الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعلن ولي العهد السعودي، رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، الأمير محمد بن سلمان، عن التطلُّعات والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار في المملكة العربية السعودية للعقدين المقبلين، والتي تستند إلى أربع أولويات رئيسة؛ تتمثل في: صحة الإنسان، واستدامة البيئة والاحتياجات الأساسية، والريادة في الطاقة والصناعة، واقتصاديات المستقبل، بما يُعزز من تنافسية المملكة عالميًا وريادتها؛ ويتماشى مع توجُّهات رؤية المملكة 2030 وتعزيز مكانتها كأكبر اقتصاد في المنطقة.
وقال ولي العهد في مستهل الإعلان عن التطلُّعات والأولويات الوطنية: “اعتمدنا تطلُّعات طموحة لقطاع البحث والتطوير والابتكار، لتصبح المملكة من رواد الابتكار في العالم، وسيصل الإنفاق السنوي على القطاع إلى 2.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2040، ليسهم القطاع في تنمية وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال إضافة 60 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2040، واستحداث الآف الوظائف النوعية عالية القيمة في العلوم والتقنية والابتكار، بمشيئة الله”.
هنا تأتي الإشارة إلى أن البحث العلمي يُشكِّل واحداً من أبرز العناصر التي تعوّل عليها «رؤية المملكة 2030» الهادفة إلى نقل الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط، والتحوُّل إلى الاقتصاد المعرفي. فقد بات من المسلّم به عالمياً أن البحث العلمي هو استثمار مجدٍ وطويل الأمد، وحجر الزاوية في بناء أي اقتصاد قائم على الابتكار، وأساس لتوليد معارف جديدة ولاستدامة النمو الاقتصادي وتقوية المنافسة العالمية وخلق صناعات جديدة بالكامل. وعلى الرغم من حداثة عهد البحث العلمي في المملكة مقارنة ببعض دول العالم، فإنه خطا خلال السنوات القليلة الماضية خطوات كبيرة، وضعته في الصف الأول إقليمياً وفي الصفوف الأولى عالمياً.
وتهدف رؤية المملكة 2030 إلى زيادة القدرة التنافسيّة للمملكة وتصنيفات جامعاتها، مما يظهر أهميّة دعم قطاع البحث والتطوير في السعودية. حيث يُعد مجال البحث العلمي والتطوير التقني من الأدوات المهمة التي سوف تسهم في تنفيذ رؤية المملكة العربية السعودية 2030. ويرتبطان بالتنافسية والإنتاجية والاستدامة، ويعتمدان بشكل رئيس على القدرات البشرية، وهي ميزة تتمتع بها السعودية، إضافة إلى وجود بنية تحتية متطورة، كما تنسجم مع سعي السعودية إلى زيادة القيمة المضافة إلى المنتجات، ورفع قدراتها التنافسية دعماً للاقتصاد الوطني.
وهنا تأتي الإشارة إلى أنه ظهر الاهتمام بالبحث العلمي في المملكة بظهور الجامعات الحديثة قبل نحو نصف قرن، غير أنه بعد مسيرة كانت بطيئة في بداياتها، شهد اندفاعاً كبيراً خلال السنوات العشر الماضية. فقد تضاعف عدد البحوث العلمية المنشورة في الدوريات العالمية عدة مرّات، من 1400 بحث فقط في عام 2006م إلى نحو 9000 بحث في عام 2013م. ويُعزى هذا الارتفاع الكبير إلى عوامل عدة، من أهمها:
1-ارتفاع عدد الجامعات في السعودية خلال الفترة نفسها إلى 34 جامعة.
2-اعتماد المملكة في عام 2008م خطة بحثية وطنية بغرض التحوُّل من اقتصاد قائم على النفط، إلى اقتصاد قائم على المعرفة بقيادة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وما شهدته المرحلة الأولى من هذه الخطة من إنشاء معاهد بحثية وجامعات حديثة على أعلى مستوى.
ففي عام 2012م، ظهرت السعودية لأول مرة على الخريطة العالمية للبحث والتطوير في تقرير مجلة «باتيل» وكان هذا هو الظهور الأول لدولة عربية ضمن هذا التقرير.
وفي العام 2011م، أفاد تقرير (تومسون رويترز) لأداء البحث والابتكار في دول مجموعة العشرين أن ملف المملكة في البحث والابتكار ينمو بسرعة هائلة، لكنه لا يزال منخفضاً مقارنة بما يجب أن يكون عليه في دولة من مجموعة العشرين. وأشار التقرير نفسه في موضع آخر إلى أن نسبة سعودة الأبحاث ترتفع باطراد.
وفي شهر أبريل من عام 2016م، صدر «مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية 2016 – المملكة العربية السعودية»، ليكشف أن المملكة أظهرت أعلى معدل نمو في البحوث العلمية عالية الجودة في غرب آسيا، تزامناً مع تصدر الجامعات السعودية الترتيب عربياً في معظم تصنيفات الجامعات العربية.
واستناداً إلى «مؤشر نيتشر»، فقد ازدادت مساهمة المملكة في نشر أوراق البحث العلمي العالي الجودة بمعدل أكبر من أي بلد آخر في غرب آسيا، وحلّ النمو الذي حققته بين عامي 2012 و2015م، والذي قدَّره المؤشر بنسبة 85 %، في المركز الثامن بين أعلى معدلات النمو على مستوى العالم.
أما على صعيد إجمالي مخرجات البحث العلمي، فقد أدى هذا النمو إلى دفع مكانة المملكة ثمانِ درجات إلى الأعلى، من المرتبة التاسعة والثلاثين إلى المرتبة الحادية والثلاثين بين دول العالم، والأولى عربيًا.
ولقد حقق قطاع الأبحاث والتطوير في المملكة العربيّة السعوديّة تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة وهو يتمتع ببعض نقاط القوة الواضحة للغاية، ومن ذلك على سبيل المثال:
ففي عام 2015، أصدرت المملكة العربيّة السعوديّة 763 براءة اختراع ونشرت أكثر من 47000 ورقة علمية ما بين 2013-2015. وقامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إحدى الجهات الفاعلة الرئيسيّة في النظام الإيكولوجي، بتنفيذ الخطة الوطنيّة للعلوم والتقنية والابتكار، هذه الخطة موّلت أكثر من 1852 مشروعًا في العلوم والتقنية، وقدمت دعم للمشاريع يقدر بأكثر من 3,2 مليار ريال سعودي لمشاريع متخصصة في العلوم والتقنية. بينما تمتلك جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وقفًا بقيمة 20 مليار دولار، مما سمح بإنشاء مراكز متخصصة وشراكات صناعيّة وارتفاع معدلات ترخيص البراءات وتسويق المنتجات؛ وجذب أفضل المواهب في جميع أنحاء المملكة العربيّة السعوديّة إلى مراكزها البحثيّة التي يبلغ عددها 10 مراكز. وأنشأت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن شراكة بحثيّة مع معهد ماساتشوستس للتقنية مما أنتج في الفترة ما بين عام 2008 وعام 2016 أكثر من 530 منشورًا، ونشرت جامعة الملك عبد العزيز 157 مقالة ظهرت في دوريات تحظى باحترام كبير في عام 2016. كما يوجد لدى جامعة الملك عبد العزيز مركز التميز في أبحاث الجينوم الطبي، وهو مركز رائد في مجال أبحاث علم الجينوم الطبي في المنطقة الغربيّة للمملكة العربيّة السعوديّة. وأنشأت جامعة الملك سعود 10 مراكز و4 معاهد تدعم برامجها البحثيّة. وقد أطلقت من داخل هذه المراكز العديد من البرامج بما في ذلك برنامج الكراسي البحثيّة، وبرنامج الحائزين على جائزة نوبل، وبرنامج الزمالات العلميّة المتميزة. أصدر المكتب الأمريكي لبراءات الاختراع والعلامات التجاريّة رقمًا قياسيًا من براءات الاختراع (123) لشركة أرامكو، والتي أعلنت أيضًا عن بناء مركز بحثي على أعلى مستوى في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
وفي عام 2020، صنف مؤشر (نيتشر) جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في المرتبة 119 من بين 500 مؤسسة أكاديمية على مستوى العالم. هذا التصنيف يضع كاوست في المرتبة الأولى في المملكة العربية السعودية. وكانت «كاوست» قد صنفت في مؤشر (نيتشر) في المرتبة الأولى في المملكة و18 من بين المؤسسات العالمية البارزة في عدد المقالات عالية الجودة المنشورة في مجال العلوم الطبيعية.
وفي الختام؛ هل لا زال في الحديث بقية؟
نعم لازال في الحديث بقية؛ نتطرق لها في المقال القادم بإذن الله عز وجل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال