الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في هذا المقال نتناول قضيتنا لولادة طفلين مصابين بمتلازمة داون – في بريطانيا – وكيف حصل الإهمال الطبي، وما التعويض الذي حصل عليه عائلة كل طفل. قبل ذلك، تُعرّف متلازمة داون بأنها نتيجة تغيّر في الكروموسومات، ومن مظاهر ذلك ضعف في القدرات الذهنية والنمو البدني. وللأطفال المصابين بهذه المتلازمة ملامح خاصة في الوجه فهم يتشابهون في الوجوه كالعرق المنغولي، لذا سميت المتلازمة بـ “المنغولية أو الأطفال المنغوليين”، كنظرة عرقية كانت سائدة حينها. وقد كان الطبيب البريطاني جون داون هو أول من اكتشف هذه المتلازمة فسميت باسمة “متلازمة داون” عام 1862 م.
أما القضيتان اللتان نحن بصدد استعراضهما ثم مناقشتهما، فالأولى حصلت في المستشفى الملكي سيتي ساندرلاند حيث ولد طفل بهذه المتلازمة لأم عشرينية وقد تفاجأت بإصابته رغم التزامها بمراجعة المستشفى أثناء الحمل. لذا لم يرض الوالدان بذلك حيث أدركا أنه نتيجة إهمال طبي بعدم الفحص الكامل للجنين أثناء المراجعة، إذ لو حصل ذلك لربما اتخذا قراراً في إجهاضه. ونتيجة لذلك، عرضا الأمر على محام الذي قام بالمفاوضات مع المستشفى مثيراً قضية الإهمال الطبي وما ترتب عليه، وأنه ليس عدلاً أن يتحمّل الوالدان آثار خطأ المستشفى. فتوصلا – في نهاية المطاف – إلى تسوية ماليىة بمبلغ عشرة مليون جنية استرليني لتغطية احتياجات الطفل مدى الحياة.
القضية الثانية كانت في مستشفى وست سسكس West Sussex والتي انتهت بتسوية مالية بمبلغ 13 مليون جنية استرليني نتيجة إهمال المستشفى في ابلاغ عائلة الطفل بإصابته بالمتلازمة. وقد عانا الوالدان من طفلتهما بسبب مشاكلها السلوكية فهي تصرخ دائماً وتعض الآخرين وتنتف أشعارهم وتمضغ الأسلاك وتأكل الخشب وتخدش جلدها وتضع إصبعيها في عينيها وتضرب رأسها في الحائط والارض. مما جعل الوالدان يعرضان أمرها على المحامية جين ويكلي التي اجتمعت بمسؤولي المستشفى وعرضت حالتها المعقدة ومعاناة والديها وأنهما لو علما بإصابتها لاتخذا قراراً بإجهاضها. وبعد مفاوضات، اعترف صندوق الصحة القومي NHS الذي يتبعه المستشفى بالإهمال الطبي بعدم الكشف المبكر عن الإصابة وأنه كان من الممكن اكتشافه مبكراً وإبلاغ الوالدين به في الأسبوع الثالث عشر مثلاً من الحمل. حصلت العائلة على هذا التعويض للآثار المترتبة على الإهمال ومنها أن الطفلة قد فقدت القدرة على التكسب مع انعدام الإحساس بالخطر، وحاجتها الدائمة الى الرعاية الطبية.
وبالتعليق على هاتين القضيتين نجد أنهما يشتركان في أن الإهمال الطبي كان نتيجة عدم الفحص على الجنين أثناء الحمل للتأكد من سلامته من الأمراض الوراثية أو التشوهات الخلقية. في هذا السياق يؤكد نظام مزاولة المهن الصحية في المادة 27 أنه يعد من الخطأ المهني “نقص المتابعة” و “الجهل بامور فنية يُفترض فيمن كان في مثل تخصصه الإلمام بها”. وهنا نلحظ ان نقص المتابعة معتبر، فكيف بعدها أساساً! ومع وضوح هذا التعريف وتحديد الخطأ المهني متى يكون؛ إلا أننا نجد ضياع حقوق بعض العوائل الذين لديهم أطفال بهذه المتلازمة، وذلك عائد إلى ضعف الثقافة بالحقوق بأن المستشفى كان مهملاً في إجراء فحص شامل عن حالة الجنين. ويبقى السؤال، هل تستطيع العوائل التي لديها طفل بمتلازمة داون أو لديه تشوه خلقي في مطالبة المستشفى؟ الإجابة نعم، لديهم فرصة في رفع مطالبة ضد المستشفى بشكل عام والطبيب المعني بالحالة بشكل خاص.
لكن ماذا لو كشف الطبيب إصابة طفلهم بهذه المتلازمة، هل للعائلة حق في طلب الإجهاض؟ نظام مزاولة المهن الصحية – قد صرّح في مادة 22 – جواز ذلك إذا لم يبلغ الجنين 120 يوماً بشرط أن تكون التوصية بإسقاطه صادرة من لجنة طبية مختصة. بل حتى لو جاوز مدة أربعة أشهر فإن يجوز طالما صدرت التوصية من جمع من المتخصصين الموثوقين بوجود ضرر على الأم. ونلحظ أن المادة لم تُشر فيما لو كان الضرر على الجنين في حال خروجه حيّاً، هل ولادته وهو فاقد للعقل وتضرره وعائلته، هل في ذلك مسوّغ لإسقاطه؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال