الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حتى الآن لا تبدو زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة خلال الايام المقبلة الى السعودية، أنها تحمل أجندة واضحة أو جدول أعمال، ومنذ إعلان السعودية أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيزور المملكة بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز يومي 15 و16 من يوليو الجاري، منذ لك الوقت وقبلها بأشهر، التصريحات الأمريكية وخاصة الصادرة من المكتب البيضاوي، تأتي عكس ما هو متوقع وكلها تصب في افتعال أزمة دبلوماسية بين البلدين، حتى أن الرئيس الأمريكي كان يقود بنفسه هذه التصريحات الغير مسؤولة أو انه يتحدث في غير وعيه.
فمرة يقول انه سيزور السعودية ولن يلتقي بالملك سلمان ولا ولي العهد، ومرة يقول انه غير مهتم بهذه الزيارة، احترنا ماهي الرسالة التي يريد إيصالها الرئيس بايدن لمنطقة الشرق الأوسط ودول الخليج. خلال زيارته المقبلة.
حتى مقالته الأخيرة التي نشرت في الواشنطن بوست قال بايدن “أعرف أنّ هناك كثيرين ممّن لا يتّفقون مع قراري السّفر إلى السعوديّة” وبالتالي يظهر لنا انه غير مقتنع والنتائج المرجوة من هذه الزيارة ضعيفة، وفي تصريح مستفز أيضا يقول “عكسنا سياسة الشيك على بياض التي ورثناها” في إشارة لخصه اللدود “ترمب” الذي كان افتتح أولى زياراته الخارجية الى السعودية وعلاقته القوية التي أسفرت العديد من الصفقات والشراكات في مختلف المجالات.
ويرى بايدن أن ترمب تغاضى عن حادثة مقتل جمال خاشقجي، مع أن هذا الحادث حظي باهتمام اعلى سلطة في المملكة وكانت التحقيقات حول هذا الحادث مكشوفة وجرى الإعلان عن المتهمين والمتورطين وإيقاف وحبس من ادينوا، بل ان محاكمتهم كانت امام دبلوماسيين من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن ومعهم ممثل من السفارة التركية. وانتهت القضية بتنازل أبناء الفقيد عن قتلة والدهم، بدون أي إكراه أو ضغط، وإغلاق ملف القضية سواء في السعودية وتركيا.
إثارة هذا الموضوع دائما سواء من قبل مؤسسات حقوقية في أمريكا هو فقط من اجل استفزاز السعودية وابتزازها، فكما ذكر سمو ولي العهد هناك مجموعة من الصحفيين قتلوا في ذلك العام، لم يذكرهم احد. هذا الابتزاز أشبه بملف حادثة 11 سبتمبر الذي مارست فيه الولايات المتحدة الأمريكية مختلف أنواع الابتزاز، وبقيت تلوح بكشف وثائق التحقيق في هجمات 11 سبتمبر، ظنا منها أنها ستلوي يد السعودية بتهديدها بكشف الوثائق، الرد السعودي جاء قويا على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان حينما قال “أن السعودية سترحب بكل الوثائق المتعلقة بتحقيقات هجمات 11 سبتمبر” وترحب بأهمية نشر مثل هذه الوثائق.
زيارة بايدن الى السعودية في هذا التوقيت المهم وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، والارتفاع المتزايد لأسعار الطاقة في دول أوروبا وانعكاساتها على دول أسيا وأفريقيا، وادت ارتفاع أسعار الوقود في سيريلانكا الى هروب رئيس الدولة خارج البلاد فيما وعد رئيس الوزراء التنحي من منصبه، وعصفت أزمة أوكرانيا الى ارتفاع نسبة التضخم في معظم الدول ومنها أمريكا وأوروبا حيث وصلت في بريطانيا 9 في المائة، أما في الولايات المتحدة الأمريكية، تقترب من 9 في المائة، وبالتالي فان زيارة بايدن الى السعودية تستهدف بالدرجة تخفيض نسبة التضخم ووقف نزيف البطالة وارتفاع أسعار الطاقة فضلا عن تأثر بلاده نتيجة الضغط على روسيا وفرض المزيد من العقوبات.
ويريد من السعودية أن تضخ المزيد من براميل النفط في الأسواق العالمية، وكلنا نعلم أن السعودية رفعت إنتاجها من النفط هذا العام الى اكثر من 10 ملايين برميل يوميا، وهي تتجه لرفع إنتاج النفط الى اكثر من 13 مليون و400 الف برميل يوميا بحلول عام 2027، ما يؤكد رغبة السعودية الى توفير الوقود في الأسواق العالمية بما يلبي احتياجاتها، واستقرار أسعارها، ويريد بايدن من زيارته أن تقف السعودية في صف الولايات المتحدة الأمريكية في ممارسة الضغط الاقتصادي على روسيا،
منذ اندلاع الحرب، والمعلوم أن موقف السعودية واضح من هذه الأزمة، حينما اكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، دعم الجهود التي تؤدي الى حل سياسي يؤدي الى إنهاء الأزمة ويحقق الأمن والاستقرار، كما اكد على استعداد السعودية لبذل الجهود للوساطة بين كل الأطراف.
لذا على الخليجيون ألا يرفعوا سقف التوقعات من زيارة الرئيس الأمريكي، الذي سوف يسعى بالدرجة لتحقيق مصالح بلاده ومواطنيه، ولن يهمه الوضع في اليمن وسيطرة الحوثيين، ولا ايران وسعيها الى تحقيق المزيد من المتقدم في صناعتها لتخصيب اليورانيوم والقنبلة النووية، وهذا الأمر يفيد أمريكا أن تجعل المنطقة دائما على صفيح ساخن من التوتر، وربما يسعى بشكل غير مباشر الى فرض التعاون مع إسرائيل تدريجيا وزرعها في المنطقة كحارس مهم لمواجهة ايران.
لقاء جدة سيكون مهما للرئيس الأمريكي اكثر من الجانب السعودية، وهذا الاعتقاد سببه أن الجانب الأمريكي استمر في استفزاز السعوديين قبل اللقاء بعدد هائل من التصريحات من الرئيس الأمريكي نفسه وان كان قد عدل في لهجته قليلا عبر مقاله في الواشنطن بوست الأخير، حينما قال “عندما ألتقي بالقادة السعوديين يوم الجمعة سيكون هدفي هو تعزيز شراكة استراتيجية للمضي قدمًا تستند إلى المصالح والمسؤوليات المشتركة مع التمسك أيضًا بالقيم الأمريكية الأساسية” مشيرا الى أن وظيفته هي “الحفاظ على بلده قويًا وآمنًا، وعلى بلاده مواجهة الروسي، ووضع البلاد في أفضل وضع ممكن للتغلب على الصين، والعمل من أجل استقرار أكبر في منطقة لها اثر على العالم”.
في المقابل على الرغم من هذه التصريحات المتناقضة والعجيبة التي صدرت من الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ إعلان السعودية انه سيزور المملكة للقاء العاهل السعودي، لم تصدر أي تعليقات من مسؤولين حكوميين سعوديين أو أي جهة رسمية رد لتصريحاته أو تعليق، بل يراقبون بصمت، يهمهم بالدرجة الأولى حينما يلتقي الطرفان ماذا يحمل كل منهم في ملفه، والسعودية بالتأكيد حضرت لهذا اللقاء، ولكل المفاجأة، والسعودية اليوم ليست تلك السعودية قبل 7 سنوات، موازين اللعب السياسي والاقتصادي لدى السعوديين تغيرت كثيرا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال