الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حتما الطبيعة وجمالها تجذب الإنسان بل تصل إلى أن تحمله على السفر برا تاركا رفاهية الطيران وراء ظهره لرحلات أهل الأعمال، وعسى ألّا تتعطل اجتماعاتهم أو تتأخر عن مواعيدها المحددة، وعوضا عن الإنتظار في صالات المطار فقد قطع المسافر جزءا من الأرض في ردهة من الزمن، مستنأنس بهذا الجمال ويسبح بخياله في مناظر تكويناتها المتنوعة الساحرة، فتستوقفه هذه المناظر الجميلة ساعات وهو يقلب نظره في بهجتها ونضارتها مستمتعا في آفاقها المتموجة ونفودها الذهبية البراقة دونها واحات النخيل الخضراء تتعطف الرياح بسعفها، قد يزيده هذا الخيال طاقة وحيوية ويُذهب عنه أسى الانتظار وعناء السفر ومشقته، فيكون بمثابة الاستجمام الروحي والبدني.
وجغرافية المملكة تكتنز مخزونا عظيما لذلك التنوع الطبيعي من بحرها إلى خليجها، وقد ساهمت الدولة -أعزها الله- في الوصول إلى هذا الجمال بشبكة طرق تزيد على 75 ألف كم تربط بين المدن والمحافظات في أرجائها الشاسعة، كما يبلغ إجمالي طول الطرق السريعة العاملة أكثر من 5 آلاف كم، ولهذا تحتل المملكة المرتبة الأولى عالمياً في ترابط الطرق وتشابكها، وهي تثب وثبات في التطور من ضمنها قطاع الطرق والنقل تلبية للمتطلبات المتنامية للسكان أو استعدادا كوجهة سياحية في العالم لجعلها تجربة يمكن تكرارها واختيارها كوجهة أفضل، والنمو الاقتصادي المزدهر ساعد في جودة الحياة للمسافرين، والارتقاء بكافة منظومة النقل والخدمات اللوجستية، وتحسين السلامة العامة على الطرق للمستفيدين من خلال الإسراع بالخطط التي يشارك في مساهمتها القطاع الخاص بشركاته ومؤسساته الوطنية بإنشاء محطات ومجمعات نموذجية لتقديم الخدمة وفق المعايير التي تلبي رضاء المستفيدين، مستبقة في تنفيذها الزيادة الحادة في استخدام المركبات والتي تزداد تدفقا حينا بعد حين، يكون ذروتها وقت المواسم الشريفة في رمضان والحج والعمرة خصوصا بعدما أصبحت موسما طوال العام.
ستكون تجربة ناجحة تترك دعاية إيجابية يكررها مرة أخرى أو ينقلها لغيره تدفعه لاختيارها، بينما لو تم تقديم الخدمات في صورة رديئة وبمجرد الازدحام على هذه الخدمة، كفيل بأن يتراجع المستفيدون عن قرار اختيارهم، وإن كانت المحطات حديثة الإنشاء تطبق اللوائح والمعايير البلدية إلا أن قدرتها الاستيعابية محدودة وأقل من تدفق المركبات سواء المركبات الصغيرة أو الحافلات أو الشاحنات، وتزداد سوءا في المواسم خصوصا في الطرق السريعة التي تكون ممرا لمواطني الدول المجاورة قاصدي الحج والعمرة أو السياحة، فالفرص الذهبية تلوح لكل مستثمر والشركات الوطنية العاملة في مجال البترول لديها الرغبة الأكيدة فيما لو مكنت على التوسع في تقديم خدماتها بصورة تنافسية، وقادرة أن تجعل المحطات ليست مجرد محطات بل واحات تزيد من ساعات مكث نازليها ليستفيدوا من خدماتها المبهرة، في تصاميم تحافظ على تراث الوطن وليست نسخة لصورة واحدة مستهلكة، كما أنه يمكن للشركات أن تستثمر مواقع المحطات للابتكارات الأخرى مثل توليد طاقة الرياح أو مزارع نموذجية لصيقة لتلك المحطات تقدم فيها مشتقاتها الزراعية أو المشتقات الحيوانية ونحوه، أو تشجير حيزها ونطاقها لتلطيف المناخ، وبذلك قد ساهمت في مبادرة السعودية الخضراء بزراعة مليار شجرة، فكم سيكون نصيب كل محطة، وفي مثل هذه الأفكار قد تتاح الفرص لمساهمة الشركات المستثمرة في تحقيق هدف المسئولية الاجتماعية للوطن، لا أعلم سر التباعد للمحطات في الطرق السريعة بين المدن الكبرى في المملكة، ولا أتوقع أنه ضرب من ضروب الاحتكار، ولكن فتح التنافس للشركات الوطنية المساهمة يعجل في توفير تقديم الخدمات وبجودة عالية، على سبيل المثال كم محطة بين الرياض والدمام وبين الرياض ومكة وهكذا، اعتقد أن الحاجة باتت أن تكون الطرق السريعة بين المدن والمدن والمحافظات والمحافظات مشتبكة بالمحطات ومجمعات الخدمة، لا يفصل بينها إلا كيلوات معدودة، الأمر الذي يحقق رفاهية وسلامة المسافر والسائح، فلو التقط صورة للطرق السريعة في الليل من علو لرأينا اشتباك المركبات بعضها ببعض كعقد لؤلؤ، كما أن توفرها يخفف الضغط على مقدمي الخدمة حتى من الناحية الأمنية والسلامة من الحوادث وتعطلات الطرق من قبل سالكيه كإنقطاع الوقود أو بنشر الإطارات ومشكلات أخرى يحدثها ذلك التباعد، فالسعودية اليوم ليست السعودية قبل ثلاثين سنة من حيث النمو السكاني أو من حيث الجذب السياحي..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال