الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أشارت بيانات الهيئة العامة للإحصاء إلى أن قرابة ٣٦٪ من سكان المملكة وافدون وهذا الأمر معتاد وطبيعي في المملكة بشكل عام منذ اكتشاف البترول وما تبع ذلك من نهضة على كافة الأصعدة بفعل العوائد البترولية التي حفزت تدفق العاملين الأجانب للمملكة وعلى مدى عقود تأقلم السعوديون على رؤية الأجنبي كجزء من الحياة اليومية في التموينات وفي المخبز والفوال وفي محطات البنزين وفي محال السباكة وورش صيانة السيارات وغيرها.
نعم وجود أكثر من ١٢ مليون أجنبي داخل المملكة أمر طبيعي لكن ذلك لا يعني أننا لا نواجه مشكلة بل مشكلتنا أننا اعتدنا الفوضى وكما يقول المثل الإنجليزي “الفوضى المعتادة مُريحة”.
شخصياً، لستُ مرتاحاً على الإطلاق ليس للوجود الأجنبي بل لنوعية هذا الوجود والأثر الاقتصادي والاجتماعي بالذات لهذا الوجود إذا ما أدركنا أن أكثر من ٨٠٪ من هؤلاء الوافدين قادمون من دول تعاني من الفقر والجهل وهذان الأمران كفيلان بالسقوط بمعايير الذوق العام في أي مكان بالعالم فلا يمكنك أن تطالب من يعيشون تحت خط الفقر بالاستحمام اليومي مثلاً أو حتى وضع القمامة في مكانها الغير موجود في الأساس!
لا يمكن لك أن تقوم بتغيير إعدادات هذا النوع من العمالة بمجرد هبوطهم في مطارات المملكة فالعادات القديمة تموت بصعوبة كما أن الثقافة والوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلدانهم أمور لا يمكن فعل شيء حيالها. هؤلاء البشر أو الضيوف علينا يعملون لدينا ويساهمون بتحويلاتهم المليارية شهرياً في تحسين أوضاع أسرهم ويشاركوننا الحياة على هذه الأرض المباركة وبلا شك يؤثرون ويتأثرون، لكن السؤال كيف يمكن لنا قياس مدى ذلك التأثير اجتماعياً وكلفة ذلك التأثير الاجتماعي على الاقتصاد بالمحصلة؟
لست مختصاً ولا متبحراً بطرق الإحصاء وآلية تحليل البيانات للإجابة على هذا السؤال لكن دعني أستخدم الواقعية وضرب الأمثال للناس من واقعنا المعاش لعلهم يدركون حجم المشكلة رغم يقيني التام أن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، فخذ مثالاً أن الدولة مشكورة قامت برصف أحد الشوارع في حينا قبل ثلاثة سنوات بشكل فائق الروعة والجمال مما غير من شكل الحي برمته للأفضل ولا أنكر أنني احتفلت بهذه الأنسنة في حينا بعلبة صودا باردة من أحد تموينات ذلك الشارع. بعد أيام قليلة بدأ أحد العمالة ممن يسكنون فوق محال ذلك الشارع بركن سيارته (الوانيت) فوق الرصيف الجميل، شيئاً فشيئاً تطور الوضع ليصبح الوانيت (دينا)، شهور قليلة حتى يصبح الرصيف سوقاً للعمالة المنفلتة الجاهزة لعمل أي مهنة وهنا انتهت أنسنة ذلك الشارع وبدأت حيونة الحي من قطط وكلاب بالأكل من نفايات هذه العمالة الممتدة على طول الرصيف الذي تلف جزء منه بسبب الركن فوقه من الوافدين وحتى المواطنين لاحقاً للأمانة التاريخية تحت بند “خربان يخرب”.
ختاماً، معظم هؤلاء العمالة يؤدون مهن حرفية لا تستهوي السعوديين بكل شفافية ولا يمكن إحلالهم بها لكن يمكن إحلالها بعمالة أخرى تحترم الذوق العام والثقافة وعلى قدر عالٍ من الانضباط واحترام النظام ويمكن ذلك بالرجوع لسجلات الأجهزة الأمنية وبقية الأجهزة ذات العلاقة واستقاء البيانات التي تسهم بحل هذه المشكلة، كما يمكن دراسة مسألة إنشاء مدن العمال الخاضعة لتنظيم وإشراف الدولة بالشراكة مع أرباب هؤلاء العمالة بأعلى معايير السلامة والعيش الكريم والبرامج التثقيفية المستدامة التي قد تجعل من هذه العمالة عناصر بناءة ومنتجة في المجتمع ولا مانع من الاستفادة من خبرات من سبقونا بهذه التجارب فليس من المعقول أن يستمر ثلث سكان المملكة ثلثاً خالياً من الإلتزام ومعطلاً للارتقاء بجودة الحياة وكل مشروع نهضوي يليق بمكانة المملكة عالمياً وإقليمياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال