الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بجانب العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، يوجد هناك تاريخ طويل من التعاون في المجال الثقافي والتعليمي ونحاول في هذا المقال توثيق بعض المعلومات عن بدايات التعاون التعليمي بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد كان خليل الرواف هو أول سعودي بادر بإقامة نشاط تعليمي داخل الولايات المتحدة، فوفقا لمذكراته التي تحكي قصة حياته المثيرة التي شهدت هجرته للولايات المتحدة عام 1935 واستمر فيها مدة قريبة من الـ14 عامًا؛ حيث افتتح الرواف مدرسة لتعليم اللغة العربية في نيويورك كأول نشاط تعليمي يجمع بين الشعبين السعودي والأمريكي.
غير أنه لم يتم توثيق متى بدأ السعوديون الدراسة في الجامعات الأمريكية بالتحديد حسب تصريح الملحقية الثقافية في أمريكا لوكالة الأنباء السعودية عام 2015، لكن يُعتقد أن عبدالله الطريقي رحمه الله هو أول سعودي يحصل على درجة علمية من الجامعات هناك بعد إنهائه متطلبات الحصول على الماجستير في تخصص الجيولوجيا من جامعة تكساس في أوستن عام 1947، يُضاف أن الطريقي يعتبر أول وزير نفط سعودي، وشارك في تأسيس أوبك.
وفي عام 1948 قامت شركة أرامكو بتحويل 30 طالبًا سعوديًا مبتعث من الشركة من الجامعة الأمريكية في بيروت للدراسة في جامعة تكساس، وفي عام 1952 تخرجت أول دفعة رسمية من الطلاب السعوديين من الجامعات الأمريكية، وكانت تضم 9 طلاب، 6 منهم تخرجوا بدرجة الماجستير والـ3 الباقيين حصلوا على البكالوريوس.
ومنذ ذلك التاريخ تحظى مؤسسات التعليم العالي في أمريكا بثقة المسؤول والمواطن السعودي وكيف لا وهي تتصدر قوائم الجامعات الأكثر جودة على مستوى العالم، لذلك فالبعثات الدراسية السعودية لم تتوقف لأمريكا من نهاية الأربعينيات حتى اليوم.
ويُعتبر عبدالرحمن إبراهيم الجماز أول سعودي قام بإجراء دراسة عن السعوديين في الولايات المتحدة في أطروحته للدكتوراة من جامعة ميتشجان الحكومية عام 1972، وكان عنوان أطروحته: الطلاب السعوديون في الولايات المتحدة: دراسة لمشاكل التكيف الخاصة بهم. وشارك في هذه الدراسة 345 طالبًا سعوديًا كان يدرسون في الجامعات الأمريكية. وبعدها بعام واحد قام الباحث محمد الرشيد بعمل أطروحته أيضاُ في موضوع يتعلق بالطلاب السعوديين هناك لاستكمال الحصول على درجة دكتوراة الفلسفة من جامعة أوكلاهوما. يذكر أن الرشيد أصبح وزيراً للمعارف لاحقاً رحمه الله.
وتراوحت أعداد المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة بين الصعود والهبوط خلال العقود الماضية نظراً لمتغيرات كثيرة، لكن أكبر عدد من الطلاب السعوديين تواجدوا في الولايات المتحدة في القرن الماضي كان في العام الأكاديمي 1979 /1980 حيث بلغ عدد السعوديين الدارسين أكثر من 11 ألف متعلم. بينما يظل عدد الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة السنة الدراسية 2015 /2016 هو الأضخم في التاريخ حيث كان عددهم في مؤسسات التعليم العالي الأمريكية 75205 متعلم بفضل الله ثم بفضل تبني الحكومة برنامج المنح الدراسية الخارجية الذي انطلق عام 2005 تحت مسى برنامج خادم الحرمين الشريفيين للابتعاث الخارجي وهو لا يزال قائمًا، ويعد برنامج خادم الحرمين أكبر برنامج ابتعاث خارجي ممول حكوميًا في التاريخ الإنساني.
ونظرًا لبدء تدفق الطلاب السعوديين لأمريكا وزيادة عددهم بوقت سريع كان هناك حاجة لمكتب سعودي حكومي يرعى الطلاب خلال تواجدهم في الخارج ويتابع شؤونهم الدراسية والاجتماعية فقد افتتح مكتب صغير عام 1951 داخل مندوبية المملكة في الأمم المتحدة ومع زيادة أعداد الدارسين استقل المكتب عن المندوبية واصبح اسمه المكتب الثقافي السعودي في نيويورك سنة 1956. وفي عام 1975 انتقل المكتب التعليمي لمدينة هيوستن نظير زيادة الطلاب وبعدها بثلاثة سنوات تم افتتاح فرع للمكتب التعليمي في كاليفورنيا ثم افتتحت 5 مكاتب فرعية أخرى بعد ذلك.
في عام 1987 تحول المكتب التعليمي إلى مسمى ملحقية ثقافية بعد انتقاله لواشنطن، وألغيت الفروع وفي عام 2011 تم افتتاح مبنى الملحقية الجديد في مدينة فيرفاكس في فرجينيا.
واليوم مع بدء زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة العربية السعودية؛ أكد وزير التعليم د. حمد بن محمد آل الشيخ على أهمية الشراكة والتعاون التعليمي مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات التعليم العام والجامعي والبحث العلمي والابتكار، في ظل العمل على تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
حيث أوضح الوزير مدى اهتمام وزارة التعليم بتعزيز التعاون المستقبلي مع الجانب الأمريكي في النواحي العلمية والتعليمية، خاصة وأن هناك 20,639 طالباً ومتدرباً سعودياً يدرسون في الجامعات والمؤسسات التعليمية الأمريكية وقد بلغ عدد الطلبة السعوديين المتخرجين من الولايات المتحدة الأمريكية خلال الـ 17 سنة الماضية أكثر من 167,729 ألف طالب وطالبة، منوهاً بأهمية الابتعاث في تزويد الطلاب والطالبات بالمعارف والمهارات التي تؤهلهم للمنافسة في سوق العمل محلياً ودولياً في ظل استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين التي أطلقها سمو ولي العهد.
وكما أشار إلى سعي وزارة التعليم إلى تعزيز استفادة الطلبة السعوديين من خلال توقيع مذكرات تفاهم للتعاون العلمي والبحثي بين الجامعات السعودية ونظيراتها الأمريكية لدعم البحث العلمي والابتكار، وكذلك تشجيع العلاقات المباشرة بين جامعات البلدين للتعاون عبر الفرق البحثية المشتركة، وتبادل المنح الطلابية، إضافة إلى زيادة التعاون في مجال قبول الطلاب السعوديين في الجامعات الأمريكية الرائدة في مختلف التخصصات العلمية، حيث تأتي مجالات الهندسة والصحة والإدارة وتقنية المعلومات واللغة الإنجليزية والقانون كأكثر التخصصات التي يدرسها الطلبة السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف معاليه أن المملكة ممثلة بوزارة التعليم تقدم 318 منحة سنوية للطلبة الأمريكيين، ويدرس في المملكة حالياً أكثر من 167 طالباً وطالبة، وأشار معالي وزير التعليم إلى أن الشراكة بين جامعات المملكة والجامعات الأمريكية شهدت توقيع 289 اتفاقية منها 125 اتفاقية للتعاون العلمي والبحثي، وكذلك 38 مذكرة تفاهم، وكذلك 6 برامج تنفيذية لتدريب الطلاب والطلاب وتبادل الخبرات البحثية والأكاديمية، إضافة إلى توقيع 120 عقداً للخدمات.
وفي الختام؛ نشير إلى أن التعاون التعليمي بين المملكة العربية والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية هو تعاون ممتد وطويل وله تاريخ كما اشرنا في هذا المقال، وهو تعاون متبادل تنوعت عوائده بين التعليمية، البحثية، الاقتصادية، الابتكار، والتطوير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال