الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد يَذهَبُ البعضُ للاعتقاد بأنَّ السوق المالية هي عبارةٌ عن جلسات تداولٍ وتَغَيُّرٍ دائمٍ بالأسعار فقط، وأنَّها محلٌّ للمضاربين على فروق الأسعار بين المؤشِّرات الحمراء والخضراء.
هذا الاعتقاد خاطئٌ ببساطةٍ، وذلك لأنَّ النظر إلى السوق المالية على أنَّها مُجرَّد مكانٍ للمضاربة هي نظرةٌ قاصرةٌ سطحيةٌ من جهةٍ، ونظرةٌ تُؤثِّر سلباً في أدوار السوق المالية لبلوغ التنمية من جهةٍ أخرى.
حيث إنَّ السوق المالية هي مرآةٌ حقيقةٌ لصِحَّة الاقتصاد الوطني ومستوى المشاريع الاستثمارية، والسيولة المتداوَلَة في السوق تدلُّ على كفاءَتِهَا وقدرَتِهَا على جذب رؤوس الأموال حتى تَتَدَاوَلُ فيها، وقدرَتِهَا أيضاً على جذب الشركات الكبرى حتى تُدرج فيها.
بناءً عليه، فقد أشار التقرير السنوي بهيئة السوق المالية لعام 2021 إلى خطَّةٍ استراتيجيةٍ تَمتَدُّ للفترة القادمة بين عامَي 2021-2023، وهي الخطة التي تَضَعُ في حُسبَانِهَا الدور الحقيقي للسوق من جهةٍ، والمساهمة الجوهرية في تحقيق رؤية 2030 من جهةٍ أخرى.
وقد حدَّد تقرير الهيئة أربعة محاورٍ لهذه الخطَّة الاستراتيجية، سنقوم بتحليلها كما يلي (التقرير، صـ44):
* المحور الأول – تسهيل التمويل: وقد أكَّد التقرير في هذا المحور على جذب رؤوس الأموال المحلية والعالمية، وتلبية الاحتياجات التمويلية للاقتصاد الوطني، فما هو الرابط بين التمويل وجذب رؤوس الأموال؟
في الواقع، تعنِي قدرة السوق المالية على التمويل، قُدرَتَهَا على جذب مدَّخرات المستثمرين للاكتتاب في الأسهم أو باقي الأوراق المالية المطروحة للاكتتاب أو التداول في السوق.
بهذه الطريقة، تتحوَّل المُدَّخرات من أموالٍ مُجمَّدةٍ إلى رؤوس أموالٍ تضخُّ تمويلاً جديداً في المشاريع المدرجة في السوق من جهةٍ، واستثماراً للأفراد والأشخاص أصحاب السيولة من جهةٍ أخرى.
* المحور الثاني – تحفيز الاستثمار: وهذا يَعنِي إيجاد بيئة استثمارٍ جاذبةٍ محلياً وعالمياً؛ بما يؤدِّي على رفع كفاءة السوق وتَنَافُسِيَّتِهَا.
حيث إنَّ قدرة السوق على جذب المستثمرين هي في الواقع حجر الزاوية في قدرَتِهَا على التمويل كما جاء في المحور الأول.
والنقطة الجوهرية هي أنَّ تحفيز الاستثمار سيؤدِّي إلى رفع كفاءة السوق، وبعدها ستُشكِّلُ الكفاءة المرتفعة للسوق إلى إنشاء سمعةٍ طيبةٍ لها، وهو ما سيَدعَمُ بدوره المناخ الجاذب للاستثمار أيضاً.
* المحور الثالث – تعزيز الثقة: تهدف خطَّة الهيئة إلى حماية المستثمرين من الممارسات غير العادلة أولاً، وتخفيض مستوى المخاطر ثانياً، ودعم التنظيم والاستقرار في السوق ثالثاً.
هذا المحور هو أساس العمل على تطوير السوق؛ حيث يجب حماية السوق تنظيمياً ورقابياً من ممارسات التلاعب بالأسعار أو استغلال المعلومات الجوهرية السرية مثلاً.
ومن جهة أخرى، يجب الحرص على تطويق المخاطر المالية من خلال دراسة الطروحات والتداولات واستبعاد أية أدواتٍ ماليةٍ قد تُسبِّبُ مخاطراً شديدةً للمستثمرين.
وفي هذا المحور أيضاً، يجب العمل على إيجاد بيئةٍ تنظيميةٍ تفصيليةٍ للسوق على أن تكون عادلةً ومتزامنةً مع الإشكاليات الطارئة للسوق والأزمات العالمية التي قد تؤثِّر فيها.
* المحور الرابع – بناء القدرات: ينقسم العمل في هذا المحور إلى تطوير مؤسَّسات السوق المالية أولاً، ورفع الثقافة الاستثمارية ثانياً.
وفي هذا الإطار، يجب العمل على نَشرِ الثقافة الاستثمارية السليمة، وكيفية الاستثمار بالنظر إلى الأهداف المالية للمستثمر، ثم توضيح طرق التحوُّط المالي التي تَقِي المستثمر من المخاطر المالية قَدْر الإمكان.
لم يكتفِ التقرير بعرض محاور الخطَّة الاستراتيجية، بل أيضاً شرح مُمْكِنَات التنفيذ، أي القطاعات التي يجب العمل عليها حتى تُصبِحَ هذه الخطَّة واقعاً ممكن الحدوث، وهذه المُمْكِنَات هي (التقرير، صـ45):
ومن جِهَتِنَا، نتمنَّى إضافة بعض الأهداف المالية الاستراتيجية إلى خطَّة السوق المالية 2021-2023، كما يلي:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال