الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المتابع للشأن السياسي يرى أن الأمريكان خاضوا حروب عديدة وعلى مر العصور منذ الحرب الأهلية عام 1860م ومرورًا بالحرب الباردة وإلى يومنا هذا حيث لا ينازعهم أحد على زعامة القوة العسكرية والاستخباراتية بالعالم. بالمقابل نرى أن الصين أخذت خط، ومنهج مختلف في ذلك ورؤيتها للأمور تختلف للزعامة حيث توجهت إلى العنصر التكنولوجي وإبراز دور الشركات الصينية وريادتها في عالم الابداع في مختلف بقاع الأرض. الأمريكان يعلمون ويدركون خطر الصينيين والأمريكان أذكياء من الناحية هذه حيث يعملون بذكاء للحد من دور الصين وتحجيمه وعدم التقدم والتسارع للأمام. نعلم تمامًا أن الأمريكان لن يتخلوا عن زعامة النظام العالمي وخاصة النظام النقدي العالمي بسهولة إلا عن طريق حرب.
لا شك أنّ الصين دولة صاعدة وقوتها في نمو متسارع للزعامة بجميع المجالات وهم ليسوا أغبياء لكن يعملون بصمت ولا يسعون للمواجهة والصدام مع الآخرين كبعض الدول الأخرى والتي ترى أن القرار العسكري هو الخيار المناسب. الصينيون يحسبون خطواتهم بحذر ويراوغون ولا يعلنون نواياهم للعامة. مرت الصين خلال السبعين سنة الماضية بثلاث مراحل ساهمت في تقدم الصين وهي المرحلة الأولى التثبيت والمواجهة(1949- 1976) وتعتمد على اقامة جمهورية الصين الشعبية والتخطيط بمركزية واتباع الخطط الممنهجة وبعدها المرحلة الثانية وهي مرحلة الإصلاح والانفتاح ( 1978- 2013) وتعتمد على إعادة هيكلة النظام الاقتصادي القائم في البلاد وتحسين الإنتاج ورفع مستوى حياة الناس وأما المرحلة الثالثة وهي مرحلة الرسوخ والانطلاق (2013 -2050) وتعتمد على تحقيق الحلم الصيني وهي تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وهي التي لن تتحقق إلا في عام 2050 كما تم رسمه وهو اكتمال المخطط الصيني لتصبح الصين ” دولة اشتراكية حديثة قوية ،ومزدهرة ،وديموقراطية ،ومتحضرة، ومتناغمة ،وجميلة” .
بالمقابل الأمريكان يدركون الخطر الصيني ويعملون على زعزعة وتأخير تحقيق الأهداف الصينية عن طريق وسائل كثيرة وأسلحة اقتصادية عديدة ومنها الضرائب، والجمارك وخفض العملات. الأمريكان يدركون ان الحرب التجارية مع الصين هي بالمقام الأول حرب تكنولوجيا وأيضا لديهم مخاوف وأسباب أخرى أثرت على الحياة الاقتصادية الأمريكية مثل الحصر 1) زيادة العجز التجاري 2) فقدان أمريكا الى ما يقارب 6 مليون وظيفة في مجالات عدة وابرزها التصنيع وذلك بسبب تفوق الصين كأكبر منتج ،ومصدر 3) الممارسات الغير عادلة وسرقة حقوق الملكية الفكرية من قبل الصينيين 4) فشل النظام التعليمي الأمريكي وعلى حسب الخبراء في رفع مستوى الخريجين كقوى عاملة بما يوازي ويتماشى مع التقدم التكنولوجي الحاصل والانفتاح في العالم.
أخيرًا، الصينيين يعملون بصمت وفي تقدم وخاصة في الأراضي الأفريقية (كتبت مقال في هذا الخصوص في صحيفة مال بتاريخ 31 يوليو 2020 بعنوان الشراسة الصينية في الأراضي الأفريقية) لكن الأمريكان يسعون للحرب التجارية مع الصين ومحاولة عرقلة التقدم الصيني كما هو مخطط له فصراع القوة والهيمنة الناعمة بين الصين وامريكا له عدة نتائج ولكن المشكلة أنَّ الحروب بين الدول العظمى لها آثار وهذه الآثار يمكن التكهن والتنبؤ بها على المدى القصير لكن من الصعب التنبؤ بها على المدى المتوسط ،والطويل والذي بدوره سوف يؤثر على الدول الأخرى وخاصة الدول النامية. الأكيد أن الدول الكبرى والعظمى تسعى للدفاع عن مصالحها من خلال إقامة نظام دولي وفقًا لقيمها الخاصة والتي تساعدها على تزعم العالم من خلال النظام الدولي مما يجعل العالم يشاهد بترقب بين مؤيد ومتخوف ولكن يبقي المستقبل قيد المعالجة ….!!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال