الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نَظَّمَتْ هيئة السوق المالية – مشكورة – الدعاوى الجماعية، في سبيل توحيد الإجراءات واختصار الزمن، لتعويض مُتضرري السوق المالية، والمُتتبع للدعاوى الجماعية التي تُباشرها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية (الجهة المُختصة قضاءً بنظر مُنازعات الأسهم والشركات المُدرجة)، يلمس الجهد والعبء الكبير الذي تؤديه لجنة الفصل في سبيل حماية السوق وتأديب المتلاعبين وتعويض المُتضررين.
وكان من أهم الأحداث التي أصابت سوقنا المالي، التلاعب والتضليل الذي حصل في شركة اتحاد اتصالات (موبايلي)، والذي تولته الهيئة مشكورة بالتحقيق وتحديد المُخالفات والمسؤولين عنها، وسبق للجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية أن أصدرت بحق بعض المُتلاعبين قرارها النهائي رقم (1997/ل.س/2020) لعام 1442هـ.
وعلى إثر ما سبق، أعلنت اللجنة مشكورة، أحقية المُتضررين بإقامة الدعاوى بطلب التعويض، سواء بدعوى فردية أو بالانضمام لدعوى جماعية، وفعلاً تقدم البعض وانضم البعض، وأذنت اللجنة مشكورة بقبول قيد الدعوى الجماعية واعتمادها، ثم مشكورة أعلنت تمديد فترة قبول طلبات الانضمام للدعوى الجماعية، لمدة تسعين يوماً أخرى، فاسحةً المجال للجميع بالمُطالبة بالتعويض، وقد عُقِدت الجلسات وفُسِحَ المجال للترافع، وصدر قرار اللجنة الابتدائي، الذي أعلنت عنه الأمانة العامة للجان الفصل بتاريخ 10/11/1443هـ الموافق 9/6/2022م، في الدعوى الجماعية رقم (229/1442)، والمُقامة ضد (13) مُدعىً عليهم، والمرفوعة من (1,045) مُدعياً، للمُطالبة بتعويضهم، استناداً لما ارتكبه المُخالفون من تصرفات أوجدت انطباعاً غير صحيح ومُضلل بشأن قيمة سهم شركة اتحاد اتصالات (موبايلي)، وما ارتكبوه من إثبات بيانات مُضللة وغير صحيحة في القوائم المالية للشركة خلال عامي 2013م و 2014م، أدت إلى تضخيم الإيرادات في القوائم المالية في الشركة.
وانتهى القرار الابتدائي إلى إلزام خمسة من المدعى عليهم، بأن يدفعوا مُتضامنين للمدعين مبلغاً قدره (1,225,101,291) ريال، وفقاً لاستحقاق كل مدعٍ منهم.
وللتأكيد فإن القرار ابتدائي، تضطرُ اللجنة للإعلان عنه على موقعها الرسمي، لتُبَلِغ الجميع أن لأي من أطراف الدعوى الجماعية (مُدعٍ ومُدعى عليهم) حق استئناف القرار.
إنني أعلم أن هذا الحكم رغم تعويضه للعديد، والذين سيشكرون ويثنون، إلّا أنه في المقابل سنسمع من آخرين عدم الرضا، إما لكونهم لم يتقدموا بالانضمام للدعوى الجماعية ولم يُطالبوا بتعويضهم، ومن مبادئ اللجنة أن لا تعويض بلا مُطالبة، وإما لأنهم غير مشمولين باشتراطات وحالات التعويض لهذه الدعوى، إذ لكل دعوى سبب واشتراطات لاستحقاق المُتضررين للتعويض.
ثم إن أهم ما يُصاحب هذه الدعاوى من تحديات، تنفيذ قراراتها، ولا يخفى ما عانى منه مُساهمو شركة المعجل المُتضررين، إذ صدرت الأحكام بتعويضهم، وقد استطاع البعض تنفيذها، ولم يستطع البعض الآخر من التنفيذ لعدم وجود أرصدة وحسابات وأموال لدى المحكوم عليهم، تكفي للتعويض.
وهذا التحدي سيكون هو التحدي الأبرز للحكم الأخير الصادر بتعويض مُتضرري موبايلي، إذ أن مبلغ التعويض يفوق المليار ريال، وهو صادر على موظفين سابقين في شركة موبايلي، بل إن الحكم قد صدر غيابياً على ثلاثة من المحكوم ضدهم الخمسة، الأمر الذي قد يُستفاد منه عدم مُبالاتهم بالدعوى من الأساس، وعلى العموم، فإن قضاء التنفيذ عند تنفيذ القرار، سيصتدم بعدم كفاية أموال المحكوم عليهم لسداد مبالغ الحكم.
الأمر الذي يقودني إلى التأكيد على أهمية إدخال ومُساءَلة شركة مجموعة الإمارات للاتصالات (مؤسسة الإمارات للاتصالات، سابقاً)، بوصفها الشريك المدير لشركة اتحاد اتصالات “موبايلي”، بحيث تصدر الأحكام على مجموعة الإمارات للاتصالات بالتضامن مع المحكوم عليهم الخمسة، الصادر بحقهم القرار الأخير، متى ما اكتسب القطعية. وإتاحة وقبول الدعوى الجماعية في مواجهة مجموعة الإمارات، وإلّا فالحكم الأخير الصادر بتعويض المُتضررين بأكثر من مليار ريال، سيكون حبراً على ورق، مما يُصيب المُساهمين الموجوعين حسرةً فوق حسرة.
ولكي نتحمل مسؤوليتنا القانونية، فلنهمس ببعض أسباب مسؤولية شركة مجموعة الإمارات للاتصالات عَمّا وقع من تجاوزات في شركة “موبايلي” السعودية:
أولاً: كونها المتبوع المسؤولة عن تابعيها، وقد صدرت قرارات قضائية نهائية من لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية بتجريم عدداً من المُخالفين، وثبوت ارتكابهم للمُخالفات والتجاوزات في شركة “موبايلي”، وعلى رأسهم الأستاذ/ خالد بن عمر الكاف، بوصفه عضو مجلس الإدارة والعضو المُنتدب والرئيس التنفيذي لشركة “موبايلي”، وهو مُعين من مجموعة الإمارات للاتصالات، وتابعاً لها، بالإضافة إلى بقية الأسماء التي صدرت الأحكام بتجريمهم، وهم تابعين أو مُعيّنين من مجموعة الإمارات في إدارة “موبايلي”.
ولا يخفى فقهاً ونظاماً وقضاءً مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه، وبالأخص إن ثبتَ أن المحكوم ضدهم هم مِمَنْ عينتهم مجموعة الإمارات ويتبعون لها، أعضاءً في مجلس إدارة “موبايلي”، أو مسؤولين وتنفيذيين فيها.
ثانياً: إن مجموعة الإمارات كانت المُتحكِمة في شركة “موبايلي” وإدارتها، وحساباتها المالية، وتحديد المُراجع الخارجي للشركة، وكانت تملك – وقت المخالفات – حصة (27,45%) من أسهم “موبايلي”، ومما يدل على ذلك الآتي:
وفي الختام، فإن علمنا أن مُساهمي “موبايلي” قد اشتروا بأسعار زادت على (90) ريالاً للسهم، والذي هوى بعد الإعلان عن التجاوزات والأخطاء إلى حوالي ألـ (60) ريالاً، وما تلا ذلك من سقوط، وبحساب يسير بضرب فارق السعر (30) ريال مع عدد الأسهم (770,000,000) سهماً، فإن الضرر وخلال أسبوع واحد قد فاق (23) مليار ريال، ناهيك عن أن قيمة الورقة المالية قد توالى انحدارها إلى أن وصلت إلى (15) ريالاً، فمن يُعوِّض هؤلاء؟!
نقول ما سبق، لنخلص إلى أمرين:
أولاً: شكر لجنة الفصل على قرارها الأخير وجهودها في تعويض المُتضررين.
ثانياً: الشَدُّ على أيدي القائمين والمسؤولين في اللجنة والهيئة، لمُلاحقة من تسبب بالإضرار والتلاعب، وتمكين المُتضررين من قرارات تنفعهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال