توارد وظائف!

تجلب لنا خبرة العمل في مجال الموارد البشرية الكثير من الخبرات والمعلومات عن خفايا بعض المنظمات وبعض الوظائف التي نجد احياناً أنفسنا امام تعجّب من اشغال موظف غير سعودي لها!

فعلى سبيل المثال نجد وظيفة هناك المئات وأحياناً الآلاف من السعوديين يقفون على قائمة الانتظار للحصول على فرصة، ولكن يشغلها غير سعودي بمهنة “عامل” على الإقامة وفي الواقع هو يشغل هذه الوظيفة التي قد يكون لهُ بها سلطة ايضاً؟

ولا أخفيكم سراً ان قلت إن الكثير منها هي وظائف ذا وفرة في التخصصات لدينا، ولو سألت أطباء الاسنان او من تخصصوا في الطب العام او المهندسين المدنيين والصناعيين او موظفي الموارد البشرية “والتي هي من الوظائف الموطنّه منذٌ عشرات السنين أليس شباب وبنات الوطن أحق بها؟

فعندما ننظر إلى عدد العاملين السعوديين من ذكور وإناث خلال الربع الأخير من عام 2021 تجدهم يتجاوزون الثلاثة ملايين في القطاع الخاص والعام” عدا القطاع الأمني والعسكري” اما غير السعوديين فهم يتجاوزون التسعة ملايين موظف أي أنهم ثلاثة اضعاف العاملين السعوديين!

يغلب عليهم العاملون في القطاع الخاص بثمانية ملايين عامل واما في القطاع العام فالسعوديين العاملين هم أكثر من ضعف عدد غير السعوديين ونسأل لماذا السعودي يبحث عن وظيفة حكومية!

هو يريدُ الهروب من مقصلة مديرهُ صاحب مهنة “عامل على الإقامة” والذي يخشى على كرسيه، وسنديان صاحب العمل الذي يراه مهما اجتهد “مهمل”!

وبهذه الحالة استمرت قوائم الانتظار الطويلة على حالها في القطاع الخاص تحديداً ليصبح “العامل” على الإقامة مدير موارد بشرية، والسعودي الحاصل على شهادات مهنية وعلمية في هذا التخصص مثلاً مندوب مبيعات!

وعند سؤالي للعديد من أصحاب العمل يشير لك بمصطلح الكفاءة وفي الغالب “هو مَنّفذ لهٌ” وليس منطق، فكيف لك ان تقيس الكفاءة قبل تجربة العامل على أرض الواقع!

والحقيقة هو فكر تعشش لدى بعض من انتشر الصدأ في عقولهم ونقلوه حتى لأبنائهم وبناتهم “السعوديين” ليطلقوا مصطلح “السعودي لا يعمل” والمصطلح الأخر “لا يوجد مجال للعواطف” ولو سألتهم هل قام أحدهم يوماً بتطبيق الهدف من جلب خبرات من خارج المملكة وهو “نقل المعرفة للعامل السعودي” او وضع مؤشرات أداء لعامل غير سعودي لتعليم السعودي، لوجدت إجابتهم بكل كبرٍ “لا”.

ورغم توطين العديد من الوظائف من قبل وزارة الموارد البشرية الى ان هذه المعضلة لازالت قائمة والسبب تزمّت أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة “والتي هي الغالبة” في معظم أسواق العالم، فلم أدخل يوماً ما بلداً عربياً كان او غير عربيً لأجد أصحاب البقالة والمطاعم الصغيرة إلا هم أبناء البلد اما لدينا فالأسف قلبت الموازيين بشكلٍ غريب!

فتجد دخيلاً على التجارة قد مكّن غير سعودي في شركته من وظيفة السعودي وايضاً سلم محلاً له لغير سعودي ليديره فلم يترك أبناء جلدته يعملون لا في الأولى ولا الثانية!

والحل هنا هو ما قامت به وزارة الموارد البشرية بفرض التوطين على أغلب الوظائف بالكيف وليس بالكم وهذا نجاح ولكن أتمنى تعاون وزارات وهيئات أخرى مع الوزارة في هذا الأمر واستخدام أحدث الطرق لسد هذه التجاوزات البدائية ممن يدعون التجارة!

وأقول يدّعون التجارة لان التاجر الحقيقي ومن يريد لعمله الاستمرارية وينظر للمستقبل عليه ان يدرك ان المنظمات والدول بأكملها تقوم بمواطنيها وايدها العاملة وليس بغيرهم!

قيل لي:

عملتُ مقابلة شخصية مع مدير موارد بشرية غير سعودي!

فأجبت: توارد وظائف!