الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تلقى السعوديون خبر تأسيس شركة الصحة القابضة والموافقة على تنظيم مركز التامين الصحي الوطني، بشيء من القلق وعدم وضوح الصورة وكيف ستقدم الخدمة للمواطنين؟، فهم يرون أن الخدمة الصحية حينما كانت تحت عباءة الحكومة، لم يتمكن المواطن من الحصول على الخدمة في مواعيدها المحددة.
ربما تحسنت طريقة الحصول على الحجوزات واستخدام التطبيقات الرقمية، إلا أن المريض كان يضطر ينتظر الى اشهر طويلة من اجل الوصول الى طبيب أو اخذ موعد، واحيانا كان يضطر الى شراء بعض الأدوية التي لم تكن تتوفر في الصيدليات الحكومية، أما مستشفيات القطاع الخاص، فهي تسرح وتمرح كيفا تشاء بدءا بالكشوفات واستنزاف جيب المريض بالتحاليل التي ليس لها داعي، مع التأكيد على اننا هنا لا نعمم على الجميع.
يهم الناس أن تكون الخدمات الصحية المقدمة لهم ترتقي مع جودة الحياة وتقدم لهم العلاج بكل يسر وسهولة ويجد كبار السن العناية والاهتمام، وينتهي الم الانتظار الطويل لمقابلة الطبيب وإجراء الفحوصات، والتحويل للمستشفيات، وملف إلكتروني شامل بتاريخ الحالات المرضية التي يعاني منها وسرعة تنقلها من مستشفى الى أخر. والرجوع لملف المريض بكل يسر.
الوضع الحالي لخدمات وزارة الصحة هو أن 23 سرير لكل 10 الاف نسمة، لكم أن تتخيلوا طول مدة الانتظار فيما الكادر الطبي يتوقع يغطي ويلبي النقص الموجود في الكوادر الطبية والتخصصية بعد التحول الى شركة قابضة وتنضوي تحتها خمس شركات تغطي جميع مناطق السعودية، فمثلا النقص واضح في أطباء الأسنان خمس أطباء لكل 10 الاف نسمة.
أما التمريض من الواضح أننا نحتاج الى تشجيع للطلبة والطالبات للانخراط فيه فالوضع الحالي نحو 56 ممرض لكل 10 الاف نسمة، هذا يعني أمام شركة الصحة القابضة مشوار طويل لتحسين بنيتها التحتية من تقنيات ومعدات طبية وأجهزة متطورة، فضلا عن تأهيل وتطوير برامجها التدريبية والكوادر الصحية. سمعنا الخطوط العريضة من الوزارة عن خدماتها التي ستقدمها من تنظيم مركز التامين الصحي الوطني، وهذا يتطلب أولا رصد وسرعة إصدار بطاقات التأمين وأيضا تحديد المستويات.
هذا الموضوع لا يزال يشكل قلق للمواطنين، وهو ومن هم الذين سيحصلون على بطاقات التامين ومن يحق لهم العلاج؟ هل موظفوا الدولة فقط، لان موظفي القطاع الخاص أصلا لديهم تامين طبي، ما هو مصير المتقاعدين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي وكبار السن والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة؟.
الخطة التي اعلنها وزير الصحة بعد إعلان تأسيس الشركة القابضة ملامحها تبعث بالارتياح، ستعمل التجمعات الصحية على تنفيذ مجموعة من البرامج التحولية الرامية إلى تعزيز صحة المجتمع والوقاية والكشف المبكر عن الأمراض والمخاطر الصحية. كما سيرفع مستوى الجودة والكفاءة للخدمات المقدمة للمستفيدين عبر برامج تطوير الرعاية الصحية الأولية، مثل برنامج طبيب لكل أسرة وبرامج رعاية الأمراض المزمنة، وتطوير خدمات الرعاية المتخصصة مثل رعاية مرضى السرطان والفشل الكلوي، وتطوير خدمات الرعاية الحرجة لضمان سرعة التعامل مع الجلطات القلبية والدماغية والإصابات. كما سيدعم التوسع في برامج الصحة الرقمية وخدمات الرعاية الطبية الافتراضية.
أمام وزارة الصحة ست تحديات رئيسية يجب أن تتحدث عنها كيف ستواجهها وهي عدم القدرة على توفير الخدمة الصحية اللازمة في والوقت والمكان المناسبين، ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة واستمرار خطورة تفشي الأوبئة والأمراض المعدية، تنامي المخاطر في المنشآت الصحية بسبب تفاوت معايير الجودة الطبية ومعايير سلامة المرافق، والاعتماد المتزايد على الكوادر الأجنبية في ظل تزايد المواطنين الباحثين عن العمل، عدم وجود نظام متكامل لتكنولوجيا المعلومات لخدمات الرعاية الصحية، وأخيرا الازدياد المتسارع في تكلفة الرعاية الصحية.
الى جانب التحديات الغموض لا يزال يسيطر على العاملين في وزارة الصحة عن مصيرهم وأحوالهم، وكيف سيتم التعامل معهم؟، وكيف ستكون مخصصاتهم المالية في الشركة؟ رغم ان هناك قرار سابق لمجلس الوزراء حدد خلاله آلية تخصيص المؤسسات الحكومية وانتقال منسوبيها للعمل وفق نظام المؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية، لكنهم يحتاجون جرعة اطمئنان.
هذه نفس الأسئلة التي تراود كل موظفي الدولة حينما تتحول مؤسساتهم من قطاع عام الى قطاع خاص. التفاصيل ستريح الناس سواء المستفيدين أو العاملين فيها، وأيضا تكون سهلة في التعامل مع الممولين.
كنت اقرأ في بعض البحوث الحكومية العالمية وخاصة في مجال الابتكار في الخدمات الحكومية لفت انتباهي تجربة كوريا الجنوبية التي اطلقت برنامج “الدماغ الكوري21” من التجارب والبرامج الفعالة لخدمة المجتمع في كوريا الجنوبية التي تستحق نقلها الى عالمنا العربي، وهو ليس مجال تعليمي، إنما لا يقل أهمية عنه، وهو الرعاية المنزلية المجتمعية لكبار السن، وهذا البرنامج تنفذه وزارة الصحة والرعاية ومنظمة هيلب ايج الكورية، ويتضمن الخدمات والعروض الجديدة
هذا المشروع يستهدف الرعاية المنزلية المجتمعية لكبار السن تعبئة موارد المجتمع لتوفير رعاية منزلية طويلة الأجل لكبار السن، ولان منظمة “help age ” هي التي بادرت بتقديم هذا البرنامج وقامت الحكومة بتمويله، فإن هذا البرنامج يعمل مع المنظمات غير الحكومية والمتطوعين من المجتمع لتوفير الرعاية اللازمة لكبار السن ويتيح البرنامج للمسنين ممن فقدوا القدرة على رعاية انفسهم بشكل كامل مواصلة العيش في منازلهم ومجتمعهم سواء بشكل مستقل أو مع عائلاتهم، ويتم توفير الخدمات من قبل متطوعين مدربين يقدمون المرافقة والمساعدة في الأعمال المنزلية والرعاية الشخصية، مثل النظافة والصحة الشخصية فضلا عن المرافقة الى المحلات التجارية والذهاب الى الأطباء والمناسبات الاجتماعية.
يمثل نموذج الرعاية الصحية المنزلية ملائما في كوريا الجنوبية لكونها اكثر الدول نموا من حيث عدد السكان من كبار السن وتسجل ادنى معدلات للمواليد، وهو أسلوب ناجع التكلفة لرعاية المسنين والذي لولاه لشكل ذلك عبئا ماليا كبيرا على عاتق الحكومة، وتقول منظمة هيلب ايدج وهي ذراع لمنظمة ايدج العالمية في التطوير والتطويع، إن إتاحة الفرصة لكبار السن للبقاء لمدة أطول في منازلهم له فوائد عاطفية علاوة على أن حقيقة توفير الخدمات من قبل متطوعين محليين تجعل الأمر اكثر راحة لكلا الطرفين فضلا عن انه يقوي أواصر المجتمع.
بالتأكيد تجربة خصخصة وزارة الصحة في البداية ستواجه بعض الصعوبات في تفهم طبيعة عمل الوزارة بشكلها الجديد.. والمرحلة الانتقالية يجب ألا تطول على حساب خدمة المحتاجين لموعد مع الطبيب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال