الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشكل القيادة محوراً مهما ترتكز عليه مختلف النشاطات في المنظمات العامة والخاصة على حد سواء، وفي ظل تنامي المنظمات وكبر حجمها وتشعب أعمالها وتعقدها وتنوع العلاقات الداخلية وتشابكها وتأثرها بالبيئة الخارجية من مؤثرات سياسية واقتصادية واجتماعية، هذه أمور تستدعي مواصلة البحث والاستمرار في إحداث التغيير والتطوير، وهذه مهمة لا تتحقق إلا في ظل قيادة إبداعية فاعلة.
حيث دعا القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الإبداع في عدة مواطن، منها قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) سورة البقرة آية 148، وفي الإبداع قيادة وإمامة، حثنا عليها الله عز وجل عندما جعل ذلك مطمح عباده المتقين، عندما يدعونه مبتهلين في قوله (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) القرآن الكريم، سورة الفرقان، آية 74.
ومن مبادئ الإبداع الفكر والتفكر. والقرآن الكريم مليء بالدعوة إلى إعمال العقل بالتدبر والتفكر في عدة آيات، منها قوله تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) سورة الأنعام، آية 50، ومن متطلبات الإبداع الدقة والتحدي وأداتهما الدليل والبرهان، والقرآن ينادي: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) سورة البقرة آية111، كما أن القياس والمقارنة من مهارات الإبداع والقرآن الكريم أشار إلى ذلك في قوله: ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ ) سورة فاطر آية ١٩-٢١ ،وإن من ألد خصوم الإبداع التبعية والتقليد، وقد ذمها وعابها القرآن الكريم في قوله: ( كَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) سورة الزخرف آية 23-24، كما أن من أهم عوائق الإبداع الخوف من الفشل والخشية من الإخفاق، ففي فسحة الاجتهاد ما يبدد المخاوف، ويزيل القلق، فإعمال الفكر والاجتهاد في النظر من واجب المسلم، وعليه الابتهال بالدعاء قال تعالى (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ ) سورة البقرة آية 286.
وبناءً على ما سبق؛ يمكن القول بأن متطلبات الإبداع مذكورة في ثنايا القرآن الكريم، وكل ما يحد من ملكة الإبداع، ويعوقه جاء التحذير منه والتنبيه عليه.
إن أساليب إدارة الأمس لا تصلح لإدارة اليوم والغـد ، وإن الإدارة الفاعلـة لـلأداء تقضي بأن أساليب اختيار وإعداد القادة يجب أن تختلف لتأخذ كل ما تقدم بالاعتبار ، فالهدف هو إعادة تشكيل قدرات وتوجهات ورؤى المديرين والرؤساء في المنظمات ليتحولوا إلى إبداعيين ملهمين ، وأن يعاد صياغة سياسات الاختيار والتدريب والتطوير والمسار الوظيفي إلى قيادة إبداعية مؤثرة تحقق أقصى إفادة من الموارد البشرية في المؤسسات باعتبارها رأس المال الفكري ، ومـن ثـم باعتبارهـا ذخيـرة القدرة الإبداعيـة التنافسية للمنظمات ، ولن يقتصر الأمر فقط في الحاجة للقادة الأكفاء على الشركات في قطاع الأعمال ، بل أن المنظمات الحكومية والعامة تحتاج وبشدة لإحلال الأسلوب التقليدي الشائع في العديد منها بإدارة تتحلى بالابتكار وتزرعه وتنميه في الموظفين ، وقد بـات ذلـك ضرورياً وحتمياً لأن كافة دول العالم من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه باتت تتنافس على مغازلـة المستثمرين لجذب استثماراتهم ، لكن الاستثمارات لا تأتي إلا حيث تجـد جهـازاً حكوميـاً رشيفاً ، صديقاً للمستثمر ، وميسراً له ، يتحلى بالابتكارية ، مطوراً للخدمة ، محسناً للجودة ، مخفضاً للتكلفة وساعياً لتعزيز قدرته التنافسية ، لذلك أصبحت القيادة الإبداعية حتمية ليس فقط في الشركات بل أيضاً في المنظمات الحكومية.
أن القيادة الإبداعية هي أسلوب للقيادة يقوم على مفهوم العمل التعاوني لتطوير الأفكار المبتكرة، يميل أولئك الذين يستخدمون القيادة الإبداعية إلى القيام بذلك من خلال تهيئة الظروف التي تعزز الإبداع والابتكار ، يستخدم مصطلح القيادة الإبداعية بشكل شائع في الدراسات التنظيمية وتمت الإشارة إليه لأول مرة في عام 1957، وفي السنوات الأخيرة ، كانت هناك زيادة كبيرة في الأبحاث المتعلقة بالقيادة الإبداعية والابتكارية كما تم استخدام المصطلح بشكل متزايد في الوقت الحالي .
في عام 2010 ، أشارت نتائج دراسة IBM Global CEO Study أنه وفقًا للرؤساء التنفيذيين الذين تم استطلاع آرائهم ، كان الإبداع هو أهم جودة للقادة لبناء أعمال ناجحة ، وتفوق النزاهة والتفكير العالمي، وقد وجد مزيد من الأبحاث أنه على الرغم من أن المنظمات قد تدعي أنها تقدر القيادة الإبداعية ، فإن غالبية تلك المنظمات تميل إلى تعزيز القادة الذين لا يتبنون القيادة الإبداعية ، وبدلاً من ذلك يتجنبون المخاطر ويحافظون على الوضع الراهن.
القيادة الإبداعية هي تلك الممارسة القيادية التي تعتمد على تحقيق اعلى معايير الجودة والأداء المهني باستخدام المؤهلات والمهارات والخبرات لتحقيق الاهداف الاستراتيجية والاستشرافية عبر استخدام الحوكمة ووسائل القدح الوظيفي واستخراج القدرات الكامنة المخزونة لدى الموظفين وتطويعها لتحقيق الإنتاج المسؤول بما يتميز على المنافسين والحلفاء الاستراتيجيين للمؤسسة عبر استخدام عناصر الذكاء العاطفي، حيث أن القيادة الإبداعية هي القدرة على إنشاء وتحقيق حلول مبتكرة خاصة في مواجهة المواقف المعقدة هيكليًا أو المتغيرة.
صفات القيادة الإبداعية:
أساليب قيادية إبداعية :
صعوبات تقف أمام القيادة الإبداعية :
أصبحت الآن القيادة الإبداعية مطلب استراتيجي لأنها هي أساس الإبداع والابتكار ، فمن خلال إيمانهـا بأهمية الإبداع تسعى جاهدة إلى زراعته في الأفراد وتشجعه وتخلق الجو المناسب للإبـداع ، فلا يمكن إيجاد بيئة مبتكرة ومبدعة في ظل وجود قيادة لا تؤمن بالتطوير والتغيير والتجديد ، فالمنظمة التي تسعى إلى التجديد والتطوير والابتكار فإنها تحتاج إلى قائد تتوفر فيه صـفات الإبداع والابتكار ، بل أنه يستطيع أن يبني وينقل تلك الصفات إلى مرؤوسيه ، وخاصة في ظل التحولات السريعة التي تعيشها المنظمات والتي فرضتها ظاهرة العولمة ، وما نجم عنها من تسارع تكنولوجي وانفجار معرفي واشتداد في المنافسة على المستويين المحلي والعالمي ، وبغرض التكيف مع المتغيرات المحيطة وتحقيق التميز في الأداء المؤسسي ، كان من الضروري عليها التركيز على الرأسمال الفكري وبالذات على العنصر البشري والذي يمثل اليوم الأساس في القيادة الإبداعية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال