الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في منزلي شجرة ظل عمرها عامين وبالرغم من الاهتمام بها وتوفير كافة إرشادات المختصين بالزراعة الا انها لا تنمو وكلما تساقطت ورقة لا ينمو غيرها ربما يعود ذلك لعدم الخبرة او حساسية هذه الشجرة للصمود .. أشجار الظل كلما وجدت مقومات الحياة والخبرة اينعت وازهرت وطال أمدها، حال الاقتصاد اليوم اشبه بهذه الشجرة فما تزال الجهود الاقتصادية الدولية قاصرة عن احداث تغيير ديناميكي في الاقتصاد للتغلب على ابرز الإشكالات تعقيدا في التاريخ الاقتصادي ومنها التضخم والديون والامن الغذائي!
تشير بيانات مجموعة البنك الدولي الى ان الحرب في أوكرانيا قد أحدثت زيادة عالمية تثير القلق في إجراءات الرقابة الحكومية على تصدير المواد الغذائية، وانه من الأهمية بمكان أن يوقف واضعو السياسات هذا الاتجاه الذي يزيد احتمال حدوث أزمة غذاء عالمية، حيث شهدت عدد من الدول التي فرضت قيوداً على تصدير المواد الغذائية زيادة كبيرة بلغت 25%، ليصل إجمالي عددها إلى 35 دولة .
كما أظهرت أحدث البيانات أنه مع نهاية شهر مارس تم فرض 53 تدخلاً جديداً على صعيد السياسات يؤثر على تجارة المواد الغذائية، ومنها فرض 31 تدخلاً كقيودٍ على الصادرات، وتضمنت 9 تدخلات فرضت كقيود على صادرات القمح، ويُظهر التاريخ أن القيود من هذا النوع تحدث نتائج عكسية بأكثر الطرق مأساوية. فقبل عقد من الزمان على وجه الخصوص، أدت تلك القيود إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية، مما أحدث زيادة في أسعار القمح بنسبة هائلة بلغت 30%.
لفت انتباهي كثيرا في مؤتمر دافوس التصريح الإعلامي لمعالي وزير المالية السعودي محمد الجدعان والذي أشار الى خطورة الوضع فيما يتعلق بأزمة الغذاء لافتا الى ان خطورة الأزمة لا تنبع من نقص الغذاء العالمي فحسب، بل الأكثر خطورة من وجهة نظره أن العالم لا يأخذ الأمر على محمل الجد بما فيه الكفاية مضيفا بأن تفاقم الأزمة سيسبب الكثير من القضايا، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن في العالم الأوسع.
وبالقراءة في تفاصيل هذا التصريح نجد ان الوزير الجدعان ومن منطلق مسؤوليات المملكة كعضو في مجموعة العشرين يدرك جيدا هذه المسؤولية خاصة وانها من اكبر التحديات بل واهمها على الاطلاق لتقويض أي نمو او تنمية مستدامة، فالغذاء هو الطاقة البشرية أولا لتوظيف كافة عناصر الإنتاج ناهيك عن أهميته للحياة وضرورياتها التي تجنب المجتمعات معضلة الجوع والكوارث الإنسانية التي توصل في نهاية المطاف الى براثن الفقر المرض.
ان هذه التصريحات بمثابة خارطة طريق بدعوة العالم اجمع بوضع الأسس والاهداف والعمل التنفيذي الممنهج لضمان انسيابية العملية الإنتاجية في القطاع الغذائي وتقويض معوقاتها ومواجهة تحدياتها التي تعود بالنفع والأمان لكافة البشرية كما انها تنسجم مع تقديرات البنك الدولي والمنظمات العالمية وتقديرات خبراء الاقتصاد والتي تشير الى أن العالم لا يسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق الأهداف التنموية وغيرها من الأهداف التي كانت تراهن على التخلص من الفقر والجوع خلال السنوات القليلة القادمة .
يقول ديفيد مالباس الرئيس الثالث عشر لمجموعة البنك الدولي في مدونته بموقع مجموعة البنك الدولي:آن أوان ننزع فتيل الخطر، فأزمة الغذاء العالمية ليست قدراً لا مفر منه بأي حال من الأحوال. وعلى الرغم من الارتفاع غير العادي في أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، فإن المخزونات العالمية من السلع الأساسية الثلاث – الأرز والقمح والذرة – لا تزال كبيرة بالمعايير التاريخية. واتخذت مجموعة السبع مؤخراً خطوة مهمة تمثلت في التعهد بعدم فرض حظر على تصدير المواد الغذائية واستخدام “جميع الأدوات وآليات التمويل” لتعزيز الأمن الغذائي العالمي. وتضم هذه المجموعة بالفعل العديد من أكبر مصدري السلع الأساسية – بما فيهم الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي. وينبغي أن ينضم كبار مصدري المواد الغذائية – مثل أستراليا والأرجنتين والبرازيل – إلى هذا الالتزام، ان السيد مالبس يرمي الى ان الجهود القائمة تحتاج الى المزيد من التنسيق واتخاذ مواقف وقرارات فاعلة .
في تقريرها السنوي الذي أطلقته في 4 مايو 2022 الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية – وهي تحالف دولي يضمّ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل على معالجة الأزمات الغذائية معا، والذي يدعو إلى حشد المجتمع الدولي كشف التقرير عن استمرار ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم، ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة منقذة للحياة بمعدل ينذر بالخطر، مركزاً على البلدان والأقاليم التي يتجاوز فيها حجم وشدة أزمة الغذاء الموارد والقدرات المحلية.
ودعا التقرير إلى حشد المجتمع الدولي لمواجهة أزمة الغذاء عبر السياقات الإنسانية والتنموية وإحلال السلام، وبين التقرير أن الاتجاهات المقلقة لانعدام الأمن الغذائي هي نتيجة لعدة عوامل، بدءاً من الصراعات إلى الأزمات الاقتصادية والصحية والفقر، وأشار التقرير إلى أن 193 مليون شخص في 53 دولة أو منطقة، عانوا انعدام الأمن الغذائي الحاد ما بين المستويين الثالث والخامس خلال عام 2021، بزيادة 40 مليون شخص مقارنة بعام 2020، من بينهم 570 ألف شخص في إثيوبيا، وتعاني مدغشقر وجنوب السودان واليمن من أشد مراحل انعدام الأمن الغذائي الحاد وهي المرحلة الخامسة، ويتطلب وضعهم اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب الانهيار واسع النطاق لسبل العيش والمجاعة والوفاة.
لاشك بأن الجهود الدولية المبنية على التعاون البناء هي بمثابة العلاج الشافي لمعضلة ازمة الغذاء على مستوى الاقتصاد العالمي وخاصة كلما كانت الحلول اكثر سرعة واستجابة للظروف بما فيها تلك الحلول الشمولية التي تنسجم مع كافة التعقيدات الاقتصادية مثل الحروب وسلاسل الامداد والنمو السكاني واشكالات الدول الفقيرة الغير قادرة على توفير مقومات الحياة الغذائية .
لقد توسع نطاق حالة عدم اليقين لتشمل العديد من المخاطر .. ففضلا عن أزمة الغذاء وتباطؤ النمو العالمي وغيرها لتتشكل مجددا مخاوف من الركود التضخمي والذي يضيف إلى القائمة التضخم والبطالة معاً وفق متغيرين متنافسين يصعب التعامل معهما في ذات الوقت مما يؤشر إلى أن المشهد العالمي بات أوسع اضطراباً.
مجمل القول: عندما يطلق وزير المالية مثل هذه الدعوات فهو يعي تماما من خلال موقعه كمسؤول عن اهم الأنشطة الاقتصادية التي تلامس حياة الناس من جهة، ومن جهة أخرى الدور الرائد لبلادنا الغالية والتي ما فَتِئْت من ان تعزز وتدعم القيمة المضافة للاقتصاد العالمي وما عرفناه عنها من دور انساني محورة الانسان هذا جانب والجانب الآخر ان المملكة قدمت المملكة ولا تزال الكثير من الاعانات الإنسانية والمبادرات الاقتصادية والتي بدورها تهدف الى تجنيب العالم ويلات الازمات الاقتصادية والإنسانية والتي باتت تشكل محور اهتمامها الكبير مقارنة بدول العالم الأخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال