمحكمة بلد الطرف الآخر بطلب الاعتراف وتنفيذ قرار التحكيم الأجنبي استنادا على المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها 1958 م ونصها “على أي كل دول متعاقدة أن تعترف بقرارات التحكيم كقرارات ملزمة وأن تقوم بتنفيذها وفقا للقواعد الإجرائية المتبعة في الإقليم الذي يحتج فيه بالقرار.”
إلا أنه في حالة انعدام شرط التحكيم في العقد فلا يمكن حل النزاع إلا برفع دعوى قضائية. عادة ما يلجأ الطرف المتضرر الأجنبي لاستصدار حكم قضائي من محكمة بلده ومن ثَم يطلب تنفيذ ذلك الحكم في بلد المدعى عليه دون النظر في وقائع الدعوى وهو ما يطلق عليه بمصطلح ” الاعتراف وتنفيذ الأحكام الأجنبية”.
عند النظر في نظام التنفيذ الحالي ومسودة النظام الجديد نجد أنه تم دمج الاعتراف والتنفيذ للأحكام الأجنبية بمصطلح واحد وهو التنفيذ. على الرغم من أن الهدف الأساس في الغالب من إحضار الحكم الأجنبي للمحكمة الوطنية هو طلب تنفيذه ضد المدعى عليه في بلده، إلا أنه عند صياغة مثل هذا النظام وخصوصاً فيما يتعلق بالأحكام الأجنبية فإنه يحسن إعادة النظر في اعتبار التفريق بين المصطلحين كما يمكن ملاحظته في اتفاقية نيويورك 1958.
يحدث الاعتراف بحكم أجنبي عندما ترى محكمة التنفيذ الوطنية أن الدعوى تم البت فيها بشكل صحيح من قبل المحكمة الأجنبية وبناء عليه فإن الدعوى ليست بحاجة إلى مزيد من التقاضي. بمعنى أن اعتراف المحكمة الوطنية بالحكم الأجنبي يثبت الحق المقضي به بين المتنازعين بناء على ذلك الحكم الصادر من المحكمة الأجنبية. في حين أن التنفيذ يتحقق حينما يقرر قاضي التنفيذ استحقاق مقدم طلب التنفيذ للحق المحكوم به في الحكم الأجنبي وبنفس المقدار. بمعنى أنه في مرحلة الاعتراف فإن محكمة التنفيذ تقر بأن الحكم الأجنبي مستوف لشروط قبوله في البلد وبهذا يكون مؤديا لآثاره القانونية. فتعترف المحكمة الوطنية بوجود حق للمدعي على المدعى عليه. أما التنفيذ فيكون مرحلة لاحقة للاعتراف والذي تقوم فيه محكمة التنفيذ بالتحقق من شروط التنفيذ ومن ثم البدء بإجراءات التنفيذ ضد المدعى عليه. فالاعتراف بالحكم الأجنبي يعني الاعتراف بأن المحكمة الأجنبية قد مارست اختصاصها القضائي في الفصل بين المتنازعين بشكل صحيح حال نظر القضية، أما تنفيذ حكم أجنبي ضد أصول وممتلكات المدعى عليه فيعتبر ممارسة لسلطة التنفيذ.
بناء على التفريق بين الاعتراف والتنفيذ فإنه لا يمكن تنفيذ حكم أجنبي دون الاعتراف به أولا. كما أن الاعتراف لا يلزم ولا يضمن التنفيذ. فالاعتراف بأن الحكم الأجنبي مرتب لآثاره القانونية بين المتخاصمين لا يتضمن حق المدعي بالتنفيذ على أصول المدعى عليه. فإذا ما أراد المدعي التنفيذ على أموال المدعى عليه فيجب عليه التقدم بطلب تنفيذ الحكم الأجنبي لمحكمة التنفيذ.
يعتبر التمييز بين المصطلحين مهمًا حيث أن مرحلة الاعتراف تؤكد السيادة القضائية للدولة على إقليمها. فللدولة الحق في رفض الاعتراف تمسكا بمبدأ السيادة. على الرغم من أن نظام التنفيذ الحالي لم يفرق بين الاعتراف والتنفيذ إلا أنه يمكن استنتاج أن القضاء في المملكة يعترف بالحكم الأجنبي في حال وجود اتفاقية بين المملكة والدولة الأخرى وفي حال تحقق المعاملة بالمثل. وبعد اجتياز الحكم الأجنبي لمرحلة الاعتراف يتحقق قاضي التنفيذ من استيفاء ذلك الحكم لشروط التنفيذ والتي من ضمنها ألا يشتمل الحكم الأجنبي على ما يخالف الشريعة الإسلامية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734