الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد مرور 66 شهراً على نجاح “أوبك بلس” واستطاعته تخطي الحواجز الزمنية والسياسية والاقتصادية بتوافق منقطع النظير وفي ظروف استثنائية نحو النجاح في إنجاز مهمته، يقف اليوم الخميس الذي ينعقد فيه اجتماع دول الأعضاء فيه أمام سؤال مهم وهو: هل سينتهي تواجد هذا التحالف في أغسطس القادم؟
تأسس “أوبك بلس” في نوفمبر 2016 كاتفاق تحالفي ذكي يضم عدد من الدول المصدرة للنفط من داخل وخارج منظمة “أوبك”، بغرض خفض إنتاج النفط لضبط إيقاع أسواق النفط العالمية، بعد أن أخل بتوازنها الدخول غير المدروس وغير الممنهج للنفط الصخري للسوق.
نجح تحالف “أوبك بلس” في إعادة توازن الأسواق منذ مطلع عام 2017 وحتى جاءت الجائحة بأكبر صدمة للطلب على النفط في التاريخ، ونجح التحالف وقتها بإنجاز أكبر خفض للإنتاج في التاريخ والذي يستمر حتى شهر أغسطس 2022، وكأن جائحة كوفيد-19 أكدت على أهمية هذا الاتفاق من خلال قرار المجموعة بتعميق خفض الإنتاج لإعادة توازن الأسواق.
تحالف “أوبك بلس” يستقبل في أغسطس المقبل انتهاء تواجده (على الورق)، لكن من المهم إدراك حقيقة أن انتهاء الاتفاقيات لا تحكمها نفس المسببات الطبيعية لانتهاء تواجد المنظّمات، ولكن ما يتفق عليه أطرافها بما تقتضيه المصلحة في ظل مستجدات الأحداث ومتطلبات الموقف، و “أوبك بلس” كاتفاقية ذات مستهدفات فنية محددة يمكن لها أن تمدد صلاحية بقائها، وتوجد خمس أسباب لاحتمالية أن هذه الاتفاقية لن تنتهي في أغسطس القادم:
أولا، بسبب ارتفاع أسعار النفط حاليا، تحاول الولايات المتحدة وأوروبا الضغط لرفع الإنتاج حتى تنخفض الأسعار حسب رؤيتهم، بحجة تعويض الإمدادات الروسية من النفط، بينما القصد هو خفض مدخولات روسيا كأداة ضغط عليها من ضمن العقوبات بسبب عملياتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وضاربة بعرض الحائط حقيقة أنه لا توجد مشكلة في المعروض وأيضا مصالح المنتجين.
ثانيا، أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا – والتي ستزداد حرجا مع دخول فصل الشتاء القادم – ليست بسبب إنتاج النفط، ولكن بسبب موقفها تجاه روسيا بسبب انصياعها الكامل للإرادة الأمريكية، مما تسبب في بداية عيشها حالة تفتت القرار، فكل دولة أوروبية حاليا تعمل على تأمين متطلباتها في الطاقة وإن بدى الوضع أنهم متكاتفين وعلى مسار واحد، وليس أمامها سوى تحكيم العقل والجلوس مع روسيا على طاولة المفاوضات، على الأقل حتى ينفكوا – إن استطاعوا – من المورد الروسي والذي سيأخذ فترة من الزمن.
ثالثا، هناك صعوبات في زيادة الإنتاج في العديد من الدول الأعضاء، وهي أصلا لم تلتزم بالكميات المقررة عليها بحسب اتفاق “أوبك بلس” بسبب الإخفاق في الإنتاج لأسباب فنية، ومن ثمّ الوفاء بالتزاماتها مثل العراق التي تواجه مشاكل لوجستية ونيجيريا التي مازالت تواجه مشاكل حرجة في الإنتاج، وهذا يشجع الدول الأعضاء أن تمدد الاتفاقية لضمان مدخولات سعرية تساعدها في التغلب على مشاكلها الفنية.
رابعا، بالرغم من أن الطاقة الإنتاجية القصوى كانت 30 مليون برميل للدول الأعضاء قبل الجائحة وقد وصلت لهذا المستوى اليوم، مما يعطي انطباع بأن ليس هناك داعي لاتفاقية “أوبك بلس”، إلا أنها تظل صمام أمان لتأمين المصالح وتوازن الأسواق في ظل التحديات الحالية في العالم، خاصة أن المملكة – كقوة دولية كبرى وتقود التحالف – تنظر دائما لمصالحها ومصالح شركائها والمستهلكين واستقرار الاقتصاد العالمي.
خامسا، دور تحالف “أوبك بلس” لم ينته بنهاية خفض الإنتاج التاريخي ولكنه سيدخل مرحلة جديدة في إدارة أسواق النفط بفعالية، خاصة أن أسواق الطاقة الأخرى غير المنظمة Irregulated Markets تشهد تخبطات كبيرة قفزت بالأسعار إلى مستويات فلكية لم تشهدها أسعار النفط إلى الآن، مثل سوق المنتجات البترولية المكررة، وأيضا سعر الغاز الطبيعي المسال الذي وصل إلى مستويات عالية تاريخيا.
أهمية بقاء تحالف “أوبك بلس” يكمن في الحاجة له في ممارسة دورٍ أكبر في قادم الأيام ومن أي وقت مضى، خاصة في ظل عدم اليقين الذي يلف بمؤشرات العرض والطلب – حسب وكالة “أرجوس” في 10 يونيو الماضي – والمخاطر التي لا يُعرف مداها بسبب ضبابية الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية، واستمرارية الحرب على النفط، والذي يزداد ضغطا بسبب تواجد جهات وأصوات في عالم الطاقة ما بين خامدة لا قيمة لها ولا يعتد بها، وفاعلة ولكن غير مؤثرة ولا يعتمد عليها، ومضللة ذات أجندات مشبوهة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال