الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعرف أغلبنا قصة الطائرة ” دوغلاس دي سي داكوتا ” ، والتي أهداها الرئيس الأمريكي روزفلت إلى جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود ، عند لقائهما الأول على متن السفينة الحربية في قناة السويس في عام ١٩٤٥م .
لكن ما لا يعلمه أغلب الناس أن الهدية الملكية كانت نتيجة إصرار رجل أمريكي يدعى الدكتور هاري سنايدر ، الذي تلقى رسالة من البيت الأبيض الأمريكي عندما كان يعمل مستشارا في إدارة الشؤون العربية بوزارة الخارجية . طلب البيت الأبيض في الرسالة اقتراح هدية ملكية يقدمها الرئيس الأمريكي بمناسبة لقائه التاريخي مع الملك عبدالعزيز ، فكان الرد إهداء طائرة مدنية للملك عبدالعزيز. أتى الرفض مباشرة من البيت الأبيض لتجاوز قيمة طائرة الميزانية المخصصة للهدية .!
لكن الدكتور هاري سنايدر ظل مُصرا على الهدية نفسها .. فقد كان رجلا ذا بصيرة ثاقبة وبعد في النظر .. لقد رأى المملكة وهي مملؤة بالكثبان الرملية أكثر من أي شيء آخر ، دون أن تتوافر فيها حتى وسائل المواصلات البدائية ، فأدرك أن هذه الهدية بعينها سوف يكون لها شأن ومستقبل في بلد منطلقة على دروب التطور والتنمية كالصاروخ .
عاد الدكتور سنايدر مجدداً إلى رئيسه ليعرض عليه المقترح بأسلوب جديد .. وهو أن مصنع ” دوغلاس” لديه عدد فائض من الطائرات ناقلة الجنود من نوع C-47 ، وبما أن الحرب العالمية الثانية قد انتهت، فلم لا يستعير البيت الأبيض إحدى تلك الطائرات ويسدد قيمتها لاحقاً لوزارة الدفاع عندما يتوافر لديه المبلغ كاملا .
بهذا المقترح استطاع سنايدر أن يحصل على موافقة البيت الأبيض ، والذي بدوره أبلغ شركة دوغلاس بتحويل المقصورة الداخلية لإحدى تلك الطائرات إلى مجلس ملكي . بلغت قيمة الهدية الملكية ٨٥٠٠٠ دولار ، غير أن المضحك في الأمر هو أنه وعند تقاعد الدكتور هاري سنايدر تسلم رسالة من البنتاغون في واشنطن من باب الدعابة ، مفادها أن البيت الأبيض لم يقم بدفع قيمة الهدية الملكية بعد مرور ٣٠ سنة على الأمر ، وأن الخزانة الأمريكية تطالبه بمبلغ ٣٥٠٠٠٠ دولار قيمة الطائرة وفوائد كل تلك السنين .!
لقد كانت نتيجة هذه الهدية تأسيس أول أسطول طيران مدني في المملكة والذي بات يدعى بالخطوط السعودية ، حيث وجه الملك عبدالعزيز في نفس العام الذي تلقى فيه الطائرة من الرئيس الأمريكي بشراء طائرتين أخريين من نفس النوع لتنضما أيضا إلى أسطول الخطوط السعودية، حتى إن الطائرة الملكية نفسها قدمها الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى أسطول الخطوط السعودية في وقت لاحق، وتم تشغيلها عدة سنوات إلى أن حان موعد إخراجها من الخدمة بعد تسجيلها ٣٢٠٠٠ ساعة طيران .
نحن في قطاع الطيران مدينون للدكتور هاري سنايدر ، فلولا فكرته أولا وإصراره ثانيا لما كنا بدأنا رحلتنا في عالم الطيران منذ 1945م .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال